أعلنت شبكة الجزيرة القطرية صباح الأربعاء، استشهاد مراسلتها الفلسطينية شيرين أبو عقلة، برصاص الاحتلال الإسرائيلي، في أثناء تغطيتها عملية اقتحام مخيم جنين. وقالت الشبكة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: "في جريمة قتل فاجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة".
وطالبت الجزيرة بـ"إدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمدها استهداف وقتل الزميلة أبو عاقلة"، كما حمَّلت جيش الاحتلال المسؤولية في ما سيؤول إليه الوضع الصحي لمنتجها علي السمّودي الذي استُهدف مع أبو عاقلة وأصيب في ظهره.
طاقم الجزيرة ليس وحده الذي سقط ضحية هذا الاستهداف، بل يزخر سجل القوات الإسرائيلية باعتداءات ممنهجة على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، راح ضحيتها ما يزيد على 46 منهم، كما يكشف العدوان على غزة السنة الماضية استهداف عدد من مقرات وسائل الإعلام بغارات جوية.
أكثر من 46 قتيلاً!
حسب تقرير أخير لمنظَّمة "مراسلون بلا حدود"، تَعرَّض أكثر من 144 صحفياً، فلسطينياً وأجنبياً، لاعتداءات جيش الاحتلال خلال تغطيتهم الأحداث بفلسطين المحتلة خلال السنوات الأربع الأخيرة، بما في ذلك إطلاق النار عليهم، ورشقهم بالقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، والضرب بالعصي، والسحل، مما خلَّف إصابات بليغة نتج عن أغلبها عاهات دائمة، كفقدان الأطراف والأعين، والتشوهات في الوجه.
من هذا حالة الصحفي يوسف الكرنز، الذي فقد ساقه اليسرى في أثناء تغطيته أحداث مسيرة العودة سنة 2018، ومواطنه سامي مصران، صحفي تليفزيون القدس الذي فقد عيناً بعد أن أصيب بالرصاص سنة 2019، ومراسل وكالة الأناضول علي جاد الله، الذي استُهدف لثالث مرة برصاصة مطاطية في رأسه.
وأدّت هذه الاعتداءات، حسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إلى مقتل أكثر من 46 صحفياً منذ سنة 2000، بينهم صحفي صوت الأقصى يوسف أبو حسين الذي قُتل سنة 2021 جراء القصف الإسرائيلي لمدينة غزة، وصحفي وكالة أسوشيتد برس الإيطالي سيموني كاميلي الذي قُتل برفقة مترجمه الفلسطيني علي شهة جراء انفجار صاروخ إسرائيلي في غزة سنة 2014.
وحتى الآن لم يحاسَب جيش الاحتلال الإسرائيلي على اعتداءاته ضد الصحفيين، فيما سبق وأعلن كل من الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين والمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين "ICIP"، تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهمون فيها إسرائيل بارتكاب "جرائم حرب" بحقّ صحفيين في الأراضي الفلسطينية.
وفي مارس/آذار 2021 قررت المدعية العامة بالمحكمة الدولية فاتو بنسودة، فتح تحقيق في هذه الأحداث، لِمَا استقر لديها من وجود "أساس معقول لفعل ذلك وفقاً لمعايير نظام روما الأساسي"، حسبما ذكرت المدّعية في بيان سابق.
قصف ممنهج لوسائل الإعلام
إضافة إلى هذه الاعتداءات، شهد العدوان على غزة سنة 2021 استهداف غارات سلاح الجو الإسرائيلي مقرات عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية، فطوال أيام ذلك العدوان قُصفَت 23 مقرّاً لمنابر إعلامية، أبرزها شبكة الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وفي 15 مايو/ أيار 2021 استهدفت 4 صواريخ إسرائيلية برج الجلاء في شارع عمر المختار بغزة، الذي يضمّ مقرات عدد من وسائل الإعلام الدولية والمحلية. وقبل ذاك استهدفت الطائرات الحربية برج الشروق الواقع في نفس الحي، والذي يضمّ مقرات 15 من وسائل الإعلام أبرزها قناة روسيا اليوم والتليفزيون الألماني "زي دي إف" وتليفزيون دبي.
وأدان الاتحاد الدولي للصحفيين عمليات الاستهداف هذه، وقال أمينه العامّ أنتوني بيلانجي إن "الاستهداف الممنهج للمؤسسات الإعلامية هو محاولة مخزية من الجيش الإسرائيلي لإسكات صوت الإعلام الذي ينقل الإخبار عن العنف الذي يمارسه في غزة، وهو مخالف للقانون الدولي. ويجب وضع حدّ لاستهداف الصحفيين والاعتداءات المقصودة عليهم".