ترجّح تقديرات خبراء الإنقاذ، في كوارث مثل الزلازل التي ضربت مناطق جنوب شرق تركيا، أن فرص نجاة العالقين تحت الأنقاض تنعدم بعد اليوم التاسع للكارثة. غير أن هذا ما جرى مخالفته في ولاية قهرمان مرعش، حين جرى إنقاذ شابة بعد مضي 248 ساعة من الزلزال، أي أكثر من 10 عشرة أيام.
وليست هذه الشابة استثناءً، إذ أعلنت فرق الإنقاذ بمدينة أنطاكيا، الأربعاء، أنها نجحت في انتشال سيدة وطفليها من تحت الأنقاض، بعد قضائهم أكثر من 228 ساعة هناك. وقبلها، جرى انتشال سيدة أخرى تبلغ من العمر 42 عاماً، بعد 222 ساعة من الزلزال.
ويُرجع مراقبون الفضل في هذه المعجزات الإغاثية، إلى مدى تطور ودقة تكنولوجيات البحث المستعملة في المناطق التركية المنكوبة. ذلك إذ شملت هذه التكنولوجيات كل مراحل البحث والإنقاذ، من المسح الجوي وتحديد الخرائط إلى تخلل الشقوق الضيقة والتأشير إلى وجود أرواح.
ثورة المُسيّرات
لعب الرصد من الجوّ دوراً كبيراً في دعم فرق البحث والإنقاذ التركية، أولاً لتقييم ميدان البحث، تقييم مخاطره ورسم خرائط دقيقة، وثانياً لرصد الناجين وتحديد مواقعهم، ما يفسّر دخول نحو 100 من المُسيرات التركية في تلك العمليات، منذ اللحظات الأولى للزلزال.
الأمر الذي أوضحه رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية التركية قائلاً: "بينما تواصل الطائرات المسيَّرة التركية واجباتها في منطقة الزلزال، توفّر مسيّرات أكسنغور خدمة الاتصال بالهاتف المحمول لمواطنينا في المنطقة عبر محطات البثّ التي تحملها".
ووفق إيلكر أكغونغور، مدير العلاقات الإعلامية في شركة بايكار، انضمّت مسيرة أقنجي التي تصنعها الشركة إلى عمليات البحث والإنقاذ منذ اليوم الأول من الزلزال، وما زالت 9 منها بالإضافة إلى 29 من طراز "بيرقدار تي بي 2" تواصل رحلاتها الجوية حتى الآن.
وساهمت مُسيّرات بيرقدار باستخدام تقنية "كبسولة رسم الخرائط السريعة" (Fast Mapping Pod)، في إنتاج آلاف الكيلومترات المربعة من الخرائط عالية الدقة خلال 24 ساعة فقط.
بالإضافة إلى هذا، استخدمت الشرطة التركية مُسيرتَي "باها" و"بويراز" في عمليات البحث. وهما مسيرتان صغيرتان تنفذان مهام استطلاع، بخاصة في القرى والمناطق الجبلية، ويمكنهما التحليق في ظروف جوية سيئة، ولا تحتاجان إلى مدرج بسبب قدرتهما على الإقلاع والهبوط العموديين.
رادارات وأجهزة رصد الأصوات
إضافة إلى المُسيّرات، استخدمت فرق البحث والإنقاذ رادار "DAR"، القادر على رصد أدق حركة خلف أكوام من الخرسانة والركام. وتبلغ دقة هذه الرادارات إلى إمكانية رصد حركة التنفس أو تحريك أصابع يد الضحية، وتحديد موقعهم بناءً على ذلك.
وبفضل تكنولوجيا رادار "DAR"، جرى إنقاذ ما لا يقل عن 20 شخصاً كانوا عالقين تحت المباني المنهارة.
إضافة إلى هذا الرادار، جرى استخدام أجهزة استشعار صوتي عالي الدقة، وبفضله جرى إنقاذ حوالي 28 شخصاً. ويعتمد هذا الجهاز على رصد ذبذبات الصوت على الأسطح الصلبة، وذلك عبر تثبيت مستشعرات عالية الحساسية على الجدران والأسقف، ورصد مؤشرات على وجود عالقين.
ويمكن للأجهزة توفير بيانات مسموعة ومرئية من خلال اكتشاف أصوات اللمس، أو عندما يخدش شخص ما أو يضرب شيئاً ما تحت الحطام. كما يكتشفون الأعمدة والفجوات في الحطام ويوفرون بيانات مرئية لمساعدة رجال الإنقاذ في الوصول إلى الناجين.
أنواع مختلفة من الكاميرات
بلغ إجمالي المستشعرات والرادارات والكاميرات المستخدمة في عمليات البحث، حسب وكالة الأناضول، نحو 78 جهاز تصوير وكشف واستشعار تحت الأرض ورادار، إضافة إلى 343 نظام كاميرا من مختلف الأنواع والميزات، وجهاز التصوير السفلي، وكاميرا عصا، وكاميرا حرارية، وكاميرا تعمل بالطاقة الشمسية، وكاميرا طوق.
كما استُخدمت الأقمار الصناعية للحصول على صور للمناطق المنكوبة ومعالجتها. وبفضل ذلك حُدّدَت مواقع المباني المتضررة من الزلزال داخل المنطقة، وتسريع جهود البحث والإنقاذ وضمان فاعليتها.
ومن بين هذه المعدات كاميرات العصا التي تستخدمها فرق الإنقاذ التابعة للجيش التركي، من تصنيع شركة "إستيرون" المحلية. وتستطيع هذه الكاميرات تَخلُّل الشقوق الضيقة وسط الأنقاض، بطول يصل إلى 100 متر، وتصوّرها بدقة وبزاوية تعادل 270 درجة، ويمكن استخدامها لـ24 ساعة متواصلة اعتماداً على بطاريتين فقط.
هذا إضافة إلى كاميرات حرارية، يمكنها رصد واستشعار حرارة الأجسام تحت الأنقاض، وبخاصة تلك التي لا تقع في زاوية رؤية المنقذ، اعتماداً على طيف تغيرات الحرارة الذي يوصِل مباشرة إلى العالقين.