بينما تواصل تركيا، التي عانت من كارثة القرن، العمل على تقييم الأضرار المرتبطة بعاصفة الزلازل التي ضربت عشر مدن في الجنوب، فإنها تناقش بصوت عالٍ الخطوات الممكن اتخاذها لمنع حدوث كوارث مماثلة.
فبعد الزلازل في قهرمان مرعش وهاطاي، تحولت العيون في تركيا إلى تقنيات العزل الزلزالي، وازداد النقاش حول أهمية إنتاج عوازل الزلازل، التي تم استيرادها حتى الماضي القريب فزادت تكاليف استخدامها، من قبل الشركات المحلية التي بدورها ساهمت في تخفيض التكاليف.
وتُعتبر عوازل الزلازل من أهمّ بنود جدول الأعمال بعد انهيار آلاف المباني في المناطق المنكوبة، فالجميع يبحث عن أجوبة لنفس الأسئلة: هل تركيب هذا النظام مكلف للغاية؟ وهل يمكن إضافة عازل زلزالي إلى مبنى قائم بالفعل؟ وهل من الضروري تبديلها بعد فترة محددة؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر، تحدث موقع TRT Haber مع أورجان أوزتشامور، المدير العامّ لأنظمة العوازل التكنولوجية (TİS)، الشركة الأولى والوحيدة في تركيا التي تنتج عوازل الزلازل من مواد محلية.
كيف يعمل العازل الزلزالي؟
ذكر أوزتشامور أن منطق عمل نظام عوازل الزلازل بسيط للغاية في الواقع، وأوضح أن النظام يقوم على وضع أجهزة خاصة بين الهيكل الإنشائي وأساساته، ما يعني أنهم يضعون جهازاً واحداً لكل عمود من أعمدة الحمل الرئيسية، بطريقة تضمن الفصل التامّ للمبنى عن الأساسات المغروزة بالأرض.
يمكن أن تحمل هذه الأجهزة الوزن الخاص بالهيكل، ويمكن أن تكون مرنة جداً في أثناء التعامل مع القوى الأفقية التي تولدها الاهتزازات الزلزالية. فعندما تتحرك القاعدة في أثناء حدوث زلزال، تتحرك العوازل فيما يظلّ الهيكل نفسه ثابتاً. يساعد هذا بفاعلية على امتصاص الموجات الزلزالية ومنعها من الانتقال عبر المبنى.
ويخلص أوزتشامور العملية قائلاً: "في حالة تَعرُّض المبنى للاهتزازات، تمتص هذه الأجهزة حركة الزلزال داخل نفسها وتشكل نوعاً من الدفاع ضد الزلازل. وبفضلها، لا تُحمى العناصر الهيكلية فقط مثل العوارض والأعمدة، ولكن جميع مكوّنات المبنى الداخلية محمية".
"لم يعُد استخدام العزل الزلزالي ترفاً"
يقول أورجان أوزتشامور إن في العالم 12 أو 13 شركة يمكنها إنتاج عوازل الزلازل. وحسب ما قاله، كانت أسعار المنتجات المستوردة مرتفعة للغاية قبل إنتاج عوازل الزلزال في تركيا بالوسائل المحلية. بعد بدء الإنتاج المحلي لـTIS، خفضت الشركات الأجنبية سعر المنتجات التي أرادوا بيعها إلى تركيا بنسبة 50-60%.
وأضاف: "استُخدم هذا النظام حتى قبل أن نبدأ الإنتاج في بلدنا، لكنه كان نادراً جدّاً. لكن عندما أنتجنا هذا النظام محلياً وخفضنا تكاليفه، بدأت العملية تتقدم بشكل مختلف. أصبح النظام تقنية يسهل الوصول إليها. لذلك زاد استخدامه بشكل ملحوظ". وكما هو معلوم فإن هذا النظام إجباري في بعض المؤسسات العامة، بخاصة المستشفيات.
ومشيراً إلى أن المستشفيات الحكومية ذات العوازل في منطقة الزلزال أعطت نتائج ممتازة، قال أوزتشامور: "في منطقة الزلزال حيث ركّبنا نظام العزل 8 مستشفيات. فحصناها جميعاً واحداً تلو آخر. أتمّ النظام مهمته بنجاح وحصل الجميع على العلامات الكاملة".
وأردف: "فحصنا أيضاً بيانات العوازل الزلزالية المثبتة في المستشفيات في منطقة الزلزال. تحرك البعض من 4 إلى 5 سنتيمترات، والبعض الآخر 25 سنتيمتراً. على الرغم من الاهتزاز القوي، أدّى النظام دوره ولم يُصَبْ أحد حتى بنزف في الأنف".
هل يمكن وضع عوازل الزلازل في المباني القديمة؟
وفقاً لأوزتشامور، من الممكن نظرياً تعديل الهياكل القديمة باستخدام هذا النظام، ولكن في الواقع من الصعب جدّاً تنفيذه. مطلوب حسابات هندسية جادة لإعداد هذا النظام. "لا يمكنك تغطية العيوب في المبنى بعزل الزلزال. هل يمكن ذلك إذا اضطررت إلى ذلك؟ نعم، حدث ذلك بالفعل في بعض المباني حول العالم".
ما تكلفة استخدام هذا النظام؟
حسب أورجان أوزتشامور، فإن تكلفة المعيشة في مبنى به عوازل زلزالية معقولة جداً بالنظر إلى الأسعار في الظروف الحالية، وقال: "يمكن أن يكون سعر الوحدة متغيراً للغاية. لكننا نقول هذا بحساب تقريبي. إذا استبعدنا حصة الأرض، فإن إنشاء هذا النظام لا يتجاوز 10% من تكلفة تشييد المبنى. إذا أضفت حصة الأرض، فسوف تنخفض التكاليف أكثر".
وإلى جانب قضية التكلفة، يعد الوقت من أهم القضايا. فبعد اكتمال المسح الأرضي، يجب إضافة 4 أشهر في المتوسط إلى مدة المشروع من أجل تصنيع وتركيب هذه العوازل.
وعن العمر الافتراضي للعازل بعد حدوث الزلزال، أشار أوزتشامور إلى أن النظام يستمر في العمل بشكل طبيعي بعد الزلزال، حيث لا يوجد شيء معطوب يجب التخلص منه مع حدوث زلزال. وأضاف قائلاً: "إن عمر العوازل يعادل عمر المبنى".