خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متباهياً بما حققته حكومته في مسألة مكافحة فيروس كورونا وسرعة توزيع اللقاح، وأعلن في 7 يناير/كانون الثاني "سنلقح جميع السكان المعنيين وسيتمكن كل من يريد اللقاح من الحصول عليه".
الجميع هنا، بحسب نتنياهو، يشمل الكل إلا الفلسطينيين، مع أن القانون الدولي يجبره على تأمين اللقاح لهم لأنهم شعب يقبع تحت سلطته العسكرية المحتلة، إلا أن الحالة الفلسطينية دائماً في استثناء. حيث طلبت إسرائيل من الفلسطينيين الاعتماد على أنفسهم في مواجهة الوباء الذي فتك ولا يزال بدول كبرى.
ستة ملايين فلسطيني محرومون من الحصول على لقاح كورونا، بسبب امتناع إسرائيل عن تقديمه، وعدم تعاونها مع الفلسطينيين للحصول عليه من الخارج.
ولعل أضعف حلقة فيهم هي الأسرى في سجون الاحتلال، الذين يعانون أساساً أوضاعاً صحية صعبة وسط إهمال إسرائيلي متعمد. فقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية عن إعطاء وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أمير أوحانا أمراً لمصلحة السجون الإسرائيلية بمنع الأسرى الفلسطينيين من استعمال اللقاح إلا بإذن خاص، وليس ذلك لأجل الأسرى، بل حتى لا ينتقل المرض من الأسرى إلى السجانين.
توفير اللقاحات للفلسطينيين لن يكون منّة من إسرائيل ولا مساعدة منها، فهي مجبرة بصفتها قوّة احتلال على تأمين اللقاح للفلسطينيين بحسب القانون الدولي.
فالمادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة تنصّ بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، على أنه من واجب دولة الاحتلال "اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة".
ومع ذلك، فإن السلطات الإسرائيلية تدعي أن مسؤولية تطعيم الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بموجب "اتفاقيات أوسلو"، تقع على عاتق السلطة الفلسطينية، التي تعاني، أساساً، ضعفاً مزمناً وتعتمد إلى حدّ كبير على إسرائيل في الواردات والصادرات، والمساعدة الطبية.
ولا تمتلك السلطة الفلسطينية حرية في عقد اتفاقيات، أو شراء لقاحات فيروس كورونا، بل يجب عليها الحصول على موافقات إسرائيلية لإدخالها، وفق الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي.
الحكومة الفلسطينية نددت بتعامل إسرائيل مع قضية كورونا بهذا الشكل، ومنعها إدخال اللقاحات المضادة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وطالبت منظمة الصحة العالمية بالوقوف عند التزاماتها ومسؤولياتها والعمل لدخول اللقاحات إلى قطاع غزة.
كما حمّلت الحكومة الفلسطينية تل أبيب "المسؤولية كاملة عن الأضرار التي قد تلحق نتيجة لعدم إدخال اللقاح".
تنديد الحكومة الفلسطينية صاحبته سلسلة تصريحات من جهات ومنظمات دولية تدعم تأمين لقاح كورونا للفلسطينيين بأسرع وقت ممكن، وتندد بعنصرية الاحتلال في هذه القضية.
دولياً اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بـ"التمييز المؤسسي لتطعيم مواطنيها ضد كورونا دون تطعيم خمسة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة".
بدورها وجهت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" انتقاداً شديداً لإسرائيل، ووصفت الفشل في تطعيم السكان الفلسطينيين بأنه "دليل واضح على مدى التمييز المؤسسي من قبل السلطات الإسرائيلية".
أما منظمة هيومن رايتس ووتش، فقالت، في بيان لها: "إنه لا شيء يمكن أن يبرر تلقي أشخاص اللقاحَ على جهة من الشارع، بينما يُحرم منه آخرون على الجهة الأخرى، بناء على ما إذا كانوا يهوداً أو فلسطينيين. يجب أن يحصل كل فرد في الأراضي نفسها على اللقاح بشكل عادل، بغض النظر عن أصله العرقي".
وختمت المنظمة بيانها بكلام مدير إسرائيل وفلسطين فيها عمر شاكر: "الفيروس لا يميّز بين من يصيبه، لكن حكومة إسرائيل تميّز في اختيارها من يحصل على اللقاح".