على خطى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، يسير المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن، "الذي ورث حب إسرائيل عن أبيه" في طريق انحيازه لإسرائيل على حساب عدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعبها، وهي السياسة الأمريكية المتبعة في كل الانتخابات الرئاسية، إذ تحضر إسرائيل ومطالبها على رأس أولويات المرشحين، وفي كل مرة تكون حقوق الشعب الفلسطيني قربان الفوز بالانتخابات الأمريكية.
واستخدم بايدن أولى دعاياته الانتخابية حين تعهّد إذا ما انتُخب رئيساً للولايات المتحدة، بإبقاء سفارة بلاده في إسرائيل في موقعها الجديد في القدس المحتلة، وهو الموقع الذي أقره ترمب حين نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، ليعترف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة إسرائيل.
ومنذ عام 1986، قال جو بايدن: "إنه إذا لم تكن إسرائيل موجودة، فستضطر الولايات المتحدة إلى اختراع إسرائيل لحماية المصالح الأمريكية"، وقد تصدّرت تصريحاته تلك عناوين الصحف، إذ كان وقتها عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، ثم توالت تلك التصريحات وكان أبرزها ما نقلته شبكة CNN عن بايدن بقوله: "إذا كنت يهودياً فسأكون صهيونياً. والدي أشار إلى أنه لا يشترط عليّ أن أكون يهودياً لأصبح صهيونياً، وهذا أنا. إسرائيل تعتبر ضرورية لأمن اليهود حول العالم".
لكنه وعلى الرغم من تلك العلاقات التاريخية الوطيدة، يحاول بايدن إمساك العصا من المنتصف، إذ قال إنه سيعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية ويبذل جهوداً لإبقاء حل الدولتين قابلاً للتطبيق، معرباً عن أسفه من الخطوة التي أقدم عليها ترمب بنقل السفارة من تل أبيب، قبل التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، وهي سياسة كانت واضحة حين قال: "أما وقد حصل ذلك فلن أعيد السفارة إلى تل أبيب".
لقد كنت مؤيداً فخوراً لدولة إسرائيل اليهودية الديمقراطية الآمنة طوال حياتي، وإدارتي ستحث الجانبين على إبقاء آفاق حل الدولتين على قيد الحياة.
إسرائيل وبايدن.. علاقات قديمة
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن بايدن يرحب بتأييد المجموعة الرئيسية، في محاولة لتحريك الدعم اليهودي الأمريكي خلال الانتخابات، إذ إن المجلس الديمقراطي اليهودي الأمريكي هو القادر على دعم المرشح الأول في الانتخابات، فيما يواصل بايدن تجنيد التصويت اليهودي.
وأشارت الصحيفةالإسرائيلية في تقرير آخر، إلى وجود علاقة طويلة بين بايدن وإسرائيل لكنها "معقدة إلى حد ما"، حسب وصفها.
وأضافت: "أوضح السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل مارتن إنديك في عام 2010 أن نتنياهو أهان بايدن عندما هبط نائب الرئيس آنذاك إلى إسرائيل وأعلن نتنياهو على الفور عن أنشطة استيطانية جديدة".
وعاد بايدن ليزور إسرائيل عام 2016، وأثنى نتنياهو على بايدن وقتها قائلاً: "أود أن أشكرك على صداقتنا الشخصية لأكثر من 30 عاماً. لقد عرفنا بعضنا منذ وقت طويل. لقد مررنا بالعديد من المحن والمحن. ولدينا رابطة دائمة تمثل الرابطة الدائمة بين شعبنا".
ونوهت الصحيفة بأن سنوات حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الثماني في البيت الأبيض تميزت بتوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، بدءاً من خطاب أوباما في القاهرة إلى العالم الإسلامي في عام 2009، وانتهاءً بتجاهل نتنياهو علناً لأوباما ومخاطبة الكونجرس الذي كان يقوده الجمهوريون في مارس/آذار 2015، وهو ما يتعارض مع صفقة أوباما النووية الإيرانية التاريخية التي انسحب منها ترمب منذ ذلك الحين، ومع ذلك وعلى الرغم من الضغط، ظل بايدن على علاقة جيدة مع كل من إسرائيل ونتنياهو.
