تابعنا
تحرص البلدان الإسلامية جميعاً على تقديم الحلويات التقليدية والأطباق اللذيذة في عيد الأضحى، ومن أشهرها "المعمول" و"البسبوسة" و"الكنافة"، ويشتهر العيد أيضاً بتحضير وجبات غداء شهية مثل "المنسف" و"المجبوس" و"الكبسة" وغيرها.

"عيد الأضحى" أو "العيد الكبير" أو "عيد التشريق"، أسماء يطلقها نحو مليارَي مسلم حول العالم على عيد الأضحى المبارك، ورغم اختلاف التسميات فإنَّ مظاهر الفرحة وطرق الاحتفال تتشابه في كثير من العادات المرتبطة بهذه المناسبة السعيدة.

عادات مشتركة

تُعَدّ صلاة العيد من أهم العادات المشتركة بين المسلمين في عيد الأضحى، إذ تُقام هذه الصلاة في المساجد والساحات العامة بعد شروق شمس صباح العيد، وبعد صلاة العيد يتبادل المسلمون التهاني والتبريكات وسط أجواء من الفرحة والبهجة والترابط الاجتماعي.

كما يُعتبر نحر الأضاحي وتوزيع اللحوم واحدة من العادات الرئيسية في عيد الأضحى، بهدف تعزيز رُوح العطاء والتضامن ومشاركة الفرحة مع الآخرين.

وتُزيَّن المساكن والأماكن العامة بالديكورات والأضواء والألوان المبهجة في عيد الأضحى، في رمزية للفرح والاحتفال، ويرتدي الرجال والنساء والأطفال ملابس جميلة وملونة للاحتفاء بالعيد.

وتحرص البلدان الإسلامية جميعاً على تقديم الحلويات التقليدية والأطباق اللذيذة في عيد الأضحى، ومن أشهرها "المعمول" و"البسبوسة" و"الكنافة"، ويشتهر العيد أيضاً بتحضير وجبات غداء شهية مثل "المنسف" و"المجبوس" و"الكبسة" وغيرها.

وإلى جانب العادات والتقاليد التي يشترك فيها معظم البلاد الاسلامية، ينفرد بعض مناطق العالم الإسلامي بعادات فريدة، نستعرض جوانب منها في هذا التقرير.

المغرب العربي

في ليبيا يسمُّونه "عيد الفداء"، ويسمُّون يوم الوقفة "كبيرة العيد"، إذ تجهّز النساء البيت بتنظيفه وتبخيره، ويشتري الآباء ملابس الأطفال الجديدة، وقبل العيد يطوف الأطفال على البيوت لجمع القطع النقدية في ما يسمى "التزوليقة"، وتنتشر الأسواق الشعبية في الساحات لبيع الأضاحي ومستلزمات الذبح والشواء.

أمّا خروف الأضحية فتكحّل النساء عينيه بدلاً من تخضيبه بالحنّاء، وبعد صلاة العيد يذبحونه، ويُعِدّون الإفطار من الكبد المشويّة، ثم يخلدون إلى الراحة، وليلاً تتجمع العائلات ويسهرون لشواء اللحم وتناوله، ثم يتبادلون الزيارات والمعايدة على الأهل والجيران.

ويُطلِق التونسيون تسمية "العيد الكبير" على عيد الأضحى مثل المغاربيين، ويحرصون على تخضيب رأس الخروف بالحنّاء مثلهم، وفي صباح العيد يخرجون للصلاة في مجموعات، يتقدمهم الأئمة وهم يجوبون الشوارع بالتكبيرات، ويسمُّونها "خرجة العيد"، والهدف منها تحفيز الجيران للانضمام إليهم في الصلاة.

وبعد الصلاة يذبحون الأضحية ويشوون لحمها على الفحم، وتجلس العائلات لتتناول الإفطار باللحم مع "الدياري"، وهو خبز مُعَدّ في المنزل، كذلك يُعِدّون أطباقاً مثل "القلاية"، وهي مرق بقطع لحم صغيرة، و"المُصلى" وهو لحم بالخضار في الفرن، ويُعِدّون "القديد" الذي يُتبَّل بالفلفل الأحمر ليصبح حارّاً.

