تابعنا
يُعرف الإنهاك الحراري بأنّه حالة تحدث عند تَعرُّض الجسم للحرارة الزائدة عندما يصاحبها ارتفاع في درجات الرطوبة وممارسة نشاط بدني شاقّ، وهو واحد من الأمراض الثلاثة المتعلقة بالحرارة.

بأكثر من 5 درجات مئوية عن معدلاتها الاعتيادية، يبدأ كثير من الدول صيفاً شديد الحرارة، وسط مخاوف من أضرار التعرّض للشمس المباشرة التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ما عطّل العمل في بعض الأيام حفاظاً على سلامة الموظفين خوفاً من تَعرُّضهم لضربات شمس أو للإنهاك الحراري على أقل تقدير.

وتوضح الخرائط الجوية أن الكتلة الحارة هذه سوف تجتاح مصر والكويت والعراق وشمال السعودية بالإضافة إلى منطقة بلاد الشام اعتباراً من نهاية الأسبوع الحالي.

وتتوقع هيئات الأرصاد أن تتجاوز درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت)، وسط تحذيرات تحمل شارة الّلون الأحمر لمدن أوروبية عدّة.

فما الإنهاك الحراري الذي قد يُصيب البعض في الأيام القادمة؟ وكيف نتجاوز هذه الموجة الحارّة دون أن نتعرَّض له؟

الإنهاك الحراري وأعراضه

يُعرف الإنهاك الحراري بأنّه حالة تحدث عند تَعرُّض الجسم للحرارة الزائدة عندما يصاحبها ارتفاع في درجات الرطوبة وممارسة نشاط بدني شاقّ، وهو واحد من الأمراض الثلاثة المتعلقة بالحرارة.

ويعد أسوأ من التقلصات الحرارية، وأقلّ خطراً من التعرض لضربة شمس التي قد تؤدِّي إلى الوفاة، كما تشمل أعراضه التعرق بغزارة وتسارع نبضات القلب.

وحول ذلك، يلفت استشاري الحميات والأمراض المُعدية الدكتور سمير عنتر، إلى نقطة مهمة، وهي أنّ الإنهاك الحراري يحدث بلا تَعرُّض للشمس المباشرة.

ويوضح لـTRT عربي، أنّ التعرّض للشمس مباشرةً لساعات دون تغطية الرأس ودون احتياطات معينة غالباً ما يؤدي لضربة شمس، أمّا الإنهاك الحراري فيحدث للإنسان في مكان مغلق أو مظلَّل لكنه يتعرّض لانبعاث حرارة شديد ومتواصل في هذا المكان، بسبب ظروف عمله، مثل العمال في المناجم ومصانع الحديد وسائقي الشاحنات الكبيرة والعاملين في المطاعم، ما يعني مواجهة حرارة كبيرة منبعثة من أفران أو آلات إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة في الخارج.

ويضيف الدكتور عنتر، المدير الأسبق لمستشفى "حميات إمبابة" بمصر، أنّ المكان المغلق الذي تنبعث فيه الحرارة باستمرار، فيما ترتفع الحرارة بالخارج أيضاً يخلق بيئة غير مناسبة لأي كائن حي، فالجسد يتراخى ويحدث تكاسل وعدم تركيز وتشوش في الرؤية والسمع، والإحساس بالتعرّق والدوخة وسرعة النبض، وقد يصل هذا التداعي بالجسد إلى النوم أو فقدان الوعي لا إلى الموت.

إرشادات صحيّة

ولتجنب التعرض للإنهاك الحراري ينصح الدكتور عنتر بتخفيف من الملابس، وشرب سوائل كثيرة، ورش الجسد بالماء في مكان العمل أو الاستحمام بماء فاتر في المنزل، والأهمّ تهوية المكان بالمراوح أو المبردات الهوائية.

ويجب أخذ فترات راحة بعيداً عن الآلات التي تنبعث منها الحرارة في أماكن العمل، لا سيّما لكبار السن ومرضى السكر والقلب، ومصابي مرض الكبد المزمن والكُلى، وذوي الإعاقة الذهنية، ومُتلقي علاج الأورام والأمهات الحوامل، والرُّضع حتى عمر سنتين، وفق عنتر.

