كيف تقود إسرائيل وإيران المواجهة السيبرانية بينهما؟ / صورة: Reuters (Dado Ruvic/Reuters)
تابعنا

في تقرير نشرته يوم الثلاثاء، كتبت جريدة هآرتس، أن جبهات الحرب التي تخوضها إسرائيل خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، ليست مقتصرة على جنوب لبنان وغزة، كما أنها ليست حكراً على شكلها العسكري. بل هناك مواجهة سيبرانية محتدمة في الخفاء، بين الدولة العبرية وإيران.

وشنّت إسرائيل الأسبوع الماضي، هجوماً سيبرانياً استهدفت به محطات الوقود الإيرانية، وهو ما عرض معظمها لأعطال. في المقابل، كشفت إدارة الإنترنت الوطنية الإسرائيلية، الثلاثاء، تفاصيل هجوم سيبراني إيراني جديد، مصمَّم لخداع المنظمات الإسرائيلية لتحميل برامج ضارة تسرق المعلومات وتحذفها.

ومع أن هذه المواجهة تواكب احتدام المعارك في قطاع غزة، فإن قيامها يعود لسنوات قبل ذلك، إذ دأبت مجموعات الهاكرز والمخترقين من البلدين على استهداف مصالح كل منهما على شبكة الإنترنت.

مواجهة في الخفاء

في 18 ديسمبر/كانون الأول، نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن مجموعة قراصنة مرتبطة بإسرائيل، تدعى "الطير المفترس"، شنّت هجوماً سيبرانياً على مجموعة من مضخات الوقود في جميع أنحاء إيران، ما تسبب في شلل نحو 70% من المحطات.

وقالت المجموعة في بيانين باللغتين الفارسية والإنجليزية، إن "هذا الهجوم الإلكتروني يأتي رداً على عدوان الجمهورية الإسلامية ووكلائها في المنطقة"، واتهمت مرشد الجمهورية علي خامنئي بـ"اللعب بالنار"، وهددت بأن "الهجوم ليس إلا شيئاً قليلاً مما في جعبتها من هجمات".

وعقب هذا، نقل التلفزيون الرسمي الإيراني بياناً لوزارة النفط، يؤكد أن أكثر من 30% من محطات الوقود لا تزال في الخدمة، من أصل نحو 33000 محطة وقود بالبلاد. وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إن "العدو الصهيوني والولايات المتحدة عانيا من ضربات على جبهات أخرى فأتيا لإثارة المشكلات معنا".

وفي يوم الثلاثاء، قالت إدارة الإنترنت الإسرائيلية، إن مجموعات تابعة لإيران شنت هجمات إلكترونية على مواقع مصالح حكومية ومنظمات في إسرائيل. ذلك باستخدام روابط مزيفة ملغومة ببرامج ضارة، تُحمل على الحواسيب فور الضغط على الرابط، ما يُمكّن القراصنة من اختراق الأجهزة وسرقة بياناتها.

وطلبت الإدارة من المستخدمين والمنظمات اتخاذ خطوات لمنع الهجمات بشكل مسبق، والإبلاغ عن أي رسائل بريد إلكتروني مشبوهة، وتجنب النقر على الروابط قبل التحقق منها.

وقبل ذلك، كانت إدارة الأمن السيبراني الإسرائيلية قد اتهمت إيران وحزب الله اللبناني بالهجوم الإلكتروني على مركز "زيف" الطبي بمدينة صفد. وقالت الإدارة إن "مجموعة (AGRIUS) التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، حاولت في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، تنفيذ هجوم سيبراني على المستشفى".

كما قالت تقارير أخرى إن مجموعة قراصنة إيرانيون، يطلقون على أنفسهم اسم "الطوفان"، شنوا أكبر هجمة سيبرانية على إسرائيل في تاريخ البلاد، تسببت في تسريب سيل من المعلومات المحفوظة لدى عدة شركات تخص ملايين الإسرائيليين. ونجحت المجموعة في اختراق أنظمة إحدى شركات استضافة المواقع والوصول من خلالها إلى بيانات شخصية تابعة لسلسلة مواقع إسرائيلية.

وحسب ذات الإدارة، فقد جرى رصد أكثر من 2000 إشارة إلى حوادث مختلفة لتسريب معلومات شخصية خلال الشهرين الماضيين منذ اندلاع الحرب، أي بزيادة قُدّرت بـ10 أضعاف عن الأيام العادية.

حرب قديمة جديدة

وحسب هآرتس، فإنه رغم شن عدد من المجموعات المناصرة للقضية الفلسطينية في العالم العربي والإسلامي هجمات سيبرانية على المواقع والمصالح الإسرائيلية، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن المواجهة المباشرة تجري بين إسرائيل وإيران.

هذا لأن الجماعات الموالية لإيران يمكنها خوض مواجهة، لأنها تتمتع بقدرات عالية ودعم على مستوى الدولة. بالتالي "فإن الحرب السيبرانية هي بين إسرائيل وإيران، أو على الأقل بين مجموعات القراصنة الوكيلة التي يظل انتماؤها الفعلي لغزاً".

غير أن عمْر هذه المواجهة السيبرانية يمتد قديماً، حتى قبل اندلاع المعارك في غزة، عقب هجوم "طوفان الأقصى". وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن تل أبيب، طوّرت فيروسات الكمبيوتر خصيصاً لاختراق الأنظمة المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني وتتسبب في خلل في أجهزة الطرد المركزي.

ففي عام 2020، نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه جرى تعطيل ميناء إيراني نتيجة هجوم سيبراني إسرائيلي، رداً على مهاجمة الزوارق الحربية سفناً في المياه الإسرائيلية. وفي عام 2021، اقتحم قراصنة تابعون لإسرائيل نظام الدوائر التليفزيونية المغلقة في أحد السجون الإيرانية، وسرّبوا مقاطع فيديو لما وصفت بأنها انتهاكات لحقوق الإنسان في تلك السجون.

وسجّل عام 2022 رقماً قياسياً للهجمات السيبرانية الإيرانية ضد الشركات الإسرائيلية، وتسريب الآلاف من البيانات المتعلقة بعملياتها. لكنّ نفس العالم شهد أيضاً استهداف مصنع فولاذ إيراني من نفس مجموعة "الطير المفترس"، التي ضربت مؤخراً محطات الوقود الإيرانية.

وترتبط هذه المجموعات الإسرائيلية بأجهزة المخابرات. وقالت تايمز أوف إسرائيل إن المراسلين العسكريين الإسرائيليين "ألمحوا بقوة إلى أن وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 كانت مسؤولة عن الهجوم السيبراني عام 2022 على الفولاذ الإيراني"، في المقابل كانت مجموعة "الطائر المفترس" هي من تبنت العملية، ما يشير إلى ارتباطها بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً