"حرب الليثيوم".. هل فشلت أمريكا في إيجاد موضع قدم لها في "مثلث الليثيوم"؟ / صورة: Reuters (Ivan Alvarado/Reuters)
تابعنا

يشير مصطلح "حرب الليثيوم" إلى المنافسة العالمية الشديدة على الموارد المعدنية التي أصبحت العمود الفقري لصناعة البطاريات الحديثة. أثار الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة المتجددة والتقنيات الأخرى التي تعتمد على بطاريات الليثيوم أيون سباقاً بين الدول لتأمين مصادر موثوقة من الليثيوم.

وبينما يزداد الطلب على الليثيوم لانتقال العالم إلى السيارات الكهربائية ومصادر الطاقة المتجددة، يتركز إمداده ومصادره في عدد قليل من البلدان، لا سيّما الصين وأستراليا وما يسمى "مثلث الليثيوم" في الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، والتي تعد موطناً لأكبر احتياطيات العالم من الليثيوم، مما يجعلها هدفاً استراتيجياً للدول التي تسعى للهيمنة على سوق الليثيوم العالمي.

ومع ذلك، على الرغم من جهود أمريكا لتأمين موطئ قدم في دول "مثلث الليثيوم" من أجل تحقيق الخطط التي وضعتها إدارة بايدن للانتقال إلى الطاقة النظيفة، فقد فشلت في الحصول على وجود كبير في المنطقة كما فعلت الصين وروسيا.

"مثلث الليثيوم"

مثلث الليثيوم هو منطقة تقع في جبال الأنديز تمتد عبر ثلاث دول في أمريكا الجنوبية هي بوليفيا والأرجنتين وشيلي. ويحتفظ "مثلث الليثيوم" بأكثر من 75% من احتياطي الليثيوم في العالم تحت المسطحات الملحية، والمعروفة باسم Salars، مما يجعله منطقة إستراتيجية لسوق الليثيوم العالمي.

وتفتخر بوليفيا بامتلاكها لأكبر احتياطيات من الليثيوم، تليها تشيلي والأرجنتين. ومع ذلك، يواجه كل بلد تحديات وفرصاً مختلفة في تطوير واستغلال موارد الليثيوم.

فبينما تجذب الأرجنتين الاستثمار الأجنبي وتطور صناعة الليثيوم تواجه صراعات اجتماعية وبيئية مع المجتمعات المحلية ومجموعات السكان الأصليين حول حقوق المياه واستخدام الأراضي. فيما تكافح بوليفيا لإنشاء قطاع ليثيوم قابل للحياة بسبب عدم الاستقرار السياسي ونقص البنية التحتية، بالإضافة إلى السياسات القومية التي تحد من التدخل الأجنبي.

كم أن تشيلي التي الدولة الرائدة في إنتاج الليثيوم في العالم منذ عقود، تواجه أيضاً نزاعات قانونية مع شركة تعدين الليثيوم الرئيسية، SQM، بشأن الإتاوات والضرائب واللوائح البيئية.

"حرب الليثيوم"

أدى الطلب المتزايد على الليثيوم، مدفوعاً إلى حد كبير بالزيادة في إنتاج السيارات الكهربائية، إلى جعل مثلث الليثيوم مرتعاً للمنافسة الدولية، إذ بدأت الشركات وحتى الدول تسابق الزمن من أجل حجز مقعد متقدم لها في سباق تقوده الصين حالياً ضمن سلسلة توريد البطاريات، بدءاً من التعدين مروراً بالمعالجة وصولاً إلى تصنيع البطاريات والسيارات التي ستعمل بها.

وبينما تحاول الولايات المتحدة تأمين موطئ قدم في مثلث الليثيوم منذ عدة سنوات من خلال الاستثمار في شركات تعدين الليثيوم المحلية وتعزيز الابتكار التكنولوجي لتحسين استخراج ومعالجة الليثيوم، فإن ذلك لم يمنع الصين الهيمنة على أسواق الليثيوم العالمية بالفعل، إذ تُنتج وحدها 74.3% من السعة العالمية لبطاريات أيون الليثيوم، مع توقّعات بوصولها إلى 83.8% بحلول عام 2025، حسب تقرير لشركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي".

فيما تشهد بوليفيا، موطن أكبر احتياطات الخام المكتشفة عالمياً، واحداً من أشرس فصول الصراع في "حرب الليثيوم" حالياً بين الشركات الصينية والروسية والأمريكية للفوز بهذا الكنز، وفقاً لما تناوله تقرير حديث نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

هل فشلت أمريكا في إيجاد موضع قدم لها هناك؟

تحاول الولايات المتحدة تأمين وصولها إلى الليثيوم والمعادن الهامة الأخرى لانتقال الطاقة النظيفة ومصالح الأمن القومي. حددت إدارة بايدن الليثيوم أحد المواد الأساسية الأربعة للبطاريات التي تهدف إلى الحصول عليها محلياً أو من الحلفاء. ومع ذلك، تواجه الولايات المتحدة منافسة قوية من الصين، التي تهيمن على سلسلة توريد الليثيوم العالمية والتي تعمل على توسيع وجودها وتأثيرها في "مثلث الليثيوم" من خلال الاستثمارات والشراكات والقروض.

العامل الآخر الذي أعاق جهود أمريكا لكسب موطئ قدم في مثلث الليثيوم هو عدم الاستقرار السياسي والمعارضة المحلية لمشروعات التعدين في المنطقة. تعارض العديد من المجتمعات المحلية في مثلث الليثيوم أنشطة التعدين بسبب المخاوف بشأن التأثير البيئي والتشريد المحتمل لمجتمعات السكان الأصليين. صعبت هذه العوامل على الشركات الأمريكية تأسيس وجود كبير في المنطقة.

وبالإضافة إلى الصين، نفذت دول أخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا أيضاً استثمارات كبيرة في مثلث الليثيوم ، مما زاد المنافسة على موارد الليثيوم في المنطقة. وجعل هذا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة لتأمين موطئ قدم في المنطقة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً