أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء، عزم بلاده تقديم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.85 مليار دولار، تتضمن منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" التي لطالما طالبت بها كييف لصد الهجمات الصاروخية الروسية، التي تستهدف بنيتها التحتية الطاقية والعسكرية منذ أسابيع.
وقال بلينكن: إن روسيا "تحاول تحويل فصل الشتاء إلى سلاح عبر تجميد المدنيين الأوكرانيين وتركهم جوعى وإبعادهم عن منازلهم. ورداً على ذلك، سيعلن الرئيس جو بايدن اليوم عن توفير الولايات المتحدة قدرات عسكرية جديدة وإضافية مهمة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها".
وأضاف موضحاً، بأن هذه المساعدات "تشمل مساعدات لأول مرة، صواريخ موجهة، وصواريخ باليستية قصيرة المدى، ونظام الدفاع الجوي باتريوت القادر على إسقاط الطائرات على ارتفاعات أعلى بكثير من أنظمة الدفاع الجوي المقدمة سابقاً".
هذا واحتفى الرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي، أثناء زيارته الأربعاء لواشنطن، بهذا الإعلان الأمريكي. و قال زيلنسكي، خلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس جو بايدن، بأن منظومات الدفاع الجوي الأمريكية "أقوى عنصر في هذه الحزمة"، وأنها "الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها حرمان الدولة الإرهابية من أداتها الرئيسية للإرهاب، من إمكانية ضرب مدننا، وطاقتنا".
ما قدرات منظومة "باتريوت"؟
تعد منظومة "باتريوت" الأمريكية أحد أنظمة الدفاع الجوي أرض-جو الأكثر تطوراً في العالم، والأكثر استخداماً، خاصة من قبل الجيش الأمريكي وقوات البلدان الحليفة له. إذ يمكنه اكتشاف وإسقاط الصواريخ والطائرات المعادية على ارتفاعات كبيرة، ويوفر حماية شاملة للمدنيين والجيوش على الأرض.
وتشمل منظومة "باتريوت" نظام إطلاق محمولة على شاحنة، مع ثماني قاذفات تحمل كل منها ما بين أربعة إلى 16 صاروخاً جاهزاً للنيران، اعتماداً على نوع الذخيرة. كما تستخدم أيضاً الرادارات ومحطات التحكم ومولدات الطاقة. وقد يصل مدى صواريخ "باتريوت" إلى 240 كيلومتراً، وقادرة على ضرب الصواريخ والطائرات المعادية تحلق على ارتفاع 24.4 كيلومتر.
ويعود تطوير هذه المنظومة إلى سنوات الحرب الباردة، حيث صممته شركة "رايثون" لحماية الأجواء الأوروبية من الصواريخ السوفيتية. فيما انتظر نشرها إلى حدود سنوات الثمانينيات. ولعبة بطاريات "باتريوت" دوراً حاسماً في صد صواريخ سكود العراقية التي كانت تستهدف المدن السعودية، خلال حرب الخليج عام 1991.
لماذا تريد أوكرانيا بشدّة "باتريوت"؟
تشهد أوكرانيا، منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هجمات روسية مكثفة باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيرة الانتحارية. والتي تستهدف البنية التحتية الطاقية والعسكرية الأوكرانية، بهدف الضغط عليها عن طريق البرد مع دخول فصل الشتاء القارس.
ويدفع هذا التوجه الروسي كييف إلى المطالبة من حلفائها بتعزيز دفاعاتها الجوية، وهو ما جرت الاستجابة إليه سابقاً بمنحها منظومتي "ناسامز" النرويجية و"إيريس- تي" الألمانية. غير أن فاعلية هاتين المنظومتين تبقى محدودة في صد الضربات الروسية، وفقاً لمحللين.
وفي تصريح سابق له لـTRT عربي، أوضح أكرم خريف، المحلل العسكري الجزائري ورئيس تحرير موقع "ميناديفانس" المتخصص في تتبع أخبار الصناعات الدفاعية، بأن "منظومة ناسامز وإيريس-تي لن تقدما الشيء الكثير في حماية المواقع الأوكرانية من الضربات الروسية".
وأرجع المحلل العسكري ذلك لأن "روسيا استعملت في ضرباتها الأخيرة صواريخ خا-101 المجنحة وصواريخ كاليبر وصواريخ إسكندر، في حين قابلية اعتراض (منظومات الدفاع الجوي الغربية الممنوحة لأوكرانيا) هذه الصواريخ ضعيفة جداً، ولا تتجاوز في اعتقادي نسبة 20%"، وبالتالي "لن تمثل هذه المساعدات عقبة أمام روسيا، التي يمكنها أن تتأقلم مع هذا الوضع الجديد".
هذه الثغرة هي التي تسعى أوكرانيا إلى سدها بمنظومة "باتريوت" المتطورة. ووفق ما كشفه مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية، فإن "باتريوت هو أحد أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدماً في العالم، وسيمنح أوكرانيا قدرة دقيقة بعيدة المدى للدفاع عن مجالها الجوي، لاستطاعته اعتراض صواريخ كروز والصواريخ الباليستية والطائرات".