في قلب سباق الطاقة.. تعرّف أهم 5 أنابيب غاز في العالم (Vasily Fedosenko/Reuters)
تابعنا

وضعت الحرب في أوكرانيا نظام الطاقة العالمي أمام محكات صعبة، ففيما يسعى الغرب جاهداً لكبح الهجوم الروسي بأداة العقوبات الاقتصادية، ولي ذراع موسكو بخصوص وارداتها من النفط والغاز. تراهن هذه الأخيرة على ارتهان أوروبا الكبير لمواردها الطاقية، وبالتالي تلعب هي الأخرى نفس ورقة الضغط، ملزمة عملاءها الأوروبيين الدفع مقابل غازها بعملتها المحلية.

بالمقابل، دفع هذا الواقع أوروبا إلى البحث عن موارد جديدة، ما أطلق تنافساً عالمياً، استوجب إعادة النظر في عدد من المعادلات التي كانت تحكم سوق الغاز قبل الحرب. ويسلط هذا التنافس الحاصل الضوء على سلاسل التوريد الدولية للغاز، واضعاً عدداً من أنابيب وسط دائرة أهمية استراتيجية للأمن والاقتصاد العالميين.

ترانسميد و ميدغاز

بعد أزمة الغاز مع روسيا، وجّهت دول جنوب القارة الأوروبية أنظارها نحو موردها التقليدي، الجزائر، من أجل تحصين شحناتها من الغاز وزيادة حجمها إذا أمكن للمورد ذلك. هذا ما جعل الخطوط الرابطة بين الجزائر وأوروبا، عبر المتوسط، تكتسب أهمية زائدة.

وفي الجزائر ثلاثة خطوط لنقل الغاز نحو أوروبا، اثنان منها فقط في الخدمة. أبرزها خط "ترانسميد" الذي يربط البلاد بإيطاليا، عبر الأراضي التونسية، وتبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 32 مليار متر مكعب سنوياً. ودخل الخدمة سنة 1994، وفي 2010 زيدت طاقته الاستيعابية بـ 7 مليار متر مكعب.

أما الأنبوب الثاني هو "ميدغاز"، الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة عبر المتوسط، وستبلغ طاقته الاستيعابية 10.5 مليار متر مكعب، حسب تعهدات مجموعة "سوناطراك" الجزائرية.

فيما هناك أنبوب "المغرب العربي-أوروبا"، المتوقف عن الخدمة بعد قرار الجزائر عدم تجديد عقد عقب التوتر مع المغرب، إذ يمر هذا الأنبوب من أراضي المملكة نحو إسبانيا. وتبلغ طاقته الاستيعابية 12 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.

أنبوب يامال

يقطع خط أنابيب "يامال" مسافة 4196 كيلومتراً، قادماً من حقول الغاز في أقصى شمال روسيا، وصولاً إلى ألمانيا، قاطعاً أراضي كل من بيلاروسيا وأوكرانيا وبولندا وسلوفاكيا.

وبلغت القدرة الاستيعابية لهذا الخط، المملوك لشركة "غازبروم" الروسية، 33 مليار متر مكعب سنوياً عند دخوله الخدمة في 2005.

هذا ويرى الأوروبيون بأن روسيا تستعمل خط "يامال" للضغط عليهم، ذلك بعد قرارها قطع الغاز على كل من بولندا وبلغاريا لرفضهما الدفع بالروبل. هذا ما يضع الأنبوب المذكور في قلب الاهتمام الاستراتيجي الدولي.

توركستريم

في سنة 2018، انتهت عملية إنشاء خط "توركستريم" الذي يربط روسيا بأوروبا الشرقية، عابراً عرض البحر الأسود، وتبلغ الطاقة الاستيعابية لهذا الأنبوب 31.5 مليار متر مكعب. فيما سبب الأهمية الاستراتيجية لهذا الأنبوب، هو أنه يرتبط على مستوى البر التركي بأنبوب "تاناب" القادم من أذربيجان.

وتبلغ الطاقة الاستيعابية لخط "تاناب" 14.5 مليار متر مكعب سنوياً، ويعد البديل الأكثر جذباً للأوروبيين في مسعى تخلصهم من الغاز الروسي.

قوة سيبيريا

بالمقابل، تسعى روسيا إلى تعزيز شبكة زبائنها من الغاز لتأمين صادراتها من أي كساد إذا تخلى الأوروبيين عن شرائها. هكذا وقعت موسكو مع الصين، شهر فبراير/شباط الماضي، صفقة توريد الغاز طويلة الأمد، تبلغ مدتها 30 عاماً.

فيما تعد الصين ثاني أكبر مستورد للطاقة في العالم، ما يجع الأنابيب الرابطة بينها وبين روسيا ذات أهمية كبيرة للصناعة والاقتصاد العالميين. على رأسها أنبوب "قوة سيبيريا" الذي جرى تدشينه سنة 2019، ويربط روسيا بالصين، عابراً سهوب سيبيريا. وتبلغ طاقته الاستيعابية 38 مليار دولار سنوياً، أي ما يمثل 9.5% من الاستهلاك السنوي الصيني للغاز.

مشروع الأطلسي-أوروبا

ومن البدائل المرتقبة للغاز الروسي، بالنسبة إلى أوروبا، الواردات النيجيرية، ومن هنا أتى قرار إنجاز مشروع أنبوب الغاز "إفريقيا الأطلسي"، الذي يربط البلاد التي تملك أكبر احتياطي مؤكد في القارة الإفريقية بالقارة العجوز. ماراً عبر كل من بنين، توغو، غانا، كوت ديفوار، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا، ثم المغرب وصولاً إلى الأسواق الأوروبية.

يبلغ طول هذا الأنبوب 5660 كيلومتراً، ومن المقدر أن تبلغ الطاقة الاستيعابية للأنبوب ما بين 30 و40 مليار متر مكعب سنوياً. كما ستصدر الدول الإفريقية الأخرى المنتجة للغاز التي سيمر بها الأنبوب غازها عبره، وأهمها موريتانيا والسنغال اللتان أظهرت اكتشافات الغاز الأخيرة في سواحلهما، خاصة حقل "غراند تورتو أحميم"، توفر احتياطيات من الغاز تقدر بـ 15 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً