قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إنّ ما يجري في غزة من قتل المدنيين وتدمير كل ما فيها من البنيات التحتية والمساجد والمساكن ومنع وصول المساعدات الإنسانية "ليس مجرد حرب، بل إبادة جماعية".
وأكد أردوغان في كلمة ألقاها أمام اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية بالعاصمة أنقرة أنه "على الجميع تجنب القرارات الفورية التي تهدف إلى معاقبة جماعية للشعب الفلسطيني مثل قطع المساعدات الإنسانية".
وأضاف الرئيس التركي أن قطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة وإغلاق المداخل والمخارج والإجهاز على بنيتها التحتية، وتدمير كل ما فيها من مساجد وكنائس ومدارس وإعاقة وصول الفلسطينيين إلى احتياجاتهم الأساسية والإغارة على مساكن المدنيين، "كل هذه الأساليب ليست بحرب، بل مجزرة".
وشدد أردوغان على أن الهجمات المفرطة والمنعدمة من كل أشكال الأُسُس الأخلاقية على غزة قد تدفع إسرائيل إلى موضع لا تتوقعه ولا ترغب فيه أبداً أمام المجتمع الدولي.
وأردف: "ما تفعله إسرائيل في غزة لا يليق بدولة"، مشيراً إلى أنه على إسرائيل "أن لا تنسى أنها إذا تصرفت مثل تنظيم عوضاً عن دولة فإنها ستُعامَل كتنظيم في نهاية المطاف".
وأكد أن بلاده ترى أن أي إجراء ضد المدنيين أو أي هجوم يستهدف التجمعات المدنية غير صائب، معرباً عن إيمانه بأن الحرب لها أخلاق ويجب على الأطراف الالتزام بها.
وأوضح الرئيس التركي أن هذا المبدأ انتُهك بشكل خطير للغاية في الاشتباكات الدائرة في إسرائيل وقطاع غزة.
وتابع: "نعارض بشكل واضح قتل المدنيين في الأراضي الإسرائيلية، وبالمثل فإننا لا نقبل مطلقاً ترك الأبرياء في غزة يتعرضون للقصف المستمر وقتلهم دون أي تمييز".
وشدد الرئيس التركي على أنه من أحد أسباب وصول قضية فلسطين إلى الباب المغلق عدم الوفاء بالعهود من قِبل المجتمع الدولي، وأن "الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية تركت فلسطين وحدها ولم تفِ بوعودها ولم تستطع حماية حقوق الفلسطينيين، ولقد صدحنا بهذه الحقائق من فوق كرسي الأمم المتحدة وأمام العالم كله".
وأضاف: "على الكل تجنب القرارات الفورية التي تهدف إلى معاقبة جماعية للشعب الفلسطيني مثل قطع المساعدات الإنسانية (..) إن الانحياز الأعمى لأحد الطرفين لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، ولهذا السبب فإن تركيا تدعو الطرفين إلى ضبط النفس".
وعبر الرئيس عن رغبة بلاده في توقف الحرب في المنطقة بأسرع وقت ممكن، وأن يجري حل المشاكل بين الطرفين من خلال المفاوضات.
وأكد استعداد تركيا بفعل كل ما يقع على عاتقها "بما في ذلك الوساطة والتحكيم العادل من أجل تخليص المنطقة من هذه الدوامة".
وأشار أردوغان إلى أن بلاده ستستثمر الحوار الوثيق الذي أقامته في الآونة الأخيرة مع دول المنطقة كافة من أجل إحلال السلام.
واستطرد: "لا نريد أن يموت المزيد من الأطفال والمدنيين والأبرياء أو أن تراق المزيد من الدماء، لا في غزة ولا في إسرائيل ولا في سوريا ولا في أوكرانيا".
وتابع: "لن نقبل بأي خطوات لا تحترم وضع الحرم الشريف".
وشدد أردوغان على أنه لا يمكن إحلال السلام وإرساء الهدوء الدائمين بالمنطقة إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة تستند على قرارات الأمم المتحدة ومتكاملة جغرافياً على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والاعتراف بها من قبل العالم أجمع.
وبيّن أن البحث عن سبل أخرى، والسعي خلف رغبات أخرى لن يسبب إلّا المزيد من الدمار والدموع وخسارة الأرواح.
وتابع: "لم ولن نقبل بأي خطوات أو إجراءات لا تحترم خصوصية القدس التي تضم الأماكن المقدسة للديانات السماوية الثلاث، ووضع الحرم الشريف الذي يضم المسجد الأقصى".
ولفت إلى أن إسرائيل لن تتمكن من المحافظة على وجودها كدولة وتضمن أمن مواطنيها إلا بهذا الشكل".
وأضاف: "بخلاف ذلك فإن الأحداث التي وقعت منذ السبت الماضي لن تكون الأخيرة، وسيكون من الحتمي أن تتبعها مآس أكبر بكثير".
وذكر أردوغان أن بلاده لا ترغب في "أن تنجر إسرائيل أو فلسطين أو منطقتنا إلى مثل هذه الحلقة المفرغة".
وفجر السبت، أطلقت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
في المقابل أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليونَي فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة جرّاء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.