على الرغم من اغتياله من قبل الموساد الإسرائيلي أمام بيته بمدينة صفاقس يوم 15 ديسمبر/كانون الأول، إلا أن أعمال وإنجازات المهندس التونسي محمد الزواري ما زالت حاضرة بقوة في ترسانة كتائب القسام التابعة لحركة حماس الفلسطينية.
في مثل هذا اليوم قبل 5 سنوات، اغتيل مهندس الميكانيك التونسي محمد الزواري بسيارته أمام بيته بمدينة صفاقس جنوبي تونس. وبينما انتشرت الأخبار التي تشير إلى أن القضية قد تكون مسألة "حق عام"، جاء بيان النعي العسكري الذي نشرته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2016 ليقطع الشك باليقين، ويخبر العالم أجمع أن الزواري كان على اتصال مباشر مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وأن قتله كان نتيجة عملية اغتيال نفذها الموساد الإسرائيلي.
وكشف بيان القسام عن أن الزواري كان قد زار غزة 3 مرات، وكان أحد قادتها ومن الذين أشرفوا على مشروع طائرات "أبابيل1" المسيّرة التي كان لها دور فعال في معركة العصف المأكول في غزة عام 2014، فضلاً عن مشروع الغواصات المسيّرة الذي كان يعمل عليه المهندس التونسي قُبيل اغتياله.
من جانبها، وعدت كتائب القسام بالثأر لمقتل الزواري الذي ساهم بإسهامات كبيرة ومباشرة في تعزيز وتطوير المنظومتين الجوية والبحرية للمقاومة الفلسطينية، لما أحدثته طائراته وغواصاته المسيّرة من نقلة نوعية في التصدي للعدوان الإسرائيلي ورصد وضرب أهدافه في العمق دون الحاجة إلى المخاطرة بأرواح المقاومين.
المولد والنشأة
ولد محمد الزواري بمدينة صفاقس التونسية عام 1967، ودرس هندسة الميكانيك بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس قبل أن يتعلم الطيران. لكن بسبب انتمائه إلى حركة النهضة التونسية تعرض الزواري للحبس في عهد نظام زين العابدين بن علي، وعقب إطلاق سراحه عام 1991 سافر إلى ليبيا ومن ثم السودان.
بعد حصوله على الجنسية السودانية غادر الزواري إلى سوريا وتزوج هناك من سيدة سورية. أثناء وجوده في سوريا انضم المهندس إلى صفوف حركة حماس.
وعقب الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي عام 2011، عاد الزواري إلى تونس ليشغل منصب أستاذ جامعي في المدرسة الوطنية للمهندسين حيث كان يعلم الطلبة تصنيع الطائرات بدون طيار، وبحلول عام 2015 نجح المهندس التونسي في اختبار طائرته بدون طيار التي كان يعمل عليها في أبحاث ما قبل الدكتوراه.
قبل اغتياله أواخر عام 2016، كان الزواري قد زار غزة أثناء عمله على تطوير البرنامج الخاص بتصميم وتطوير الطائرات بدون طيار التي حملت اسم "أبابيل 1"، والتي استخدمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في حربها ضد إسرائيل في قطاع غزة في معركة "العصف المأكول" عام 2014، بالإضافة إلى مشروع الغواصة المسيّرة الذي كان يعمل عليه في إطار رسالة الدكتوراه.
إسهامات الزواري
ساهمت إنجازات الزواري والتكنولوجيا التي طورها من إحداث نقلة نوعية قدرات المقاومة الفلسطينية، وبالأخص الجوية والبحرية، خصوصاً وأن إسهاماته التقنية ما زالت تخطف الأنظار عندما يتم استخدامها سواءً لرصد ومراقبة الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية أو حتى ضربها عن بعد دون الحاجة إلى المخاطرة بحياة أفراد المقاومة الفلسطينية.
والحقيقة أن إسهامات الزواري لم تتوقف عند حدود الطائرات المسيّرة وحسب، بل وصلت إلى عمق المياه، وذلك من خلال الغواصات المسيّرة التي صممها وطورها الزواري لدعم المقاومة الفلسطينية وخلق نوع من الردع التقني لصد الجبروت الإسرائيلي.
فإلى جانب طائرات "أبابيل1" المسيّرة التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية لرصد أو ضرب أهداف إسرائيلية استراتيجية بعيدة، تمتلك كتائب القسام أيضاً في ترسانتها العسكرية غواصات مسيّرة غير مأهولة قادرة على حمل مواد متفجرة بوزن 50 كيلوغراماً، تحمل إمضاء المهندس التونسي محمد الزواري.
عملية الاغتيال
في الوقت الذي كان يستعد فيه لتشغيل سيارته، اغتيل محمد الزواري أمام منزله يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، وذلك بعد أن قامت شاحنة صغيرة باعتراض طريقه، وبدأ شخصان بإمطار سيارته وجسده بأكثر من 20 رصاصة من خلال استخدام مسدسات عيار 9 مليمتر مزودة بكاتمات صوت، فبينما استقرت 8 منها في جسد المهندس، كان من بينها 8 رصاصات قاتلة على مستوى الصدر والرأس.
وبعد مرور يومين على البيان الذي نشرته كتائب القسام وحملت مسؤولية اغتيال الزواري للموساد الإسرائيلي، كشفت تحقيقات وزارة الداخلية التونسية التي أعلن عنها يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2016 عن أن التخطيط لعملية الاغتيال بدأ قبل 6 أشهر، وتحديداً في شهر يونيو/حزيران 2016، عبر شركتين وهميتين أقامهما أجنبيان في تونس باستعمال مخططين متوازنين منفصلين فشل أحدهما ونجح الثاني.
وأشارت التحقيقات إلى أن أحد المتورطين في تنفيذ عملية اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري هو شاب بلجيكي من أصول مغربية كان قد دخل إلى تونس قبل 3 أشهر من تنفيذ العملية، وذلك في إطار الإعداد لعملية القتل وربطته علاقة تجارية بامرأة تونسية تعمل في مجال الإعلام، حيث جرى الترتيب لإجراء مقابلة صحفية مع الضحية على مرحلتين.