الدقائق الأخيرة من عملية إنقاذ الطفل ريان كانت صعبة وحساسة، ترقُبها ملايين الأعين خلف الشاشات بانتظار خروج ريان، بعد 100 ساعة من المحاولة المتواصلة من الحفر الدقيق للوصول إليه، وهو بعمق 32 متراً، في القرية الزراعية "إغران" التابعة لمنطقة تمروت بإقليم شفشاون.
وبين فرحة إعلان فريق الإنقاذ وصوله إلى الطفل ريان، مروراً بفرحة إخراجه من البئر الموحشة المزينة بالتكبير، فُجع المغاربة والملايين حول العالم ببيان نعي الطفل ريان.
إذ أعلن الديوان الملكي في بيان نشرته وكالة الأنباء المغربية مساء السبت وفاة الطفل ريان.
قال الديوان الملكي في بيان نشرته وكالة الأنباء المغربية مساء السبت: "على إثر الحادث المفجع الذي أودى بحياة الطفل ريان أورام، أجرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله اتصالاً هاتفياً مع السيد خالد أورام والسيدة وسيمة خرشيش والدَي الفقيد، الذي وافته المنية بعد سقوطه في بئر".
لتتحول بعد البيان رسائل الأمل بخروج ريان حياً إلى رسائل نعي وحزن، بدأها العاهل المغربي الذي قدّم "تعازيه لكل أفراد أسرة الفقيد في هذا المصاب الأليم".
وأعرب الملك محمد السادس في بيان عن "تقديره للجهود الدؤوبة التي بذلتها مختلف السلطات والقوات العمومية، والفاعليات الجمعوية، وللتضامن القوي والتعاطف الواسع الذي حظيت به أسرة الفقيد من مختلف الفئات والأسر المغربية في هذا الظرف الأليم".
ثمّ تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى بيت عزاء مفتوح يتبادل فيه رواده من مختلف الدول العربية التعازي، بعد وفاة طفل جمعتهم قصته المأساوية ووحدهم أمل خروجه من جوف البئر سالماً معافى.
لينعاه الأمراء والرؤساء والوزراء والعلماء والفنانون والمثقفون والكبار والصغار في تدويناتهم وتغريداتهم.
100 ساعة من العمل
طواقم الإنقاذ التي واصلت الليل بالنهار من أجل انتشال الطفل ظهرت عليها علامات الإرهاق الشديد بعد ساعات متواصلة من العمل.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو بثها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إعداد سيدات ريفيات من أهالي القرية الطعام لطواقم الإنقاذ والوافدين، وتوفير ما يمكن توفيره من احتياجات لهم.
وظل الكثير من الأشخاص متجمهرين في محيط الموقع، بينما وضعت القوى الأمنية التي عززت انتشارها في المكان حواجز للحيلولة دون عرقلتهم جهود فرق الإنقاذ.
حاول متطوعون من أبناء القرية وفرق الإنقاذ في البداية النزول إلى البئر لانتشال الطفل لكنّ قطرها الضيق حال دون ذلك. وفكروا أيضاً في توسيع قطر البئر لكن المخاوف من انهيار التربة جعلت المنقذين يعدلون عن هذا الخيار، ليحول العمل إلى حفر نفق مواز وسط صعوبات وحذر شديد لتفادي أي انهيار.
وعلى مدار 4 أيام متواصلة واصل فريق الإنقاذ ومعه المتطوعون العمل بدقة وحذر، على الرغم من محدودية الآليات التي لا تتجاوز قدرتها حفر 20 متراً في اليوم.
وتوقفت الجرافات عن العمل أكثر من مرة بسبب حدوث انزلاقات صخرية متعددة أثناء عملية الحفر.
ومع الاقتراب من مكان الطفل تراجعت الجرافات ليستكمل مهمة الحفر خمسيني مختص بحفر الآبار، علي جاجاني، الذي أتم يدوياً حفر نفق نحو الطفل، قبل دخول طواقم الدفاع المدني برفقة أجهزة دقيقة من أجل انتشاله.
اللحظات الأخيرة
كانت الساعات والدقائق الأخيرة لإخراج الطفل ريان من قعر البئر حاسمة وغامضة، إذ شابها تعتيم كبير جعل المجال مفتوحاً لانتشار الشائعات وتضارب الروايات حول حالته الصحية، قبل أن يخرج بيان الديوان الملكي بعد دقائق من إخراج الطفل ليعلن رسمياً وفاته.
ورجح متابعون أن تكون السلطات علمت بوفاته قبل الوصول إليه وإخراجه من البئر.
وقال الصحفي المغربي حمزة الوهابي في تصريحات صحفية إن عدداً من المؤشرات تثبت ذلك، من بينها توقف المسؤولين عن العملية عن إرسال لقطات فيديو للصحفيين تظهر الطفل وحالته منذ يوم الجمعة مثلما دأبوا على ذلك في الأيام السابقة، كما رفضوا طيلة السبت تقديم إجابة قاطعة وواضحة حول الحالة الصحية للطفل وما إذا كان حياً، وكان الجواب على أسئلة الصحفيين الملحة غامضاً: "نأمل أن يكون حياً".
ويعتقد أن تكون السلطات انتظرت إنهاء الحفر وإخراج الطفل لإعلان وفاته رسمياً، تجنباً لحدوث فوضى في القرية التي كانت تعج بآلاف المواطنين الذين قدموا من مختلف المدن لمتابعة جهود الإنقاذ.
وبعد فرحة المتجمهرين بإخراج فرق الإنقاذ الطفل ريان صُدم الجميع بعد وقت قصير على انتشاله بإعلان خبر وفاته، ليُسدل الستار على قصته بنهاية حزينة بكى عليها ملاين المغاربة والعرب.