تابعنا
من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، إلى المستجدات السياسية في الولايات المتحدة والغرب وآسيا، واستمرار الحرب في السودان.. شهد العالم في عام 2024 أحداثاً استثنائية شكَّلت ملامح مستقبله على مختلف الأصعدة.

ورغم أن الحروب والصراعات كانت في الواجهة، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي شهدت منافسة شرسة بين أبرز المرشحين، جذبت اهتماماً عالمياً أيضاً. هذا التنافس لم يؤثر فقط على الولايات المتحدة، بل كانت له تداعيات كبيرة على السياسة الدولية والداخلية للدولة الأكثر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم.

الشرق الأوسط: حروب مستمرة وتحولات سياسية

إبادة كاملة لقطاع غزة

يصادف اليوم الأخير لعام 2024 اليوم الـ452 لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي أسفرت عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وإصابة مئات الآلاف، وسط دمار شامل في البنية التحتية وجوع واسع النطاق أودى بحياة عديد من الأطفال وكبار السن.

حسب بيانات منظمة الصحة العالمية، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي نحو 11 ألف مجزرة في غزة خلال عام 2024. وكشف تقرير الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، عن أنه بنهاية عام 2024 انخفض عدد سكان غزة بنسبة 6%، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد 45541 فلسطينياً، فيما غادر نحو 100 ألف آخرين القطاع منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وخلال العام استهدف الاحتلال بشكل منهجي البنية التحتية الحيوية في غزة، بما في ذلك المصانع والشركات والأسواق، مما ألحق ضرراً هائلاً في مقومات الحياة. وقُدرت الخسائر بنحو 18.5 مليار دولار، وبلغت نسبة الفقر نحو 100%.

في سياق هذه الحرب، استهدف الاحتلال قيادات المقاومة الفلسطينية، إذ اغتال صالح العاروري في بيروت في يناير/كانون الثاني، وإسماعيل هنية في طهران في يوليو/تموز، ثم استُشهد يحيى السنوار في غزة في أكتوبر/تشرين الأول.

ولم تكن الضفة الغربية معزولة عن تداعيات الحرب على غزة، حيث شهدت هي الأخرى عاماً دموياً مع استمرار الاجتياحات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد اعتداءات المستوطنين. وأسفرت هذه العمليات عن استشهاد أكثر من 700 فلسطيني، وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، واعتقال نحو 10 آلاف فلسطيني، إضافةً إلى تهجير المئات من أراضيهم.

حرب غزة تُلقي بظلالها على المنطقة: لبنان واليمن وإيران

في إطار التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، شهد لبنان تصعيداً واسعاً في عام 2024 قبل التوصل إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار، ففي سبتمبر/أيلول، شنّت إسرائيل اجتياحاً برياً على جنوب لبنان، رافقه اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في ضربة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على لبنان عن مقتل 4063 شخصاً وإصابة 16663 آخرين، مما دفع نحو 1.4 مليون شخص إلى النزوح. كما قُدِّرت الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العدوان بنحو 5.1 مليار دولار.

وتصاعدت التوترات بين إيران وإسرائيل إلى مستويات خطيرة، إذ تبادل الطرفان الهجمات العسكرية، مما أسفر عن خسائر استراتيجية كبيرة. ففي أبريل/نيسان 2024، قصفت إسرائيل السفارة الإيرانية في دمشق، وردَّت إيران في الشهر نفسه بهجمات على إسرائيل استهدفت قواعد عسكرية. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أطلقت إيران أكثر من 250 صاروخاً على إسرائيل، ما دفع الأخيرة إلى الرد بضربات على طهران.

وعلى أثر الحرب في غزة شهد البحر الأحمر تصعيداً غير مسبوق، إذ استهدفت جماعة الحوثي في اليمن السفن التجارية وناقلات النفط التابعة لإسرائيل والولايات المتحدة، كما ضرب الحوثيون قلب إسرائيل بصاروخ "فلسطين 2"، فيما استمرت الضربات الإسرائيلية والأمريكية على اليمن.

في سياق متابعة الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

سوريا تطوي صفحة النظام الإجرامي المنهار

في تحوِّل تاريخي، شهد عام 2024 سقوط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب. بدأ الانهيار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عندما شنت الفصائل السابقة للمعارضة السورية هجوماً مفاجئاً على معاقل النظام المنهار، وصولاً إلى العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول، ليشكل سقوط العاصمة نهاية 53 عاماً من حكم عائلة الأسد.

بعدها فرّ بشار الأسد إلى موسكو برفقة عائلته طلباً للجوء السياسي، لتبدأ سوريا مرحلة جديدة في تاريخها. ثم تشكّلت حكومة انتقالية برئاسة محمد البشير، التي تعهدت بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء سوريا على أسس الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

لكن استغلت إسرائيل الفراغ الأمني لتشن مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية في سوريا، فيما سيطرت على هضبة الجولان.