وحسب الصحيفة، بعد شهر من خطاب نتنياهو أمام الكونجرس، تحدّث بايدن في الاحتفال السنوي بعيد الاستقلال الإسرائيلي قائلاً: "في بعض الأحيان نقود بعضنا إلى الجنون. لكننا نحب بعضنا ونحمي بعضنا. كما سمعني الكثير منكم أقول من قبل لو لم توجد إسرائيل، كان على أمريكا أن تخترع واحدة، لن نتخلى عن إسرائيل أبداً".
وقال بايدن لـ"شالوم تي في" عام 2007: "أنا صهيوني، لا يجب أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً"، كما تفاخر أيضاً بزواج ابنه من امرأة يهودية واستمتاعه بحضور عيد الفصح في منزلهم، كما تزوجت ابنة بايدن من جراح يهودي، وقد تفاخر بهذا الزواج قائلاً عام 2016، إنه حقق حلمه.
بايدن وحماية الاتفاق النووي
وتبدي إسرائيل ارتياحها من ترشحه لأنها تعتبره جزءاً من الاتفاق النووي، إذ أعرب مسؤولون إسرائيليون لموقع "المونيتور" العام الماضي من إعادة هذا الاتفاق إن فاز الديمقراطيون في الانتخابات الأمريكية هذا العام.
وكتب موقع "المونيتور" أن "سجلّ بايدن التاريخي الحافل بدعم إسرائيل سيجعله أفضل المرشحين الأمريكيين القادرين على الدفاع عن الاتفاق النووي مع إيران، من دون تشكيك بنواياه تجاه إسرائيل".
وأكد الموقع العلاقة الطويلة التي تجمع نتنياهو وبايدن، وقد جاء الأمر من منصب الأخير السابق كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
وأضاف: "علينا أن نبدأ من فرضية أن علاقة بايدن بنتنياهو تعود إلى 40 عاماً".
وقال مسؤول أمريكي سابق للصحيفة إن بايدن كان صوتاً رئيسياً في إدارة أوباما يدعو لتهدئة مخاوف إسرائيل من الاتفاق النووي مع إيران التي عارضها نتنياهو بشدة، وهو ما أدّى في نهاية المطاف إلى زيادة أوباما للمساعدات العسكرية السنوية لإسرائيل إلى 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
قرارات أمريكية لصالح إسرائيل
وتوالت القرارت الأمريكية التي تصب في صالح إسرائيل، وكان أوجها في عهد الرئيس ترمب ورئيس الوزراء نتنياهو.
ومنذ وصول ترمب إلى السلطة في مطلع 2017، اتخذ سلسلة قرارات صبت في مصلحة إسرائيل وأغضبت الفلسطينيين الذين قطعوا علاقاتهم مع إدارته بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، ثم نقلها السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في مايو/أيار 2018.
ولم يقف الأمر هنا، إذ تجاهلت الإدارة الأمريكية حقوق الفلسطينيين وبنود القانون الدولي، بإعلانها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير شرعية.
في 25 من مارس/آذار، وقّع ترمب على قرار اعتراف رسمي أمريكي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السوري المحتلة، قائلاً إن إسرائيل "لديها الحق المطلق في الدفاع عن نفسها، ومؤكداً أن الولايات المتحدة ستقف إلى الأبد جنباً إلى جنب مع إسرائيل، فيما رد نتنياهو على القرار قائلاً لترمب: "لقد صنعت تاريخاً".
وتمثلت الضربة الأقوى في خطة السلام الأمريكية أو ما عُرف بصفقة القرن، التي كشف عنها صهر ترمب ومستشاره جاريد كوشنر التي تفرض على الفلسطينيين تقديم تنازلات كبيرة جداً لإسرائيل، فيما تغلق الباب أمام خيار حل الدولتين.
ومؤخراً، أيدت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بشكل ضمني، ضمَّ إسرائيل أراضي من الضفة الغربية.