أما الجزائريون فيحرص معظمهم على الذهاب إلى الحمّامات الشعبية عشيّة ليلة العيد استعداداً للصلاة، ويلبس الأطفال الملابس الجديدة وتخضب النساء أيديهن بالحنّاء، ويجري إعداد الحلوى الجزائرية ومن أشهرها السابليه، ويتجهون إلى الأسواق يوم وقفة عرفات لشراء الأضحية التي يُخضَّب رأسها بالحنّاء، وبعد ذبحها يجري إعداد أول وجبة بطهي الأرجل والرأس، ويسمّيها البعض "يوم الرأس" أو "يوم البوزلوف"، كما تُقلى الكبد والطحال.

بعبارة "تعيد وتعاود" يتبادل المغربيون التهنئة بـ"العيد الكبير"، ويوم العيد يذهبون إلى المساجد بعباءات مزركشة جديدة، ومن كثرة أعدادهم يصلّون في الساحات.

أما الطعام، فالإفطار بعد الذبح دائماً ما يكون بـ"بولفاف"، وهو قطع من الكبد والرئة ملفوفة بالدهن تُشوَى، و"التقلية" التي هي أمعاء الذبيحة أو الكرشة التي تقطع قِطَعاً صغيرة ويُضاف إليها بصل وطماطم وتُقلى وتُزيَّن بالزيتون.

ويحمل العيد في المغرب عادة أمازيغية قديمة هي مهرجان "بوجلود"، وفيه يلبس الشباب والأطفال جلود الحيوانات التي ذُبحت ويضعون الألوان على وجوههم ويتجولون ويرقصون في تجمعات، ويتلقى بعضهم ضربة خفيفة يرون أنها تمثل "بركة العيد".

وفي موريتانيا، يسمُّون هذا العيد "عيد اللحم" أو "العيد الكبير"، وقبل العيد بأيام تمتلئ الأسواق لشراء الملابس للأطفال ولوازم الطعام وإعداد الأضحية. ويحرصون على شراء أضحية بيضاء تماماً ذات قرون كبيرة، ويرشُّون عليها بعض العطر احتفاءً بها بوصفها "فدية"، وتقرباً إلى الله. ومن أشهَر أطعمة العيد هناك الأطاجين والكسكس والأرز باللحم وختم الوجبة مع مشروب الشاي، ومن عاداتهم توزيع جزء من الأضحية قبل الأكل منها.

الشرق الأوسط

في مصر تصدح أغنية "يا ليلة العيد" لأم كلثوم يوم الوقفة، وربما من قبلها بأيام، وتمتلئ الأسواق بالمصريين الذين يشترون ملابس جديدة وخضاراً وفاكهة لإعداد طعام العيد، وكذلك يزداد شراء الخبز والرقاق لإعداد الفتة والرقاق، وهما أشهر وجبات المطبخ المصري في "العيد الكبير" كما يسمُّونه.

أما الأطفال فينطلقون بملابسهم الجديدة ويفرقعون الألعاب النارية، ويجمعون العيدية، وهي عادة فاطمية قديمة عُرفت باسم "الرسوم" أو "التوسعة".

حلوى "الكليجة" لا يخلو منها بيت في العراق صبيحة العيد، فتتجمع نساء الجيرة والعائلة لإعدادها قبل العيد، ويتناولونها مع الشاي العراقي، ويُعِدّ العراقيون للعيد قبله بأيام، بالنزول إلى الأسواق لشراء الملابس والفواكه التي سيضيّفون بها الزائرين أيام العيد، ولشراء الأضحية من أسواق المواشي.