إفريقيا: أزمة إنسانية في السودان وتحولات جيوسياسية

استمرت خلال العام الحربُ الدائرة في السودان، مما أسفر عن كارثة إنسانية كبيرة، إذ قُتل نحو 300 ألف شخص، ونزح 11.5 مليون سوداني، منهم أكثر من 3 ملايين لجؤوا إلى دول الجوار، وفق تقارير أممية. كما ارتفعت معدلات الجوع والفقر، وسُجلت مجاعة في مخيمات النازحين في دارفور.

في سياق آخر، جرت انتخابات رئاسية في 14 دولة إفريقية، ما سلَّط الضوء على التحديات التي تواجه الديمقراطية في القارة. وفي ظل تكرار الانقلابات العسكرية، قررت مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وتشكيل تحالف جديد.

كما تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا، خصوصاً بعد طرد القوات الفرنسية من دول مثل النيجر ومالي، وارتفاع مشاعر العداء ضد فرنسا بسبب اتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية واستغلال الموارد الطبيعية. كما انخفضت الاستثمارات الفرنسية في القارة، إذ فقدت الشركات الفرنسية حصتها في السوق، وأغلقت عدة قواعد عسكرية.

روسيا وأوكرانيا: تقدُّم روسي وأطراف جديدة

تواصلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2024 رغم الجهود الدولية لوقف إطلاق النار. واتسعت رقعة الصراع، خصوصاً في مناطق مثل خاركيف وأوديسا، التي شهدت معارك عنيفة. كما استخدمت الأطراف المتحاربة أسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات المُسيَّرة والصواريخ بعيدة المدى.

وفي تطور مهم، حشدت روسيا 50 ألف جندي، في خطوة لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية في منطقة كورسك غربي روسيا بعد توغل مفاجئ في أغسطس/آب 2024.

الانتخابات الأمريكية 2024: تنافُس كبير وتأثير عالمي

شهدت الانتخابات الأمريكية 2024 أحداثاً غير مسبوقة، إذ فاز الرئيس السابق دونالد ترمب بالانتخابات على نائبة الرئيس الديمقراطي كامالا هاريس، ليعود إلى البيت الأبيض بعد فترة غياب. ولفتت الأنظار صورة ترمب وهو يمسح الدماء عن وجهه بعد محاولة اغتيال تعرض لها في يوليو/تموز 2024.

ومع اقتراب عودته إلى الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2025، ازدادت التكهنات حول سياساته المثيرة للجدل، مثل تهديده بترحيل أكبر عدد من المهاجرين غير المسجلين في تاريخ الولايات المتحدة، واستعادة السيطرة على قناة بنما، وتحذيره من عواقب وخيمة في الشرق الأوسط إذا لم يُفرج عن المحتجزين في غزة.

آسيا: تصاعُد التوترات في بحر الصين.. ومذكرة اعتقال بحق رئيس دولة

شهدت التوترات بين الصين وتايوان تصعيداً كبيراً في عام 2024، إذ أجرت الصين مناورات عسكرية واسعة حول الجزيرة، مؤكدةً أن تايوان جزء من أراضيها، في حين تمسكت تايوان باستقلالها، ما أدى إلى زيادة التوترات في بحر الصين الجنوبي. على أثر ذلك تدخلت الولايات المتحدة بإرسال حاملات طائرات لدعم تايوان، وأعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2024 مساعدات عسكرية إضافية لتايوان بقيمة 571 مليون دولار.

وفي كوريا الجنوبية، شهدت تطورات سياسية غير مسبوقة، إذ أصدرت محكمة كورية مذكرة اعتقال بحق الرئيس المعزول يون سوك يول، في إطار التحقيقات المتعلقة بإعلانه الأحكام العرفية في ديسمبر/كانون الأول 2024. وفي 14 من الشهر نفسه، قرر البرلمان الكوري الجنوبي عزله، ليخلفه نائبه هان داك-سو، الذي جرى عزله أيضاً بعد أسبوعين بسبب دعمه قرار فرض الأحكام العرفية.

الاتحاد الأوروبي: صعود اليمين المتطرف وانهيار حكومتَي أكبر اقتصادين

أسفرت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2024 عن فوز أحزاب اليمين المتطرف، التي تصدرت في إيطاليا وفرنسا، وحلَّت في المركز الثاني في هولندا وألمانيا.

وفي فرنسا، انهارت حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، بعد تصويت البرلمان بحجب الثقة عنها، وهو ما جعلها الحكومة الأقصر في تاريخ فرنسا الحديث. وكان ذلك عقب محاولته تمرير مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي دون تصويت، مما أثار استياء عديد من الأطراف السياسية.

أما في ألمانيا، فأعلن الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، حل البرلمان، وحدد 23 فبراير/شباط 2025 موعداً لإجراء انتخابات مبكرة، إثر انهيار الائتلاف الحكومي وسحب الثقة عن حكومة المستشار أولاف شولتز.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً