ما مصير العلاقات الأمريكية-السعودية بعد قرار الاتحاد الأوروبي حظر إمدادات النفط الروسية؟ (Others)
تابعنا

في الجولة السادسة من العقوبات ضد موسكو، قدّمَت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، الأربعاء مقترح عقوبات جديدة ضد الكرملين تضمنت إلغاءً تدريجياً لواردات النفط الروسية لمدة ستة أشهر. تأتي هذه الخطوة بعد تحرك الاتحاد الشهر الماضي لحظر واردات الفحم الروسي.

وتأكيداً لأن هذه التدابير التي يُنتظر منها أن تقلّل أو تقطع بالكامل إمدادات الطاقة الروسية إلى الاتحاد الأوروبي كانت مهمة معقدة للكتلة، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال كلمة في البرلمان الأوروبي الأربعاء: "لنكن واضحين، لن يكون الأمر سهلاً"، خصوصاً أن سوق النفط ستشهد تقلبات حادة وارتفاعاً بالأسعار.

في سياق متصل قالت الصحفية الخبيرة بشؤون الشرق الأوسط كارين إليوت هاوس في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، مع تخطِّي سعر النفط اليوم حاجز 110 دولارات للبرميل، ومنعاً لأي سبب قد يعطّل إمدادات النفط السعودية، إنه لم يبقَ لدى الإدارة الأمريكية أي سبب يمنع عودة العلاقات الأمريكية-السعودية إلى مستوى الحليف الاستراتيجي، فضلاً عن إعادة تفعيل علاقة الأمن مقابل النفط التي بدأت منذ ما يقرب من ثمانية عقود مع فرانكلين روزفلت والملك ابن سعود.

بوادر انقسام

على الرغم من أن ألمانيا قدمت زخماً كبيراً لقرار قطع إمدادات النفط الروسية بعد أن دعمته، فإن الحكومة الألمانية خرجت بعد ذلك وقالت إن هذا القرار سيقلب أسواق النفط وسيُحدِث اضطرابات في الأسعار. لكن فون دير لاين أكدت أن فترة الأشهر الستة للتخلص التدريجي لمعظم دول الاتحاد الأوروبي ستمنح أسواق السلع وقتاً للتكيُّف.

ووسط الجدل الكبير الذي حظي به قرار الحظر داخل الاتحاد الأوروبي، تطالب دولتان فيه هما سلوفاكيا والمجر، وكلتاهما تعتمد كثيراً على الطاقة الروسية، بإعفاءات من تطبيق القرار، فيما خرج رئيس حكومة المجر يقول إن الاتحاد الأوروبي تجاوز "خطّاً أحمر" و"يمسّ الوحدة" بفرضه حظراً نفطيّاً على روسيا.

وهو الأمر الذي دفع ثلاثة من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، رفضوا الكشف عن هوياتهم، إلى التأكيد لشبكة CNBC أن اقتراح اللجنة يتضمن مرونة إعطاء المجر وسلوفاكيا فترة زمنية أطول للتخلص التدريجي من النفط الروسي.

تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على روسيا في عديد من مصادر الطاقة، بما في ذلك النفط. ففي عام 2020 شكّلَت واردات النفط الروسي نحو 25% من مشتريات الكتلة الخام.

هل تنقذ السعودية الوحدة الأوروبية؟

في حين أن الولايات المتحدة لا تعتمد على النفط السعودي بفضل زيادات الإنتاج المحلي في عهد الرئيس ترامب بجانب اعتمادها على النفط القادم من فنزويلا ودول أمريكا الجنوبية، فإن حلفاءها الأوروبيين يعتمدون عليه كثيراً. وفي حال لم تعثر أوروبا على مصادر نفطية أخرى، فإنها ستجد صعوبة في تنفيذ قرار الحظر، ناهيك بالحفاظ على الوحدة داخل التكتل الأوروبي.

وإذا ما أراد الغرب إلحاق هزيمة اقتصادية بزعيم الكرملين قبل أن تنهار منظمة حلف شمال الأطلسي تحت ضغط ارتفاع أسعار النفط والتضخم، فسيتحتم على الرئيس الأمريكي جو بايدن إقناع المملكة العربية السعودية بزيادة الإنتاج، وفقاً لهاوس التي قالت أيضاً: "عاجلاً لا آجلاً، على الرئيس وولي العهد التعاون في استراتيجية جديدة تحمي حقول النفط السعودية، وبالتالي الأمن السعودي، من إيران. في المقابل سيزيد السعوديون الإنتاج لإنقاذ الدول الأوروبية".

خصوصاً أن الطاقة الاحتياطية للمملكة العربية السعودية تبلغ 1.2 مليون برميل يومياً، ضعف تلك التي تمتلكها الإمارات العربية المتحدة، الدولة الخليجية الأخرى التي يمكن أن تساعد لو لم تتأثر أيضاً بعدم اهتمام الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن بأمنها.

أمريكا وخطوات رأب الصدع مع السعودية

أشارت كارين إليوت هاوس في تقريرها إلى أن الجليد حول العلاقات الأمريكية السعودية بدأ في الذوبان أخيراً وأن التحالف الاستراتيجي الحيوي يمكن أن يعود إلى المسار الصحيح، مستندةً في تحليلها إلى الترشيح المتأخر للسفير الأمريكي في المملكة.

يأتي ترشيح مايكل راتني، القائم بأعمال واشنطن السابق في إسرائيل، بعد 15 شهراً من تأجيل بايدن تعيين سفير أمريكي بالرياض. وراتني دبلوماسي محترف لديه خبرة في إسرائيل، تعوّل عليه الولايات المتحدة للمساعدة على تحويل هذه العلاقات المتصدعة إلى علاقات دبلوماسية كاملة من شأنها أن تثمر خطَّ أنابيب ينقل النفط السعودي عبر إسرائيل مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط ​​فأوروبا.

فيما يرى مراقبون أن بايدن سيتعين عليه زيارة السعودية لمحاولة استرضاء وليّ العهد محمد بن سلمان وإقناعه بضرورة مساعدته بضخ مزيد من النفط للحفاظ على تحالفه الأوروبي موحداً ضد بوتين، فضلاً عن الضغط على أسعار النفط وخفضها لخفض التضخم الذي يهدد شعبية الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً