في بيان مشترك لهم، يوم الاثنين، أعلن زعماء الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، "دعمهم الثابت والموحد" لإسرائيل في هجومها على غزة. وأورد البيان: "خلال الأيام المقبلة، سنبقى متحدين وسنواصل التنسيق معاً كحلفاء وأصدقاء مشتركين لإسرائيل لضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها ولتهيئة الظروف في نهاية المطاف لشرق أوسط ينعم بالسلام والاندماج".
غير أن الانحياز الغربي لآلة الحرب الإسرائيلية لم يقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى مساعي حكومات تلك الدول إلى إخراس الأصوات المتضامنة مع فلسطين، ذلك عبر ملاحقتهم والتحرش بهم إعلامياً، أو حتى منعهم من التعبير عن رأيهم وتجريم ذلك الرأي. وهو ما وصفه مراقبون، بأنه يظهر مرة أخرى ازدواجية المعايير الغربية وعنصرية الغرب في تعامله مع القضايا التي تهم الشعوب العربية والمسلمة.
ممنوع التضامن مع فلسطين!
وفي فرنسا التي شهدت يوم الثلاثاء مسيرات داعمة لإسرائيل بدعوة من "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا" (CRIF)، والتي لم يحضرها سوى عشرات من اليهود المناصرين للصهيونية وسياسيي اليمين الفرنسي، قررت الحكومة منع أي تظاهرة مناصرة للشعب الفلسطيني ومتضامنة مع ما يعانيه من عدوان.
وفق ما نقلت وسائل إعلام فرنسية، أصدر قائد شرطة باريس لوران نونيز، يوم الأربعاء، بمنع مسيرتين تضامنيتين مع الشعب الفلسطيني، كان من المقرر أن تقاما بالعاصمة الفرنسية يوم الخميس. وبُرّر هذا القرار بـ"خطر الإخلال بالنظام العام"، وفق ما ذكر بيان الشرطة.
بينما ليست المرة الأولى التي تمنع فيها فرنسا تظاهرة تضامنية مع فلسطين تزامناً مع الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، بل سبق ومنعت مظاهرة مماثلة يوم الاثنين في مدينة ليون. وفرقت الشرطة الفرنسية بالقوة عشرات الناشطين الذين أصرّوا على التظاهر رغم المنع القانوني.
وفي بريطانيا، وجهت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، يوم الأربعاء، تعليمات إلى رجال الشرطة، مفادها أن "التلويح بالعلم الفلسطيني أو ترديد هتاف يدعو إلى حرية العرب في المنطقة قد يكون جريمة جنائية"، وحثتهم على قمع أي محاولات لاستخدام الأعلام أو الأغاني لمضايقة أو ترهيب أفراد الجالية اليهودية، وفق ما كشفت صحيفة "الغارديان".
وقالت برافرمان في رسالتها: "ليست الرموز والهتافات الصريحة المؤيدة لحماس فقط هي التي تثير القلق. أود أن أشجع الشرطة على النظر فيما إذا كانت هتافات مثل: "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر" تعبر عن رغبة عنيفة في محو إسرائيل من العالم، وما إذا كان استخدامها في سياقات معينة قد يكون مقبولاً أو يرقى إلى مستوى العنصرية المشددة".
ملاحقات واعتقالات وضغط سياسي
وفي ألمانيا أيضاً، يجري تعنيف من يعلن تضامنه مع فلسطين صراحة. وهو ما حصل لمراهق في إحدى مدارس البلاد حين عمد إلى التلويح بالراية الفلسطينية، حتى هاجمه أحد المدرسين وصفعه على وجهه، لمنعه من التعبير عن دعمه للشعب الفلسطيني، حسب ما وثّقت مشاهد فيديو تداولها ناشطو التواصل الاجتماعي.
بينما تأخذ الملاحقات والضغوط شكلاً أوسع وأعنف في فرنسا التي يتعرض لها اليسار الفرنسي الداعم لفلسطين. ورفضت حركة "فرنسا الأبية" إدانة المقاومة الفلسطينية، وهو ما عرضها لانتقادات واسعة وتحرش إعلامي، بلغ بأحد ضيوف برنامج حواري على قناة "CNews"، وهو المغني اليهودي أنريكو ماسياس، للدعوة إلى "التصفية الجسدية" لأعضاء الحزب.
بينما يواجه زعيم "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية" الفرنسي، فيليب بوتو، ملاحقات قضائية بتهمة "معاداة السامية ودعم الإرهاب". وكان بوتو قد أعرب، يوم الاثنين، عن "دعمه الكامل لنضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه، بما في ذلك نضال المقاومة المسلحة، ضد الاستعمار الذي تقوده دولة إسرائيل المتعطشة للحرب".
وفي البرلمان، طالب النائب الجمهوري ستيفان لو رودولييه، رئيسة الحكومة إليزابيث بورن، بحل كل من "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية" وحركة "فرنسا الأبية" وحزب "Indigènes de la Republic"، لما اتهمهم به من "دعم للإرهاب ومعاداة السامية".
وفي السياق نفسه، أطلقت الداخلية الفرنسية حملة اعتقالات في صفوف المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وبلغ عدد المعتقلين 20 شخصاً منذ بداية الأحداث الأخيرة. وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، إنه أمر بترحيل ثلاثة أجانب كانوا ضمن المعتقلين.