ويبدو أنّ أسلوب الحياة سيتغير، وأصبح من المهمّ أخذ تلك الاحتياطات، ليس فقط في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط، بل على مستوى دول العالم، إذ أصبح الاحترار العالمي واقعاً يعيشه سكان الأرض.

وبدأ الاحترار العالمي بالظهور خلال منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ليصبح العقد الأول من القرن الحالي الأكثر دفئاً على الإطلاق، حسب تقرير لموقع "ساينس أليرت"، ونقل الموقع عن علماء وخبراء تحذيرهم من أنّ الحرارة عام 2024 سترتفع على الأرجح إلى مستوى جديد.

ولفت التقرير إلى أنّه "لسوء حظ كوكب الأرض، فإنّ بعض الدول -لا سيّما الصين والهند- مستمرة في استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري وتتوسع في بنائها، ممّا يضيّع المكاسب البيئية التي تحققت في أماكن أخرى من الكوكب الأزرق".

ويتزامن هذا التقرير مع تحذير أعلنت عنه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، من بدء ظاهرة "النينيو" المناخية، التي تنتج عن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر في العالم، والتي وصلت إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

مخاطر ضربة الشمس

وينتج عن حرارة الجسم مع حرارة البيئة "درجة الحرارة الداخلية"، ويحتاج الجسم إلى تنظيم اكتساب الحرارة في الطقس الحار أو فقدانها في الطقس البارد، لإبقاء الحرارة الداخلية طبيعية بمعدل 37 مئوية (98.6 فهرنهايت).

ويشير أستاذ الأمراض الباطنية الدكتور محمد سالم، إلى أنّ زيادة الحرارة الداخلية عن معدلها الطبيعي، قد تؤدي إلى زيادة الجفاف وانخفاض ضغط الدم، وفي بعض الحالات إلى الدوار وتَصلُّب العضلات وعدم القدرة على الحركة؛ بسبب التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة.

ويضيف الدكتور سالم لـTRT عربي، أنّ الإكثار من شرب السوائل، وإعطاء مساحة من الراحة للجسد ليستطيع تبريد نفسه وتنظيم مستويات الحرارة، يسمح باستمرار عمل الأجهزة الحيوية للجسم وعدم التهاوي وفقدان الوعي، أو في أسوأ الأحوال الموت.

وبالعودة إلى الدكتور عنتر، يوضّح أنّ "ضربة الشمس تحدث حين يتعرّض الإنسان -خصوصاً رأسه- لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، فيبدأ الشعور بالإجهاد والوهن وصعوبة التنفس وتشوُّش الرؤية وعدم القدرة على الوقوف، ثم يبدأ الجسد في التهاوي".

وفي المخ مركز يعمل على تنظيم الحرارة سواء بالتبريد أو التدفئة، لإبقائه بدرجة 37 مئوية، لكن مع تَعرُّض الرأس للشمس بلا حماية يتعطل هذا المركز وتتزايد درجات حرارة الجسم فتبلغ 41 وربما 43، وحينها يموت الإنسان، وفق الدكتور عنتر.

ويتابع: "بدأنا نسمع عن وفيات كثيرة مفاجئة، لأشخاص كانوا صِحاحاً، لكنّهم سقطوا فجأةً في الشارع أو في عملهم، وتبيّن أنّ السبب هو ارتفاع درجات الحرارة".

ويرى الدكتور عنتر أنّ الحلّ هو حماية الرأس، بقبعات واسعة من القش أو باستخدام المظلات أو العمائم، وشرب السوائل كل ساعة ولو كوب ماء، كما أنّ تقليل كميات الوجبات، واختيار نوعية الطعام نفسها، يُعدّان عاملاً مهماً، فيجب ألّا تكون دسمة أو حارَّة أو تحتوي كثيراً من السكر.

ومن الأمور المهمّة أيضاً، يلفت الدكتور عنتر إلى أنّ تناول السلطات الباردة والفاكهة والجبن والألبان، والابتعاد عن أشعة الشمس، وتقليل الخروج في أوقات الظهيرة قدر الإمكان، ستساعد على تجاوز هذه الموجة الحارة بأقل الخسائر.

TRT عربي
الأكثر تداولاً