تنكيل وقتل وترهيب.. محررون فلسطينيون يروون مشاهد مروعة من داخل سجون إسرائيل / صورة: AA (AA)
تابعنا

دائماً ما شهدت السجون الإسرائيلية، التي يُحتجز فيها الآلاف من الفلسطينيين، معاناة لا توصف، فيتعرض المعتقلون لتنكيل وقتل وترهيب بشكل دوري وبصور لا تختلف كثيراً عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف القطاعات.

ومع ذلك، كانت الأسابيع التي تلت عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الأكثر قسوة على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، إذ شهدت في ذروتها استشهاد 5 أسرى خلال توقيفهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسبما ذكر نادي الأسير الفلسطيني، في بيان كان قد نشره منتصف الشهر الجاري.

ومع بدء سريان الهدنة المؤقتة في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل، الجمعة، وبدء إسرئيل الإفراج عن نحو 150 طفلاً وامرأة فلسطينية من سجونها، باشر المحرَّرون رواية وتوثيق هذه الجرائم التي تُرتكب داخل السجون الإسرائيلية، سعياً منهم لكشف الواقع المرير الذي يواجهه إخوتهم في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

وتوضح شهادات المعتقلين المفرَج عنهم ومحاميي حقوق الإنسان، فضلًا عن لقطات الفيديو والصور، جانباً من أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي تعرض لها المعتقلون على أيدي القوات الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية.

إليكم في ما يلي أبرز هذه الشهادات:

ضرب مبرح

حسب الأناضول، أفرجت إسرائيل الثلاثاء عن الطفل الفلسطيني محمد نزال الذي أصيب بكسر ورضوض جراء تعرضه للضرب المبرح. وقال نزال: "وحدات إسرائيلية كانت تقتحم بشكل متواصل غرف الأسرى وتعتدي علينا بالضرب المبرح".

وأضاف: "رأيت أسيراً مسنّاً، أعتقد أنه توفي جراء الضرب، بعد فقدانه الوعي نُقل من الغرفة ولم نعرف عنه شيئاً، ورأيت آخر فقد الذاكرة". وتابع الطفل، الذي اعتقل قبل 3 أشهر من بلدة قباطية: "منذ 7 أكتوبر نعيش أوضاعاً صحية صعبة للغاية، اعتدى علينا جنود الاحتلال بالضرب بصورة وحشية حتى يفقد الأسير منا وعيه. الناس كانت تبكي من شدة الضرب". وعن حالته الصحية يقول: "مصاب بكسر إصبعي، ورضوض أخرى في يدي وأنحاء متفرقة من جسدي.. أمضيت آخر شهر لي بالسجن كأنه 20 سنة".

وفي حديث لوسائل الإعلام، قال الأسير المحرَّر عبد الهادي عزام، إن سلطات الاحتلال تعمدت الاعتداء عليهم منذ بدء العدوان، وأضاف: "الوضع في السجن متوتر مقارنة بما قبل الحرب، كل يوم إهانات واعتداءات على الأسرى والأسيرات".

وأكد محرَّرون آخرون أن إدارة مصلحة السجون كانت تعاملهم معاملة سيئة للغاية شملت القمع والضرب، ومصادرة جميع الممتلكات الشخصية من الزنازين، بما في ذلك الفرش والملابس والأواني والأجهزة الكهربائية.

تجويع ممنهج

في مقابلة مع الأناضول، قال الأسير المحرَّر أسامة نايف مرمش، الأحد: "أسبوعيّاً يأتون (الجيش الإسرائيلي) لضربنا، وأخذوا منا كل الثياب والأغطية والفُرُش"، ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي أعطى لكل أسير غطاءً رقيقاً جدّاً".

وأشار الأسير الذي ينحدر من مدينة نابلس، وكان قد اعتقل إداريّاً منذ 5 أشهر، إلى أن الجيش الإسرائيلي فتح المياه على السجناء رغم برودة الطقس، مؤكداً أن الطعام المخصص للسجناء قليل جدّاً. وتابع مرمش: "يعطوننا ربطتين خبز في اليوم ونحن ثمانية أشخاص".

