خلال سنوات الحرب يجتهد اليمنيون لتعويض خسارة الكهرباء العمومية سواءً لإنارة منازلهم أو من أجل أن لا تتوقف أنشطتهم التجارية والزراعية على حد سواء، لهذا انتعشت أسواق الطاقة الشمسية في البلاد خلال السنوات الماضية.
وجد اليمنيون في الطاقة البديلة ضالتهم خصوصاً منظومات الألواح الشمسية التي أزاحت كابوس الظلام الذي خيّم على المدن اليمنية منذ أن شن التحالف السعودي-الإماراتي الحرب على اليمن عام 2015، وفرض الحصار البري والبحري والجوي على البلاد، الأمر الذي عطّل مؤسسات الدولة ودمّر البنية التحتية وأخرج الكهرباء العمومية عن الجاهزية في كل المدن اليمنية، ولم يتبق من الكهرباء في المناطق الواقعة تحت سلطة التحالف غير 10% من قدرتها التشغيلية.
لم يتوقف اليمنيون في رحلة البحث عن الضوء وسرعان ما اكتشفوا الثورة الشمسية كبديل لتبديد الظلام، فاكتظت الأسواق اليمنية بألواح الطاقة الشمسية، ووفق تقارير فإن اليمن جاء ضمن الدول الأكثر استيراداً لألواح الطاقة الشمسية بواقع 300 مليون دولار سنوياً مع احتمال تضاعُف الرقم خلال السنوات المقبلة.
وخلافاً للمناطق الجنوبية والريفية التي تستخدم الطاقة البديلة ذهب سكان المناطق الشمالية إلى الكهرباء التجارية، لكنها تظل خياراً غير مقبول لكل المناطق اليمنية بسبب أزمة الوقود وارتفاع أسعاره الأمر الذي ضاعف تكاليف اشتراكات المواطنين في الكهرباء التجارية، لهذا يفضِّل اليمنيون ألواح الطاقة الشمسية التي تحولت المصدر الرئيسي للكهرباء في 13 محافظة من أصل 22 محافظة يمنية، ويعتمد غالبية السكان على المنظومات ذات الـ150 واط، وذلك لأن ثمنها مقبول لا يتجاوز 300 دولار.
وعلى الرغم من انتعاش الأسواق بالطاقة البديلة واستخدام غالبية المواطنين لها، فإنها لا تقوم مقام كهرباء الدولة، وتغطي فقط 60% من احتياجات المنزل للكهرباء، حسب حديث المواطن هارون سالم لـTRT عربي، قائلاً إن "هدفه من أدخال ألواح الطاقة الشمسية إلى منزله فقط من أجل الإضاءة والتلفاز"، لافتاً إلى أن "المناطق الحارة يحتاج المواطن فيها إلى التكييف والبرّاد، وألواح الطاقة الشمسية لا توفر ذلك إلا إذا كانت منظومة ذات قدرة تشغيلية أكبر"، مضيفاً أن "هذا النوع من الألواح غالي الثمن لا يقل عن ألفَي دولار وهو مبلغ لا يناسب محدودي الدخل".
وأوضح أن "ألواح الطاقة الشمسية لاقت رواجاً واسعاً خصوصاً بعد الحرب، وبفضلها تنعم منازل اليمنيين بالضوء".
ولعل المشاكل التي تواجه الطاقة البديلة في اليمن لا تقتصر على ارتفاع أسعارها فحسب، بل في سوء استخدامها فضلاً عن قصور جهود الدولة في فرض معايير تتعلق بالنوعية والجودة، خصوصاً أن الأسواق اليمنية تمتلىء بشتّى أنواع المنظومات رديئة الجودة، ويفضلها الكثير نظراً إلى انخفاض أسعارها لكن صلاحيتها لا تدوم أكثر من سنة.
وبرأي المهندس في كهرباء عدن أحمد الرباش في حديث لـTRT عربي، فإن "المشكلة تكمن في أن اليمن يفتقر إلى القدرات الفنية بمجال الطاقة المتجددة، وذلك لأن هذا المجال أوجدته الضرورة وبشكل مفاجئ في اليمن"، مشيراً إلى أن "المنظومات بحاجة إلى أن تكون متناسقة من حيث القوة والحجم وتثبيتها على أبعاد صحيحة ببرمجيات الكمبيوتر حتى لا تتآكل قدرة المنظومة في وقت قصير"، لافتاً إلى أنها "تُركَّب في اليمن على التجربة الشخصية فقط، ما يسبب مشاكل لاحقاً في المنظومات".
هكذا يصرّ اليمنيون على إنارة منازلهم بكل الوسائل المتاحة، وحتى تنظّم الدولة قطاع الطاقة البديلة بعد أن تضع الحرب أوزارها تفضّل الأسر اليمنية استخدام الألواح الشمسية بديلاً عن المولدات الكهربائية التي تعمل بالوقود، وذلك لخطورتها وتلويثها للبيئة وضجيج أصواتها فضلاً عن انعدام الوقود وارتفاع أسعاره في البلاد.