تابعنا
انطلقت الانتخابات الأوروبية، يوم الخميس 6 يونيو/حزيران الجاري، إذ كان الهولنديون أول من أدلوا بأصواتهم لاختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي. فيما يتوقع أن يحقق اليمين المتطرف أداء قوياً في البلاد، حسب عدد من المحللين.

وتستمر هذه الانتخابات إلى يوم الأحد، 9 يونيو/حزيران، ويُحتمل أن يشارك فيها أكثر من 370 مليون مواطن أوروبي من 27 دولة لاختيار 720 سياسيّاً ينوبون عنهم داخل برلمان الاتحاد.

وفي اليوم الثاني من الانتخابات، يوم الجمعة 7 يونيو/حزيران، بدأت عملية الاقتراع في كل من التشيك وأيرلندا. بينما يصوّت السلوفاكيين والإيطاليين، يوم السبت، وتُجري باقي دول الاتحاد، ومن بينها ألمانيا وفرنسا أكبر قوتين اقتصاديتين أوروبيتين، الانتخابات، الأحد.

وتزامناً مع إجرائها، تشهد الانتخابات الأوروبية الجارية تنافساً شرساً بين اليمين واليسار المتطرفَين، مع تراجع ملحوظ للقوى الوسطية من الجانبين. كما تعد هذه المحطة مفصلية، إذ تأتي في ظرفية دولية دقيقة، يطبعها التهديدان الأمني والاقتصادي للحرب الجارية في أوكرانيا، بالإضافة إلى الإبادة الجماعية في غزة التي أصبحت موضوعاً محورياً للتنافس.

مَن الذين ينتخبهم الأوروبيون؟

وتعد الانتخابات الأوروبية أكبر عملية انتخابية عابرة للحدود في العالم، إذ تشمل 27 دولة وأكثر من 370 مليون مشارك، وتجرى كل خمس سنوات من أجل اختيار نواب البرلمان الأوروبي، البالغ عددهم 720 شخصاً، بعد أن جرت زيادة 15 مقعداً خلال النسخة الجارية من الانتخابات.

ويجري انتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي عبر التصويت المباشر، ويختلف عدد هؤلاء الأعضاء المنتخبين من دولة إلى أخرى، بناءً على تعداد سكانها. وتحظى ألمانيا بأكبر تمثيلية داخل البرلمان الأوروبي بـ96 نائباً، تليها فرنسا بـ81 نائباً، ثم إيطاليا بـ76 نائباً، فيما تعد مالطا ولوكسمبورغ وقبرص الأقل تمثيلاً بما لا يزيد على 6 نواب لكل دولة.

وتتبع هذه الانتخابات نظام التمثيل النسبي، مما يعني أن عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب سياسي في البرلمان يتناسب مع عدد الأصوات المتحصّل عليها.

ويتفتق عن هذه الانتخابات أيضاً اختيار أعضاء المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد. وأيضاً رئاسة المجلس الأوروبي، الذي يُكلف بمهمة تحديد الاتجاهات السياسية العامة والأولويات للاتحاد الأوروبي، وهو الهيئة العليا التي تتخذ القرارات الاستراتيجية.

ويجري اختيار أعضاء المفوضية الأوروبية من حكومات الدول الأعضاء، بينما يختار المجلس الأوروبي رئيسها، لكن يشترط موافقة البرلمان الأوروبي عليهم جميعاً كي يجري التعيين.. وهو الشرط نفسه بالنسبة لرئيس المجلس الأوروبي، الذي يُختار كل عامين ونصف العام.

صعود صاروخي لليمين المتطرّف

ربما الحديث عن صعود اليمين المتطرف ليس بموضوعٍ جديد، فهو يتردد كلما اقترب السباق الانتخابي الأوروبي، لكن في هذه المرة يصبح تهديد هذا الصعود أكثر جدية، إذ يتوقع أن يحصل على ربع عدد مقاعد البرلمان، حسب محللين.

ويؤكد هذه التوقعات اتجاه حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا، الذي يتزعمه خيرت ويلدرز، المناهض للهجرة، إلى تحقيق تقدم كبير في البرلمان الأوروبي المقبل، بعدما أظهرت الاستطلاعات عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع أنه يحتل المركز الثاني بحصوله على سبعة مقاعد.

وكشفت استطلاعات رأي، أُجريت في 10 مايو/أيار الماضي، تحقيق تحالف الهوية والديمقراطية اليميني المتطرف نحو 84 مقعداً، إضافة إلى 74 مقعداً آخر لتحالف المحافظين الأوروبيين والإصلاحيين المحسوب أيضاً على الجناح المتطرف لليمين الأوروبي.

