في تصعيد دراماتيكي للتوترات مع الغرب بشأن غزو موسكو لأوكرانيا، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة للجيش بوضع قوات الردع النووي الاستراتيجية الروسية في حالة تأهُّب قصوى.
ومنذ بدأت القوات العسكرية الروسية غزو أوكرانيا الخميس، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو عدة عقوبات على البلاد، على أمل وقف تصعيد الغزو. وقال بايدن خلال إفادة صحفية بالبيت الأبيض يوم الجمعة: "بوتين هو المعتدي، بوتين اختار هذه الحرب، والآن سيتحمل هو وبلده العواقب".
وردّاً على هذه العقوبات الاقتصادية الشديدة و"التصريحات العدوانية" من قوى الناتو، قال بوتين يوم الأحد إنه أمر قوات الردع النووي في بلاده بزيادة الاستعداد ووضع قوات الردع النووي في "حالة تأهُّب قتالية خاصة".
ما الردع النووي؟
باختصار يمكن القول إن الردع النووي هو عبارة آيديولوجية تعود إلى زمن الحرب الباردة تُستخدم لمنع أي عدوان نووي. تبنّت الولايات المتحدة استراتيجية الردع النووي هذه إبان الحرب الباردة، وهذا يعني أنه إذا حاول الاتحاد السوفييتي أو أي دولة الهجوم، فستردّ الولايات المتحدة بسرعة وتطلق هجوماً أكبر.
فيما يستخدم بوتين نفس الاستراتيجية الآن، إذ أشار إلى أنه إذا استمرت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في الناتو في فرض عقوبات شديدة على الاقتصاد الروسي، أو إذا حاولوا مساعدة القوات الأوكرانية، فإن روسيا ستكون مستعدة للرد بالأسلحة النووية.
وكان بوتين قال سابقاً إن "أي دولة "تعوقنا" في جهودنا لنزع السلاح وإزالة الطابع النازي عن أوكرانيا، فستواجه ردّاً فوريّاً سيؤدِّي إلى عواقب لم يشهدها تاريخهم من قبل".
قوات الردع النووي الروسية
وفقاً لوزارة الدفاع الروسية، تنقسم قوات الردع الاستراتيجية إلى القوات الهجومية الاستراتيجية والقوات الدفاعية الاستراتيجية. وقوات الردع الروسية هذه هي مجموعة من الوحدات هدفها "ردع أي هجوم ضد روسيا وحلفائها، وكذلك هزيمة العدو، بما في ذلك في حرب تُستخدم فيها أسلحةٌ نووية".
وتمثل قوات الردع الاستراتيجية الروسية حجر الزاوية الرئيسي لدى الجيش الروسي، وهذه القوات مجهَّزة بصواريخ وقاذفات استراتيجية وغواصات وسفن. أما على الصعيد الدفاعي فتتضمن درعاً مضادة للصواريخ وأنظمة مراقبة جوية ودفاعات مضادة للطائرات وللأقمار الصناعية.
وحسب تغريدة مؤسّس معهد ألبيروفيتش للأمن السيبيراني التابع لكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة دميتري ألبيروفيتش، فإن "لدى روسيا نسختها الخاصة من (ديفكون) الأمريكي (حالة الاستعداد الدفاعي)، وهو مكون من 4 مستويات: ثابت، ومرتفع، وخطر عسكري، وكامل. أمر بوتين بجعل الجاهزية مرتفعة. الأمر مقلق لكنّه لا يسبب الذعر حتى الآن".
إلى أين يتجه التصعيد؟
أزال بوتين الحجاب بالكامل عن نيته استخدام الأسلحة النووية بعد مرور أقل من 3 أيام على بدء العملية العسكرية على الأراضي الأوكرانية، التي استهلّها بتحذير الغرب بالبقاء خارجها وإلا فسيشهدون عواقب وخيمة لم يواجهوها طوال تاريخهم، وهو ما قرأه البعض على أنه تهديد مستتر بالكاد باستخدام الأسلحة النووية.
وفي هذا الصدد أشار العالم النووي في "اتحاد العلماء الأمريكيين" هانس كريستنسن إلى أنه إذا كان بوتين يسلّح أو يرفع جاهزية القتال النووي لقاذفاته، أو إذا كان يأمر بإرسال مزيد من الغواصات المجهزة بالصواريخ البالستية إلى البحر، فقد تشعر واشنطن بأنها مضطرَّة إل الرد بالمثل، بما يعني تصعيداً مقلقاً وأزمة محتملة، حسب رأيه.
من جهتها قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد الأحد، إن "أمر الرئيس فلاديمير بوتين بوضع قوات الردع الروسية التي تشمل أسلحة نووية في حالة تأهُّب قصوى يُعَدّ تصعيداً غير مقبول".
فيما لفت جايمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في "مركز كارنيغي للسلام الدولي"، إلى أن نوع القوى التي هي في حالة التأهُّب والمدى الذي تصل إليه، هما العاملان اللذان سيحدّدان إن كان بوتين يستهدف الولايات المتحدة أم أوكرانيا. ويرى أن الفكرة الفكرة الأساسية هي بوضوحٍ إخافة الغرب ودفعه إلى التراجع.