نزوح جماعي في غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع / صورة أرشيفية: AA  (AA)
تابعنا

كتبت دانا سترول نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط آنذاك في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول إلى كبار مساعدي الرئيس جو بايدن تقول إن النزوح الجماعي سيشكل كارثة إنسانية وقد يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، مما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وذكرت سترول في الرسالة أنها كانت تنقل تقييماً للجنة الدولية للصليب الأحمر "جمّد الدماء في عروقها".

وفيما تقترب حرب غزة من إتمام عامها الأول، ويتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقاً، تُظهر رسائل سترول عبر البريد الإلكتروني ومراسلات أخرى، لم ترد تقارير عنها من قبل، صراع إدارة بايدن من أجل الموازنة بين المخاوف الداخلية إزاء ارتفاع أعداد الشهداء في غزة ودعمها العلني لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر.

وبمراجعة ثلاث مجموعات من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، من رويترز، يرجع تاريخها إلى الفترة من 11 إلى 14 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة، تكشف عن قلق مبكر في وزارة الخارجية والبنتاجون من أن ارتفاع عدد الشهداء في غزة قد ينتهك القانون الدولي ويعرّض العلاقات الأمريكية مع العالم العربي للخطر.

وتُظهر الرسائل أيضاً ضغوطاً داخلية في إدارة بايدن لتغيير رسالتها من إظهار التضامن مع إسرائيل إلى الحديث عن التعاطف مع الفلسطينيين وضرورة السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما تُظهِر محاولات حثيثة داخل إدارة بايدن لتحذير البيت الأبيض من الأزمة الوشيكة، ومقاومة مبدئية من البيت الأبيض لوقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى الفوضوية من الحرب.

"تواطؤ واشنطن"

وبعد أن استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مستشفيات ومدارس ومساجد غزة، أبلغ كبير مسؤولي شؤون الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الأمريكية بيل روسو كبار المسؤولين في الوزارة بأن واشنطن "تفقد مصداقيتها بين الجماهير الناطقة بالعربية" بعدم تعاملها مع الأزمة الإنسانية مباشرة، وذلك وفقاً لرسالة بالبريد الإلكتروني أرسلت يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول.

وكتب روسو أن الدبلوماسيين الأمريكيين في الشرق الأوسط يراقبون التقارير الإعلامية العربية التي تتهم إسرائيل بشن "إبادة" وواشنطن بالتواطؤ في جرائم حرب، كما كتب أن "عدم استجابة الولايات المتحدة للأوضاع الإنسانية للفلسطينيين ليس فقط غير فعال وله نتائج عكسية، بل إننا متهمون أيضاً بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة من خلال التزام الصمت نحو أفعال إسرائيل بحق المدنيين".

ولكن بعد رسالة روسو عبر البريد الإلكتروني، لم يشهد الموقف الأمريكي المعلن تغيراً يذكر على مدى اليومين التاليين، حسبما يظهر استعراض التصريحات العامة. وواصل المسؤولون الأمريكيون تأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وخطط تزويدها بالمساعدات العسكرية.

"جرائم حرب"

وقالت سترول في رسالتها يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، التي وصفت فيها المحادثة بينهما، إن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست مستعدة لقول ذلك علناً، لكنها تدق ناقوس الخطر في أحاديث خاصة من أن إسرائيل تقترب من ارتكاب جرائم حرب".

وكانت رسالتها عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، بما في ذلك ماكجورك، إلى جانب كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع (البنتاجون). وكتبت سترول "هاجسهم الرئيسي هو أنه من المستحيل أن يتحرك مليون مدني بهذه السرعة".

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني رداً على سترول، قال ماكجورك إن واشنطن ربما تكون قادرة على إقناع إسرائيل بتمديد مهلة إجلاء الفلسطينيين لأكثر من 24 ساعة، قائلاً إن الإدارة "يمكنها شراء بعض الوقت". لكنه كتب أنه يتعين على الصليب الأحمر والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أن تعمل مع مصر وإسرائيل للتحضير للإجلاء.

"كارثة إنسانية"

وكتبت بولا توفرو المسؤولة الكبيرة في البيت الأبيض المعنية بالاستجابة الإنسانية في البريد الإلكتروني "تقييمنا هو أنه ببساطة لا طريقة لحدوث هذا النطاق من النزوح دون التسبب في كارثة إنسانية"، وسوف يستغرق الأمر شهوراً لتهيئة الهياكل اللازمة لتوفير الخدمات الأساسية لأكثر من مليون شخص. وطلبت من البيت الأبيض أن يطلب من إسرائيل إبطاء هجومها.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية رداً على أسئلة من أجل هذا التقرير إنه منذ الأيام الأولى للصراع، شددت الولايات المتحدة على أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، لكن مع تأكيد أن طريقتها في تحقيق ذلك مهمة. وقال المتحدث "تتحمل إسرائيل التزاماً أخلاقياً لتخفيف الضرر الناجم عن عملياتها على المدنيين، وهو أمر أكدناه علانية وسراً".

"تورط وحدة يمام"

وأوصى كريستوفر لومون نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان برفض أكثر من 12 صفقة أسلحة، بما في ذلك قاذفات قنابل، وقطع غيار، وبنادق، وكتب لومون أن "تقارير عديدة" كُتبت عن تورط وحدة يمام في "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". وأبدى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان اعتراضاً على 16 صفقة أسلحة منفصلة لإسرائيل، وفقاً لرسالة البريد الإلكتروني ومصدر مطلع.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني، حث مسؤول كبير في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وزارة الخارجية الأمريكية في 14 أكتوبر/تشرين الأول على تسريع شحن 20 ألف بندقية آلية للشرطة الإسرائيلية.

وقال البيت الأبيض رداً على أسئلة بشأن رسائل البريد الإلكتروني "كانت الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية الرامية إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة" و"كان ذلك وسيظل أولوية قصوى". وأضاف أنه قبل "تدخل (الولايات المتحدة)، لم يكن طعام أو ماء أو دواء يدخل إلى غزة".

وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً