مخاوف أزمة غذائية تجتاح العالم، مع شُح صادرات الحبوب والأسمدة من السوق الدولية، والتي كانت تصدرها كل من روسيا وأوكرانيا قبل اندلاع الحرب بينهما. إذ يمنع الحصار الروسي على شواطئ البحر الأسود الأوكرانية البلاد تصدير منتجاتها تلك، وتعرقل العقوبات الغربية المضروبة على موسكو صادراتها من حبوب وسماد نحو العالم.
ويتراشق أطراف الحرب المسؤولية حول هذا الواقع، وفيما تسعى روسيا نحو تحقيق مكاسبها وتخفيف العقوبات عليها مقابل الإفراج عن القمح الأوكراني. تعتبر كييف ذلك ابتزازاً، وتستجدي الدعم الغربي بالسلاح لفك الحصار المضروب عليها.
بينما تمس هذه الأزمة الغذائية المرتقبة الملايين حول العالم، لا فقط بشح العرض في السوق الدولية، بل بالمضاربات التي ضاعفت أسعاره بشكل صاروخي، مهددة بالجوع شعوب الدول الأفقر.
33 % من خبز العالم
وبحسب تقرير لمنظمة الأغذية العالمية، تمثل صادرات كل من روسيا وأوكرانيا مجتمعتين حوالي 33% من صادرات القمح في العالم، 27% من صادرات الشعير، و24% من بذور عباد الشمس و76% من زيوت عباد الشمس.
فيما بالنسبة إلى كل منهما على حدة، تأتي روسيا على رأس قائمة مصدري القمح العالميين، بتوفير نحو 18% من الصادرات العالمية، أي ما يعادل 32 مليون طن. واحتلت أوكرانيا المركز السادس بتصديرها 20 مليون طن من القمح، أي ما يعادل 10% من الصادرات العالمية.
بالمقابل تتصدر أوكرانيا الصادرات العالمية من حبوب وزيوت عباد الشمس، بإنتاجها 42% من الصادرات العالمية، بينما تأتي روسيا ثانياً بـ 21%. وتتصدر روسيا كذلك الترتيب العالمي لمصدري الأسمدة النيتروجينية، والثانية على مستوى أسمدة البوتاسيوم.
95 % من صادرات أوكرانيا عبر أوديسا
تصدر أوكرانيا معظم صادراتها الغذائية عبر البحر الأسود، و95% من تلك الصادرات عبر ميناء أوديسا المحاصر منذ اندلاع الحرب. وتواجه البلاد مخاوف من الوقوع في أزمة تخزين، مع تعذر تصدير محاصيلها الشتوية وقرب حصاد المحاصيل الصيفية.
بالمقابل، كل الحلول الأخرى المطروحة أمام كييف من أجل تصريف مخزونها من القمح، كالتصدير عبر مواني رومانيا وبلغاريا، أو التصدير عبر مواني دول البلطيق وبولندا، أو التصدير عبر نهر الدانوب المار بحدودها الجنوبية. ممتنعة لعقبات لوجستية وأخرى مالية وقانونية.
53 دولة مهددة بأزمة غذائية
حسب الأمم المتحدة فإن 53 دولة حول العالم تعتمد بنسبة أعلى من 10% من وارداتها من القمح على صادرات روسيا وأكرانيا. 36 من هذه الدول تعتمد بنسبة أعلى من 50% من صادراتها على البلدين المذكورين، منها كل من مصر والكاميرون وغواتيمالا، والهندوراس ونيجيريا.
ودقَّت منظمة الأغذية العالمية ناقوس الخطر بأن أزمة غذائية حادة ستمس أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، 181.13 مليون منهم سيعانون من اضطراب حاد في أمنهم الغذائي، و18.61 مليون سيواجهون حالة حرجة من الجوع.
وتتركز أغلبية المهددين ببلوغ مستويات حرجة من الأمن الغذائي في إفريقيا، خاصة دول غرب وشرق القارة ومنطقة الساحل.
ارتفاع أسعار القمح بـ 56.2%
حقق مؤشر أسعار الغذاء، حسب منظمة الأغذية العالمية، ارتفاعاً صاروخياً شهر مايو/أيار الماضي بلغ 29.9 نقطة، أي ما يعادل 22.8% أعلى مقارنة بنفس الفترة السنة الماضية.
وتعد سوق الحبوب الأكبر التي أصابها هذا الارتفاع، فزادت أسعار القمح بمعدل 56.2% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. وارتفعت أسعار الشعير 18.1%، وأسعار الذرة 12.9%.
ويهدد هذا الارتفاع الصاروخي في أسعار الغذاء الأمن الغذائي لعدد من الدول النامية في إفريقيا، الشرق الأوسط ووسط وشرق آسيا. كما يصعّب المهمة الإنسانية للبرنامج الدولي للغذاء، إذ يتوقع ارتفاع مصاريفه بمقدار 29 مليون دولار شهرياً على المدى القريب، و71 مليون دولار على المدى المتوسط.