أعلن المدير الجديد لوكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" يوري بوريسوف، يوم الثلاثاء، عن أن بلاده ستنسحب من محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024. وبهذا ينفذ المدير الجديد تهديدات سابقه ديمتري روغوزين، الذي لوح في أكثر من مرة بورقة الانسحاب من أضخم منشأة فضائية تدور حول الأرض.
وقال بوريسوف: "سنفي بجميع التزاماتنا تجاه شركائنا، لكن قرار مغادرة هذه المحطة بعد عام 2024 قد جرى اتخاذه فعلاً". فيما يأتي هذا الإعلان عقب اجتماع مدير الوكالة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أشار على إثره إلى أن "روسكوزموس" بصدد التركيز خلال الفترة المقبلة على بناء محطتها الفضائية الخاصة.
هذا ومنذ إطلاقها سنة 1998، تعد روسيا والولايات المتحدة القوتين البارزتين داخل محطة الفضاء الدولية، ما يضعها في حال انسحاب روسيا مهددة بالسقوط. فيما يدرس الأمريكيون تبعات قرار "روسكوزموس"، والبحث عن شركاء جدد لتفاديها.
تهديدات ومخاطر الانسحاب
ليست أول مرة يطرح مسؤول بوكالة الفضاء الروسية خيار الانسحاب، مع أن ما أعلنه بوريسوف هذه المرة أتى في صيغة التأكيد. بل قبل ذلك، بعد انطلاق الحرب في أوكرانيا وفرض الدول الغربية عقوبات قاسية على قطاع الطيران الروسي، هدد المدير السابق لـ"روسكوزموس" ديمتري روغوزين، بانسحاب بلاده من المحطة ما سيؤدي بها إلى السقوط.
وقال روغوزين مخاطباً إدارة الرئيس الأمريكي، في سلسلة تغريدات نشرها شهر مارس/آذار الماضي، بأنه: "إذا منعت التعاون معنا، فمن سينقذ محطة الفضاء الدولية من الخروج عن مسارها والسقوط على أراضي الولايات المتحدة أو أوروبا؟ هناك أيضاً فرصة ليسقط حطام بوزن 500 طن في الهند أو الصين. هل تريد تهديدهم بمثل هذا الاحتمال؟ لا تحلق محطة الفضاء الدولية فوق روسيا، لذا فإن كل المخاطر تهددك أنت. فهل أنت مستعد لذلك؟"
وحسب مقال سابق لموقع "أتلانتيك الأمريكي"، فإن محطة الفضاء الدولية تنقسم إلى قسمين أمريكي وروسي، وتعتمد على كليهما لتعمل: فبينما توفر وكالة "ناسا" الكهرباء للمحطة بأكملها، توفر "روسكوزموس" المركبة الفضائية التي ترتبط بمحطة الفضاء الدولية وتدفع كل شيء بشكل دوري إلى ارتفاع أعلى والبقاء في مساره.
وبالتالي، فإن محطة الفضاء الدولية مهددة بالانزياح عن مدارها والسقوط في حال وقف روسيا تعاونها في هذا الصدد. وعقب إعلان بوريسوف، يوم الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في إفادة للصحافيين، متحدثة عن بلادها بأنها "تدرس خيارات للتخفيف من الآثار المحتملة على محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024 إذا انسحبت روسيا".
ماذا تعرف عن محطة الفضاء الدولية وآلية عملها؟
تعد محطَّة الفضاء الدولية أكبر محطة فضائية من صنع الإنسان في الفضاء وأكبر قمر صناعي في مدار أرضي منخفض، بطول وعرض يعادلان تباعاً 73 و109 أمتار، ويبلغ وزنها حوالي 500 طن. وتدور حول الأرض في مدار قريب يبلغ ارتفاعه 400 كيلومتر.
وانطلق مشروع بناء محطة الفضاء الدولية سنة 1984باقتراح أمريكي، وجرى إطلاقها في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1998. بينما اشترك في مشروع البناء كل من وكالة "ناسا" الأمريكية و"روسكوزموس" الروسية، إضافة إلى "شاكا" اليابانية و"إيسا" الأوروبية و"كسا" الكندية. وبالتالي تضم الآن خمسة برامج فضائية وخمس عشرة دولة، ما يجعلها أكثر برامج استكشاف الفضاء تعقيداً من الناحية السياسية والقانونية في التاريخ.
هذا وتحدد الاتفاقية الحكومية الدولية للمحطة الفضائية لعام 1998 الإطار الأساسي للتعاون الدولي بين الأطراف. وتحكم سلسلة من الاتفاقيات اللاحقة جوانب أخرى من المحطة، بدءاً من القضايا القضائية إلى مدونة قواعد السلوك بين رواد الفضاء الزائرين.