أعلنت "كتائب القسّام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، عن دخول مسيّرة جديدة تحمل اسم "الزواري" في عملية "طوفان الأقصى"، التي بدأت يوم 7 أكتوبر، باجتياح عناصر "القسّام" منطقة غلاف غزة، التي تضم عدداً من المستوطنات الإسرائيلية، وأثار هذا الإعلان اهتماماً كبيراً حول الشخصية التي تحمل هذا الاسم وترتبط بهذه المسيّرة.
وعرضت "القسّام" عبر منصاتها الإلكترونية، مشاهد لطائرة تحت اسم "الزواري"، وقالت إنها دخلت الخدمة مع بدء عملية "طوفان الأقصى" وشاركت في التمهيد الناريّ لعبور المقاتلين إلى الأراضي المحتلة.
وقالت الحركة في بيان لها إن "سلاح الجو شارك في اللحظات الأولى لمعركة (طوفان الأقصى) بالانقضاض على مواقع العدو وأهدافه باستخدام 35 مسيّرة انتحارية من طراز (الزواري)، في كل محاور القتال".
مَن الزواري؟
يُعرف محمد محمود الزواري بأنه طيار "حماس"، وقد وُلد في مدينة صفاقس التونسية عام 1967. حصل على تعليم في هندسة الميكانيكا في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، ومن ثمّ تعلَّم فنون الطيران. في عام 1991، سافر إلى ليبيا ثم إلى السودان، وبعد الحصول على الجنسية السودانية، غادر الزواري إلى سوريا.
انضمام الزواري إلى "القسّام"
انضم الزواري إلى "كتائب القسّام" في سوريا عام 2006، وأصبح الركن الأساسي لنجاح مشروع الطائرات من دون طيار في ذلك الوقت. وعمل الزواري على تطوير الطائرات القسّامية وشارك في تصنيع أول طائرة قسامية تُعرف بـ"الطائرة العراقية". كما قاد فريقاً من مهندسي "كتائب القسّام" في زيارة استكشافية لإيران وقابل فريقاً من خبراء الطائرات من دون طيار هناك.
تعد مساهمة الزواري في تطوير مسيّرات المقاومة بارزة. فقبل معركة الفرقان في عام 2008 على قطاع غزة، أنجز الزواري مع فريق التصنيع نحو 30 طائرة من دون طيار. وقد خدم في قطاع غزة بين عامَي 2012 و2013، حيث جرت استضافته هناك وتطوَّر مشروع الطائرات من دون طيار.
وتُعد طائرة الزواري الجديدة إضافة مهمة لقدرات "كتائب القسّام". ويعكس الإعلان عن دخولها الخدمة، التطور المستمر في القدرات العسكرية للحركة. وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود المستمرة لتطوير تكنولوجيا الطائرات من دون طيار واستخدامها في معارك المقاومة.
الزواري.. مهندس الطائرات المسيّرة في "القسّام"
كان الزواري مسؤولاً عن الكثير من الأنشطة العسكرية لـ"كتائب القسّام"، بما في ذلك تطوير صناعة الطائرات المسيّرة. وقد تبنّت "كتائب القسّام" تقنية الطائرات المسيّرة وسيلةً للقتال والاستطلاع في الصراع مع إسرائيل.
شغل الزواري منصباً إشرافياً في مشروع تطوير صناعة الطائرات المسيّرة بوحدة التصنيع الخاصة بـ"كتائب القسّام"، وأُطلق على هذا المشروع اسم "أبابيل 1". شوهدت "أبابيل 1" لأول مرة عام 2014 خلال معركة "العصف المأكول".
وتُعد "أبابيل 1" من الطائرات المسيّرة ذات الحجم الصغير والبسيطة، التي صمَّمها محمد الزواري، وتستخدم بشكل رئيسي لأغراض الاستطلاع وجمع المعلومات.
تتميز "أبابيل 1" بقدرتها على حمل كاميرات صغيرة تصوّر المناطق المستهدفة وتوفير صور استخباراتية لـ"كتائب القسّام". يجري التحكم فيها من بُعد من خلال أجهزة تحكُّم أرضية، وتستخدم تقنيات الاتصال اللا سلكي لإرسال البيانات والصور إلى مركز التحكم.
أدوار مسيّرة "الزواري" الجديدة
صُمِّمت مسيّرة "الزواري"، لتؤدي عدة أدوار أبرزها:
الاستطلاع: تُستخدم "الزواري" لجمع المعلومات والاستخبارات حول مواقع العدو وتحركاته وتشكيلاته العسكرية. توفر هذه المعلومات لـ"كتائب القسّام" معلومات قيّمة للتخطيط واتخاذ القرارات العسكرية.
الهجوم: تحمل الطائرة المسيّرة "الزواري" أنظمة أسلحة مثل الصواريخ أو القنابل الصغيرة، ويمكن استخدامها لشن هجمات على أهداف عسكرية أو مدنية. قد تشن الطائرات المسيّرة هجمات على مواقع القوات الإسرائيلية أو مستوطنات إسرائيلية في الأراضي المحتلة.
التسليح النفسي: استُخدم الزواري لبث رسائل تسليح نفسي وتخويف العدو، من خلال إسقاط منشورات أو رسائل صوتية.
اغتيال الزواري
يوم 15 أكتوبر عام 2016، تعرض محمد الزواري لهجوم مسلح أمام منزله في مدينة صفاقس، حيث تلقى عشرين طلقة نارية مباشرة. وفي ذلك الوقت، كان الزواري يستعد للبدء في مشروع الدكتوراه الخاص به، الذي يتعلق بتصميم غواصة تعمل بالتحكم من بُعد.
بعد إعلان اغتياله، أعلنت "كتائب القسّام" عن انتماء الزواري إلى صفوفها، وأكدت أنه كان يعمل في صفوفها منذ عشر سنوات، وأنه كان واحداً من القادة المشرفين على مشروع طائرات "الأبابيل" القسّامية في مختلف أجيالها.
بعد ذلك، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" نتائج التحقيق الخاصة بقضية اغتيال الزواري، واتهمت "الاحتلال الصهيوني" و "الموساد" بتنفيذ عملية الاغتيال.
تخليد ذكرى الزواري
في 29 ديسمبر 2016، قررت بلدية مدينة العين في صفاقس تغيير اسم الشارع الذي كان يقطنه الشهيد محمد الزواري، والذي كان يُعرف سابقاً باسم "نهج طه حسين"، وأطلقت عليه اسم "نهج الشهيد محمد الزواري". كما قررت أيضاً تسمية ساحة القصاص الواقعة على طريق منزل شاكر باسم "ساحة الشهيد المهندس محمد الزواري"، بعد موافقة المجلس البلدي الاستثنائي لبلدية صفاقس الكبرى على هذا القرار. وُضعت أيضاً لوحة رخامية على قبره تكريماً له.
بعد أيام من اغتياله، قررت بلدية مدينة قرمدة التونسية تسمية القاعة الرياضية المغطاة بقرمدة باسم "قاعة الشهيد محمد الزواري للرياضة"، تكريماً لروحه.
وفي عام 2018، أطلقت كتائب عز الدين القسّام وحدة باسم "وحدة أبناء الزواري"، وتركز عملها على إطلاق الطائرات الورقية الحارقة والبالونات الحارقة إلى فلسطين المحتلة خلال احتجاجات غزة الحدودية في عامي 2018 و2019، وقد استُخدمت هذه التقنية أيضاً في الاشتباكات الإسرائيلية-الفلسطينية في عام 2021.