اتفق قادة دول جوار السودان الخميس، على إنشاء آلية وزارية لوقف القتال بين الأطراف السودانية المتحاربة، والتوصل إلى "حلّ شامل" للأزمة التي حذّروا من تداعياتها الكبيرة على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
الاتفاق أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بيان ختامي ألقاه إثر قمة لقادة دول جوار السودان السبع ومفوضية الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بحضور نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني.
ومنذ 12 أسبوعاً يشهد السودان قتالاً في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلّف آلاف القتلى، معظمهم مدنيون، وأكثر من 3 ملايين نازح ولاجئ في دول الجوار، وفقاً لوزارة الصحة والمنظمة الدولية للهجرة.
وقال السيسي في البيان الختامي، إنه "اتُّفق على إنشاء آلية وزارية تعقد اجتماعها الأول في تشاد لوضع خطة تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال"، حسب بيان للرئاسة المصرية.
وأوضح أن الآلية مُكلَّفة أيضاً "التوصل إلى حلّ شامل للأزمة عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها إيغاد والاتحاد الإفريقي".
وأفاد السيسي كذلك بأن الآلية ستعمل على "وضع الضمانات التي تكفل الحدّ من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب السوداني، على أن تعرض نتائج اجتماعاتها وما توصّلَت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان".
كما اتفق القادة على "تسهيل مرور المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية (...)، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية".
وأكّدوا "أهمية الحلّ السياسي لوقف الصراع، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف إلى بدء عملية سياسية شاملة تلبّي طموحات وتطلعات الشعب في الأمن والرخاء والاستقرار"، وفقاً للبيان.
وقال السيسي إنهم "توافقوا على القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحادّ في الوضع الأمني والإنساني بالسودان، وأكدوا الاحترام الكامل لسيادة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه واعتبار النزاع الحالي شأناً داخلياً".
وبين البرهان وحميدتي خلافات أبرزها بشأن مقترح لإدماج "لدعم السريع" في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن فرض البرهان في 2021 حين كان متحالفاً مع حميدتي، إجراءات استثنائية أبرزها حلّ مجلسَي الوزراء والسيادة الانتقاليين.
ويعتبر الرافضون تلك الإجرءات "انقلاباً عسكرياً" على مرحلة انتقالية بدأت في أعقاب عزل عمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، في حين قال البرهان إن إجراءاته هدفت إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، ووعد بتسليم السلطة للمدنيين عبر انتخابات أو توافق وطني.
وتجاور السودانَ 7 دول، هي مصر وليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، كما يمتلك السودان حدوداً بحرية مع المملكة العربية السعودية.
وبدعوة من السيسي، شارك في القمة رؤساء دول وحكومات جمهورية إفريقيا الوسطي وتشاد وإريتريا وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وأمين عامّ جامعة الدول العربية.
وعن طرفي النزاع في السودان، قالت مصادر دبلوماسية سودانية طلبت عدم الكشف عن هويتها لكونها غير مخوَّل إليها الحديث للإعلام، للأناضول، إن مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي شارك في القمة، فيما لم توجّه القاهرة دعوة إلى قوات "الدعم السريع" للمشاركة.
وهدفت القمة إلى بحث "سبل إنهاء الصراع السوداني، والتداعيات السلبية له على دول الجوار"، و"وضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة سلميّاً، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى"، وفقاً للرئاسة المصرية عبر بيان في 9 يوليو/تموز الجاري.
ولم تفلح جهود سعودية وأمريكية وإفريقية في إقناع طرفَي النزاع بوقف القتال، الذي انهارت خلاله هدنات عديدة وتسبب في أزمة إنسانية في إحدى أفقر دول العالم، تنعكس تداعياتها على دول المنطقة التي يعاني عديد منها صعوبات اقتصادية فاقمتها الأزمة السودانية.