وأشار بعض المحرَّرين إلى وسائل إعلام محلية، فضلت عدم الكشف عن هويتهم، خشية تعرضهم للاعتقال مرة أخرى، إلى أن إدارة السجون الإسرائيلية فرضت سياسة "التجويع" بحق الأسرى، فيُحرمون من الطعام والماء بشكل شبه كامل.

زنازين مكتظة ومعاملة لا إنسانية

وصعّدت إسرائيل حملة اعتقالاتها، إذ بلغ عدد المعتقلين الجدد نحو 2920 فلسطينيّاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما بلغ إجمالي المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية نحو 7 آلاف، بينما أصبحت غرف الأسرى مكتظة جدّاً بشكل غير مسبوق. وحسب المحرَّرين، لم تكتفِ سلطات الاحتلال بالتعذيب النفسي والضرب والتجويع، بل حرمت الأسرى من الأغطية والأسرّة اللازمة للنوم، بعد أن جرّدت بعضهم من ملابسهم وأعطتهم ملابس داخلية فقط.

وفي هذا السياق، قالت المحرَّرة رغد الفني من مدينة طولكرم، التي احتُجزت إداريّاً 13 يوماً دون توجيه تهمة، إن ظروف الاعتقال بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ليست كما كانت قبله، فالأسيرات الفلسطينيات تعرضن للقمع والعزل والضرب، وأشارت رغد إلى أن القسم الذي كانت فيه قُمِع أكثر من مرة، فقد تعرضت أسيراته للضرب والرش بالغاز، لدرجة الحرمان من شرب مياه نظيفة.

وقالت المحررة إسراء جعابيص إنها تعرضت وزميلاتها للتنكيل والضرب في السجن، وأشارت إلى أن فتيات فلسطينيات صغيرات السن "تعرضن لممارسات لا توصف" في السجون الإسرائيلية.

انتهاكات ممنهجة

منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، انتشرت مقاطع فيديو وصور على نطاق واسع تُظهر مشاهد مروعة لجنود إسرائيليين يضربون فلسطينيين ويهينونهم، بينما يعتقلونهم معصوبي الأعين ومكبّلي الأيدي ومجرّدين من ملابسهم، في استعراض علني لتعذيب وإذلال المحتجزين الفلسطينيين تقشعر له الأبدان.

وبينما كثفت السلطات الإسرائيلية على نحوٍ واسع استخدام الاعتقال الإداري، وهو شكل من أشكال الاحتجاز التعسفي، ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، فقد مددت أيضاً إجراءات الطوارئ التي تتيح معاملة الأسرى الفلسطينيين معاملة لا إنسانية ومهينة، فيما تقاعست عن التحقيق في حوادث التعذيب والوفاة في الحجز على مدى الأسابيع الماضية، وفقاً لما وثقته منظمة العفو الدولية.

ولفتت المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى إلى أن "حجم الجرائم والاعتداءات الجماعية والفردية على الأسرى، التي تحدث خلال عمليات اقتحام الأقسام والزنازين، التي لا تتوقف على مدار الساعة، في تصاعد خطير للغاية". واتهمت المؤسسات السلطات الإسرائيلية بانتهاج سياسة التجويع بحقّ الأسرى.

وتابعت: "لم يعد الأسرى يملكون طعاماً سوى ما تقدمه إدارة السّجون من لُقيمات غير صالحة للأكل، ولا ترتقي إلى مستوى تعبير (وجبات طعام)، فضلاً عن تقليص عدد الوجبات إلى اثنتين"، وأشارت المؤسسات إلى أن إسرائيل تنقض تباعاً على كل ما تبقى للأسرى من حقوق، وفقاً لما نقلته الأناضول.


TRT عربي
الأكثر تداولاً