وتُعِدّ النساء البيت ويجهّزن الحلوى، وفي الصباح يتوجه أغلب العراقيين لزيارة قبور موتاهم ويعودون لإعداد "المطبك"، وهو لحم يقدم مع أرز، أو البرياني العراقي، و"قوزي" اللحم، كما تزدان موائدهم بالكاهي والقيمر، وهي فطائر بالعسل.

ويهتمّ العراقيون بالأطفال لأنهم رُوح العيد، فيُعِدّون ساحات الألعاب والملاهي المتنقلة، فيذهبون إليها بأولادهم للعب وإنفاق العيدية في شراء ألعاب بسيطة.

وفي الإمارات يُجَهَّز للعيد كالمعتاد قبل أيام، بالذهاب إلى الأسواق لشراء الملابس الجديدة، مثل الكندورة للرجال والجلابية للنساء، أما ما يميز عائلات الإمارات فهو الحرص على إعداد الفوالة، وهي مائدة ترحيب بالضيوف الذين يتزاورون أول يوم، وتُجَهَّز بالحلويات الإماراتية كالخبيص والهريس واللقيمات وأنواع الرطب، والعصائر والمكسرات، وتُسمَّى الفوالة من الفأل الحسن.

يحرص السعوديون على التجمع في بيت الشيخ أو كبير العائلة يوم الوقفة ليذهبوا في اليوم التالي متجمعين إلى صلاة العيد بثياب جديدة ومتعطرين، والنساء يرسمن أشكالاً من الحنة على أيديهن ويجهّزن الحلوى.

بعد الصلاة وذبح الأضاحي يتجمعون لشرب القهوة وتناول التمر والمعمول والكعك بالتمر أو الكليجة وشوكولاتة العيد المزينة بعبارات العيد أو برسمة أضحية، ويتبادلون السلام والمعايدات، وتحضّر النساء الطعام الذي يكون غالباً من الأضحية، ومن أبرز وجباتهم المندي والكبسة والهريس والمرقوق والمراهيف والمصابيب والمراصيع.

في سوريا تزدحم الأسواق التجارية الشهيرة، خصوصاً أسواق المدينة القديمة بالعاصمة دمشق، كسوق الحميدية، وسوق الحرير، وسوق البزورية، فالناس يذهبون إلى تلك الأسواق ليس فقط لشراء حاجاتهم، بل حبّاً في التمشية في هذه الأسواق بالتزامن مع اقتراب العيد ليشعروا بالبهجة.

وعقب الصلاة وتفريق بعض لحوم الأضحية يتوجه أغلب السوريين إلى المقابر لزيارة الراحلين، وتوزيع الصدقات والحلوى على الفقراء، لهذا ينتشر باعة أغصان شجر الآس ليضعها الزوار على المقابر.

وللأطفال النصيب الأكبر من الفرحة، فيحصلون على ملابس جديدة وعلى العيدية أو "الخرجيّة"، ويخرجون للعب في الساحات أو الملاهي أو أمام المنازل، ويذهب بعضهم لزيارة العائلة، وتتجمع النساء لتجهيز طعام الغداء بعد ذبح الأضحية بإعداد أطباق التسقية وفتة اللحم على الفطور، والشاكرية على الغداء، وهي قطع اللحم المطهوة باللبن والنشا، تُقدَّم إلى جانب الأرز أو البرغل.

وتتشارك تركيا بنفس العادات مع مسلمي الوطن العربي في عيد الأضحى، إذ يجهزون للعيد قبلها بأيام، وتنظف النساء المنازل وتعطرها استعداداً لاستقبال الضيوف والمعايدين، كما يشترون الحلويات التي عادةً ما تتضمن البقلاوة التركية العريقة والشوكولاتة والحلقوم وغيرها.

ويهتم الأتراك أيضاً بشراء الثياب والأحذية الجديدة، خصوصاً للأطفال الصغار.

كما يتنافس بائعو الأضحية في ما بينهم بطرق تزيين الخرفان بالحنّاء والورود، وحين الاتفاق على السعر بين البائع والمشتري يصافح كلاهما الآخر بسبب الوصول إلى سعر مناسب.