ووفق استطلاعات أخرى، أجرتها مؤسسة إبسوس الفرنسية مطلع أبريل/نيسان الماضي، في نحو 18 دولة من الاتحاد الأوروبي، فقد يحصل اليمين المتطرف على خمسة من المقاعد البرلمانية خلال الانتخابات القادمة، أي ما يعادل 22% من المقاعد، مقارنة بـ10% حققها قبل ثلاث ولايات برلمانية.

ويضمّ تحالف الهوية والديمقراطية أهم القوى اليمينية المتطرفة في أوروبا، كحزب التجمع الوطني، الذي يعدّ ثالث قوة سياسية في فرنسا، وحزب الرابطة الحليف في الحكومة الإيطالية، وحزب الحرية الفائز في الانتخابات الهولندية الأخيرة.

وحسب مجلة بوليتيكو، فإنّ تحالفات الوسط واليسار الديمقراطي قد تفشل هذه المرة في كبح صعود اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي.

ونقلت المجلة الأمريكية عن مسؤول في تحالف الشعب الأوروبي اليميني الوسطي قوله: "حتى لو فاز أحد الأطراف الأخرى (في اليمين المتطرف) بالأغلبية في البرلمان المقبل، فأعتقد أن الديناميات قد تغيرت بشكل كبير في ما يتعلق بكل العمل البرلماني الذي يجب إعادة تنظيمه".

وإذا صحت هذه التوقعات، فإن صعود اليمين المتطرف قد يؤثر في كل شيء في سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والمُناخ، وحتى اختيار رئيس المفوضية الأوروبية المقبل.

انتخابات مفصليّة

تأتي الانتخابات الأوروبية الجارية في وضع خارجي صعب تعيشه القارة، سمته الأبرز التهديدات الأمنية والمصاعب الاقتصادية التي تعانيها بسبب الحرب في أوكرانيا. ويرى محللون أن أبرز أسباب صعود شعبية اليمين المتطرف هو استثماره في المخاوف والتذمر الشعبي من تبعات هذه الحرب.

وحسب استطلاعات رأي حديثة، أجرتها مؤسسة كابا للأبحاث، فإن هذه المخاوف تلعب دوراً حاسماً في قرار تصويت أغلبية الناخبين الأوروبيين.

ومثّل عدم اليقين الاقتصادي أكبر مخاوف الناخبين الأوروبيين، إذ عبّر 44% من الناخبين بأن "ارتفاع تكاليف المعيشة" يقع على رأس اهتماماتهم، وتزداد النسبة في الدول الأكثر تأثراً بأزمة التضخم التي تسببت فيها الحرب في أوكرانيا، مثل فرنسا 58%، واليونان 55%، ورومانيا 54%.

ويشعر أكثر من ثمانية من كل 10 ناخبين، أي بنسبة 81%، أنه "في أوروبا، الأغنياء يزدادون ثراءً، والفقراء يزدادون فقراً".

وأضاف الاستطلاع أن "الحرب الروسية-الأوكرانية" هي ثالث أكثر المخاوف إلحاحاً بالنسبة للناخب الأوروبي، بالنسبة لـ35% من المشاركين. وتتغير هذه النسبة حسب الدول الأقرب جغرافيّاً من منطقة النزاع، مثل إستونيا التي بلغت فيها 52%، والمجر وبولندا 50%، ورومانيا 43%.

في المقابل، مثّلت الحرب في غزة أيضاً أحد مواضيع اهتمام الناخبين، لكن بنسبة أقل، عادلت 12%. وكان الناخبون الإسبان الأكثر اهتماماً بنسبة 24%، يليهم الناخبون الإيطاليون بنسبة 21%، حسب ما كشف الاستطلاع.

ولوحظ حضور الحرب في غزة بشكل بارز في الحملات الانتخابية لأحزاب اليسار الأوروبي. وفي فرنسا، ضمّت لائحة مرشحي حزب فرنسا الأبية اسم الناشطة والمحامية الفلسطينية ريما حسن، كما تضمنت الوعود الانتخابية لتكتل الديمقراطية من أجل أوروبا، الذي أسسه ويتزعمه وزير المالية اليوناني السابق ينيس فاروفاكيس، دعم القضية الفلسطينية والدفع من أجل اعتراف الاتحاد بفلسطين.

TRT عربي