ما تداعيات الحرب في غزة على الاقتصاد الإسرائيلي؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

تزامناً مع التصريحات التي يطلقها القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون بأن غزة على موعد مع حرب طويلة، ومع استدعاء الجيش الإسرائيلي أكثر من 360 ألف جندي احتياطي وإخراجهم من القوى العاملة، يكاد الركود يكون مضموناً، كما توقع أحد كبار الاقتصاديين الإسرائيليين خلال حديثه لشبكة سي إن بي سي.

فبعد أكثر من أسبوعين من العدوان والقصف الجوي العنيف الذي يستهدف المدنيين بشكل أساسي، تركت الحرب جزءاً كبيراً من الاقتصاد الإسرائيلي في طي النسيان. أكثر من 360 ألف جندي احتياطي، وهم العمود الفقري لقوات الدفاع الإسرائيلية، يرتدون الزي العسكري الآن وبعيدون عن وظائفهم.

لكن حجم الضرر الاقتصادي الذي ستعاني منه إسرائيل سيعتمد على مدة بقاء جنود الاحتياط بعيداً عن وظائفهم في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 9 ملايين نسمة ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها 521.69 مليار دولار.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: "إن صناعة التكنولوجيا في إسرائيل تواجه أزمة ستؤثر سلباً على اقتصاد البلاد، مع تجنيد عدد كبير من الإسرائيليين الذين يعملون في هذا المجال في الخدمة العسكرية".

الركود يتربص بالاقتصاد الإسرائيلي

مباشرة عقب هجوم حماس المفاجئ فجر يوم السبت السابع من أكتوبر/تشرين الثاني، انخفضت أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية. إذ أغلقت البورصة أبوابها يوم الأحد على انخفاض بلغ مقداره 8%. وخسرت الأسهم الإسرائيلية ما قُدر بـ20 مليار دولار من قيمتها السوقية. وانخفضت أيضاً أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى حد كبير، بما في ذلك الشركات الرائدة التي لها عمليات كبيرة في إسرائيل مثل شركة إنتل، وفقاً لرويترز.

ونقلت شبكة سي إن بي سي الأمريكية عن جوزيف زيرا، الخبير الاقتصادي البارز والأستاذ السابق في الجامعة العبرية ومؤلف كتاب “الاقتصاد الإسرائيلي: قصة نجاح وتكاليف”، قوله: إن "الأثر الاقتصادي لشيء كهذا (الحرب على غزة) فوري".

ويتوقع زيرا أن الركود يكاد يكون مضموناً، إذ تواجه أجزاء كثيرة من إسرائيل انخفاضاً في الإنتاجية. وأردف الخبير الإسرائيلي قائلاً: "لقد توقفت السياحة. كما أن الناس في إسرائيل لا يخرجون الآن لتناول الطعام أو التسوق".

ووضعت فيتش الثلاثاء ديون إسرائيل طويلة الأجل تحت المراقبة السلبية، ما يعني أنها مستعدة لخفض التصنيف الائتماني. ولفتت وكالة التصنيف الائتماني الأنظار إلى أن خطر انضمام جهات فاعلة أخرى معادية لإسرائيل، مثل إيران وحزب الله، إلى الصراع على نطاق واسع قد ارتفع بشكل كبير.

ولم تتمكن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية من تقدير القطاعات الاقتصادية التي فقدت أكبر عدد من جنود الاحتياط، لكن معظم الذين انضموا إلى المعركة هم تحت سن الأربعين. ويلعب هؤلاء السكان الأصغر سناً دوراً كبيراً في اقتصاد التكنولوجيا الإسرائيلي الذي يمثل حوالي خمس الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي ينزف

يرى الخبراء أن حرب غزة لها تأثير كبير بشكل خاص على قطاع التكنولوجيا الديناميكي والأكبر في الاقتصاد الإسرائيلي. فيما قال بعض المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا إن خطط الحكومة لإضعاف السلطة القضائية أثارت قلق المستثمرين، ما أدى إلى تفاقم التباطؤ العالمي في جمع الأموال للشركات الناشئة.

لكن التأثير المباشر للحرب على شركات التكنولوجيا جاء من خلال القوى العاملة. وتقدر شركة Start-Up Nation Central، وهي منظمة غير ربحية تعمل على الترويج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية على مستوى العالم، أن حوالي 10% من موظفي التكنولوجيا في إسرائيل جرى تجنيدهم، مع ارتفاع العدد إلى 30% في بعض الشركات، وفقاً لما نقلته شبكة سي إن إن الأمريكية.

وتمثل صناعة التكنولوجيا 18% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، ونحو نصف صادرات البلاد و30% من عائدات الضرائب، مما يجعل تدهورها أمراً حاسماً للاقتصاد الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا الكبرى في إسرائيل معتادة إلى حد معين على الصراع المسلح، إلا أن التحدي الأكبر تواجهه الشركات الناشئة القائمة بالأساس على استمرار تدفق الأموال لأن الغالبية العظمى من هذه الشركات الناشئة ليست مربحة.

ومنذ اندلاع الحرب، جرى إلغاء ما لا يقل عن ثلاثة مؤتمرات تقنية رفيعة المستوى كان من المقرر عقدها هذا الشهر، بما في ذلك قمة الذكاء الاصطناعي التي استضافتها شركة تصنيع الرقائق Nvidia. وقال المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا الذين تحدثوا إلى سي إن إن: "إن جمع الأموال وعقد الصفقات يمكن أن يتعرض لضربة أيضاً، إذ تتوقف الزيارات إلى البلاد بشكل مفاجئ وينتظر المستثمرون لمعرفة كيف سيتطور الوضع.

ما تأثير الحرب على الاقتصاد العالمي؟

يواجه الاقتصاد العالمي قدراً هائلاً من عدم اليقين بسبب حرب إسرائيل على غزة، علاوة على الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا. هذه الصراعات لا تهدد المناطق التي تتكشف فيها فحسب، بل وربما تؤدي أيضاً إلى تآكل الترابط الضعيف الذي لا يزال قائماً بين أكبر الاقتصادات في العالم، حسب تقرير نشرته سي إن إن بيزنس.

فيما ترى صحيفة بوليتيكو أن المخاطر التي تهدد أسواق الطاقة والأسواق المالية فورية وحقيقية. فقد ارتفعت أسعار النفط مع شن القوات الإسرائيلية هجومها على غزة، ومع تزايد التساؤلات حول دور إيران وإمكانية مشاركتها. ويستعد المحللون لارتفاع أسعار النفط والغاز بشكل أكبر بسبب "الخوف من أن الصراع قد يجذب لاعبين آخرين"، كما قال أندي ليبو، رئيس شركة استشارات الطاقة ليبو أويل أسوشيتس.

فإذا امتدت الحرب بشكل واسع إلى الضفة الغربية أو أجزاء من لبنان التي يسيطر عليها حزب الله - المدعوم من إيران - "فيمكنك أن تتخيل وضعاً يتدخل فيه الإيرانيون بشكل مباشر أكثر، أو حيث يقرر الإسرائيليون توجيه ضربة للإيرانيين"، حسب رئيس مجموعة أوراسيا إيان بريمر.

وبالنسبة إلى بلومبرغ، فإن الصراع بين إسرائيل والمقاومة الذي اندلع قبل أسبوعين لديه القدرة على تعطيل الاقتصاد العالمي، بل وحتى دفعه إلى الركود إذا جرى جلب المزيد من الدول إليه.


TRT عربي