وفي صلاة العيد تزدحم المساجد الكبيرة وساحاتها بالمصلين، مثل: مسجد آيا صوفيا، وجامع الفاتح، وجامع السلطان أحمد، وجامع السليمانية، وجامع الشاه زاده، وحاجي بيرم. وبعد الصلاة يتوجهون لزيارة المقابر بالزهور وترديد بعض آيات القرآن الكريم.

ويسافر كثير من الأتراك إلى عائلاتهم في القرى وينحرون الأضاحي التي يفرقون منها على الفقراء والأقارب، ثم يطهون منها طعام أول يوم، ويوزعون الحلوى والعيدية على الجيران والأطفال.

أما الأطفال فينطلقون للألعاب والساحات والحدائق، حيث ينصب بعض البلديات التركية خياماً لتقديم عروض ترفيهية للأطفال، خصوصاً عرض الدُّمى المتحركة (قره قوز).

أما في إيران، ولأنّها تضمّ أعراقاً عديدة كالعرب والترك والكرد والبلوش والفرس، فلكل منها عادات مختلفة. فالتركمان شمالي البلاد في صبيحة العيد لهم عادة قبل خروجهم من المنزل لإقامة الصلاة والمعايدة، وتسمى "قُربان شور"، ويختص هذا الطقس بالنظافة الشخصية، إذ يغتسل كلٌّ من أفراد الأسرة على ذكرى تغسيل النبي إسماعيل ليقدِّم قرباناً لوجه الله، ويتزامن هذا الغسل مع قراءة أشعار تراثية للتسلية.

وكُرد البلاد، غربي إيران، لهم عادة يعتقدون أنهم ينالون بها أجرَ مَن طاف بمكة المكرمة، إذ تجهز النساء محتويات الخبز من الدقيق والماء والملح وغيرها، ويضعنها تحت غطاء لثلاثة أيام دون الكشف عنها، وفي الليلة الأخيرة التي تصادف ليلة العيد يجري الكشف عنها وإعداد الخبز، بالإضافة إلى قرع الدفوف صباح يوم العيد وذهابهم إلى المقابر.

أما عرب إيران فيهتمّون بتزيين بيت الحاج بأعلام خضراء ليعرف الجيران والأقارب أنّ بهذا البيت حاجاً ويذهبون لتهنئته، ويبدؤون بـ"شاووشي خواني" أي قراءة الأناشيد في مديح الإمام علي بن أبي طالب، وتمنيات بحج مقبول وسعي مشكور، ويرفعون الصلوات على محمد وآله، وترافق هذه الأناشيد زغاريد النساء.

​​جنوب شرق آسيا

وفي إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد المسلمين، يتوجه كثير من المصلين إلى جاكرتا لتأدية صلاة العيد، ثم تُجمَع أضاحي المنطقة الواحدة وتُذبَح معاً في ساحة المسجد أو في الساحات الأمامية أو الخلفية وتُوزَّع في أكياس على المحتاجين. ويتوجه عديد من الإندونيسيين إلى الريف لقضاء العيد مع عائلاتهم، وينتشر بينهم إرسال كروت معايدة إلى أقاربهم، مما يمثل ضغطاً على البريد وقت العيد.

من مظاهر العيد في إندونيسيا التي تميزها طلب المغفرة والتسامح بين المسلمين، فيطلب الإندونيسي من أخيه أن يسامحه، ويعتقدون أنه عند تقديم الاعتذار وقبوله يتطهر المرء ويعود بلا أخطاء كيوم ولدته أمه، ويتعايد الإندونيسيون بعبارة "أرجوك سامحني من قلبك".

أمّا الطعام في عيد الأضحى بدول جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وسنغافورة وبروناي وإندونيسيا، فتُقدَّم أطباق "الريندانغ" خلال الاحتفال بالعيد، وهو اللحم البقري الحار.

TRT عربي
الأكثر تداولاً