قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن أكثر من سبعة ملايين طفل تضرروا من جراء الزلازل المتتالية المدمرة التي ضربت تركيا وسوريا، معربة عن مخاوفها من مقتل "عدة آلاف" آخرين.
وحسب الوكالة يعيش ما مجموعه 4.6 مليون طفل في 11 محافظة تركية ضربتها الزلازل، فيما يعيش 2.5 مليون طفل في المناطق المتضررة في سوريا.
قالت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية دريا يانيك في بيان يوم 13 فبراير/شباط إن ما لا يقل عن 1362 طفلاً انفصلوا عن عائلاتهم وتُركوا بعيداً عن ذويهم بفعل الزلزال.
من المتوقع أن تكون عملية ما بعد الكارثة للأطفال غير المصحوبين بذويهم أكثر حساسية من الأطفال الآخرين المتضررين، وذلك من الناحيتين القانونية والنفسية الاجتماعية.
تلقت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية أكثر من 200 ألف طلب للتبني من قبل الأسر بعد الزلزال، وفقاً للمسؤولين.
يقول يانيك إنه على الرغم من أن " التعاطف الكبير" مع هؤلاء الأطفال مثير للإعجاب، فإن بعض العمليات يجب اتباعها بشكل قانوني.
إجراء قانوني
الأطفال الذين تركوا من غير ذويهم بفعل الزلزال يُعتبرون الآن "أطفالاً سلامتهم معرضة للخطر" في نطاق قانون حماية الطفل، كما قال بيتول توبال المحامي المقيم في إسطنبول في معرض حديثه مع TRT World.
يقول توبال إن من واجب السلطات القضائية والإدارية وموظفي إنفاذ القانون والمؤسسات الصحية والتعليمية والمنظمات غير الحكومية إخطار وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية حول الأطفال المحتاجين إلى الحماية.
يجب أن تتبع هذه الإخطارات بقرار من القاضي لإبقاء الطفل تحت حماية الوكالة، كما يجب اتخاذ القرار في غضون ثلاثة أيام.
ومع ذلك في حالة الطوارئ مثل الزلزال يمكن أن تستغرق هذه العملية وقتاً أطول.
التعرف على هوية الطفل
عندما يجري العثور على طفل غير مصحوب بذويه في منطقة زلزال أو عندما يجري إخطار الوزارة بذلك، فإن تحديد هوية الطفل هو الخطوة الأولى. جرى تنفيذ ذلك من خلال برنامج DerinGORU الذي وضعه مجلس البحث العلمي والتكنولوجي في تركيا TUBITAK منذ اليوم الأول للكارثة.
يراقب البرنامج معلومات الأشخاص الذين يتلقون الرعاية في المستشفيات ويحاول مطابقتها مع معلومات الأطفال. كما تستخدم صور الأطفال لعمل المطابقات في أثناء مراقبة الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، بجانب السجلات الرسمية.
حتى الآن جرى لم شمل 78 طفلاً مع عائلاتهم بفضل برنامج DerinGORU، وفقاً للمسؤولين.
كما قالت الوزيرة يانيك في بيان يوم الاثنين، جرى لم شمل 369 من الأطفال غير المصحوبين بذويهم البالغ عددهم 1362 مع عائلاتهم بعد التعرف عليهم والتحقيق مع أسرهم.
ويوجد حالياً 201 طفل تحت رعاية الوزارة بعد أن تبين أن أسرهم فُقدت بعد الزلزال فيما أُبقي 792 منهم بالمستشفيات.
لا يزال 267 طفلاً لم يُتعرف عليهم بعد، حسب الوزارة، مضيفة أن التحقيقات للتعرف على عائلاتهم جارية على قدم وساق.
ونُقل الأطفال الذين كانوا بالفعل تحت حماية الحكومة قبل الزلزال والأطفال الذين تُركوا بدون مرافق بسبب الكارثة إلى مقاطعات أخرى موزعة على جميع أنحاء تركيا.
أشار ميرف باس المدير العام لوحدة خدمات الأطفال في مديرية الخدمات العائلية والاجتماعية في محافظة إسطنبول إلى أنه جرى نقل 35 طفلاً غير مصحوبين بذويهم إلى إسطنبول.
وقد وُضع بالفعل بعض هؤلاء الأطفال تحت حماية وزارة الأسرة، وعلمت TRT World أن الآخرين لا يزالون تحت الرعاية المؤقتة بينما يستمر البحث عن عائلاتهم.
على أرض الواقع يعتبر التعاون ضرورياً
يقول عديد من الخبراء إن الأطفال ضحايا الزلزال يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي بشكل عاجل أيضاً.
"من الضروري العودة إلى المعتاد في التعامل مع آثار الكوارث. يمكن أن تصبح هذه العملية أصعب للأطفال الذين فقدوا ذويهم في الكارثة"، هذا ما قالته الإخصائية الاجتماعية سومي تيكيلي لـTRT World.
حتى الآن أُرسِل 2072 فرداً من الدولة إلى المناطق التي ضربها الزلزال لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا الزلزال. إن التعاون بين المؤسسات الرسمية والمنظمات غير الحكومية سيجعل العملية أسهل وعلى نطاق واسع ، فمن المتوقع أن تستمر لفترة أطول.
ويضيف تيكيلي: "بصفتنا (جمعية أطفال الأرض)، فقد أنشأنا نموذجاً للعائلات التي فقدت أطفالها والأطفال الذين فقدوا أسرهم بالزلزال. نحن نشارك الردود التي تلقيناها مع الوحدات ذات الصلة بوزارة الأسرة وأعدنا أطفالاً إلى عائلاتهم بفضل هذا النموذج".
بينما تتولى الوزارة رعاية الأطفال غير المصحوبين بذويهم، تعمل المنظمات المحلية والمنظمات غير الحكومية بجد على الأرض لدعم العمل النفسي والاجتماعي لجميع الأطفال.
يُذكر أن فرقاً محترفة من علماء نفس متخصصين في الصدمات من عدة منظمات غير حكومية تباشر تقديم علاج جماعي وجلسات علاج فردي للآباء، وكذلك للأطفال. وفق هؤلاء المتخصصين يستخدم العاملون بالدعم النفسي والاجتماعي ألعاباً لمساعدة الأطفال على التغلب على القلق، كما يسمحون لهم بالتعبير عن مشاعرهم من خلال ممارسة الرياضة والفنون.