نصفهم صوّت للوبان.. كيف يوسع اليمين المتطرف شعبيته داخل الجيش الفرنسي؟ (Daphne Benoit/AFP)
تابعنا

للجيش الفرنسي الحق في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية. ومن بين أسباب السماح بذلك هو كون الرئيس، حسب دستور البلاد، هو القائد الأعلى للمؤسسة العسكرية، وبالتالي من حق الجنود اختيار قائدهم.

هذا ما كشفت عنه نتائج التصويت في الدور الأول للرئاسيات الجارية، والتي أحرز فيها اليمين المتطرف أعلى نسبة من أصوات الجنود، بل وصوّت نصفهم لصالحه، في سابقة تحيل على التحول الأيديولوجي الحاصل داخل الجيش الفرنسي نحو التطرف اليميني، وتسلط الضوء على مخاطر هذا التحول على الديموقراطية في البلاد.

نصفهم صوَّت لليمين المتطرف

حسب تقرير لموقع ميديابارت، أظهرت نتائج الدور الأول للانتخابات الفرنسية "قفزة تاريخية" حققها اليمين المتطرف بحصده أغلب أصوات عناصر الجيش وعائلاتهم، حيث توجهت نصف أصوات تلك الفئة لصالح لوبان، حيث احتلت زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان مقدمة النتائج الخاصة بالجيش بـ38.3%، متبوعة بكل من إيمانويل ماكرون وجان لوك ميلونشون.

وينضاف إلى نتائج لوبان نسبة 9.2% التي حققها إيريك زمور من أصوات الجيش و2.6% لنيكولا ديبون. وبالتالي يصبح ما مجموعه 50.1% من الأصوات لصالح اليمين المتطرف.

ومن المعهود للجيش الفرنسي ميله تجاه التيارات المحافظة، لكن خلال السنوات الماضية كان مرشحو الحزب الجمهوري هم من يستأثرون بأصواته بشكل أكبر. لكن خلال السنوات الأخيرة أصبح ملاحظاً التحول الأيديولوجي الحاصل داخل مؤسسة الجيش الفرنسي، إذ تظهر دراسة لسنة 2019، بأن نسبة تصويت البلدات التي تضم قواعد وثكنات الجيش الفرنسي لصالح مارين لوبان ارتفعت بما يقارب 10% ما بين رئاسيات 2012 ورئاسيات 2017.

ويرجع تقرير ميديابارت ذلك لكون برنامج لوبان الانتخابي يمنح أولوية للعسكريين، حيث يعدهم بزيادات كبيرة في الميزانية وزيادة في رواتبهم، كذلك تحديث البنى التحتية والمعدات، وأيضاً بتكريمهم بـ "احتفالات شفيع السلاح" ، و "إحياء ذكرى المعارك العسكرية التاريخية" أو "تدريس التاريخ العسكري في المدارس".

مخاطر على الديموقراطية؟

وتعيد هذه النتائج إلى الأذهان واقعة العريضتين الاحتجاجيتين الموقعتين من قبل عناصر عسكرية فرنسية، في يوليو/تموز الماضي، تهدد فيهما بـ"القدرة على الاستجابة للتطلعات" فيما يخص "استرجاع الأراضي المحتلة من قبل الانعزالية الإسلامية". ما وصفته وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي وقتها بأنه "تهديد بحرب أهلية".

وحازت العريضة الأولى، التي عنونها صاحبها الجنرال السابق في الدرك الفرنسي جان بيير فابر بيرناداك بـ"من أجل أن نعيد شرف حكامنا"، على توقيع 5000 جندي من رتب عسكرية رفيعة، عدد منهم ما زال في الخدمة. حيث يعبر هؤلاء الجنود عن أنهم مستعدون لحماية البلاد من "خطر الإسلامية وجحافل الضواحي (المأهولة في أغلبها بجالية مسلمة) الذين يحتلون قطاعات واسعة من أراضينا، ويخضعونها إلى دوغمائية مناقضة لما جاء به دستورنا".

فيما وقعت العريضة الثانية باسم مجهول، وتحصلت على أكثر من 200 ألف توقيع مُزَكّ. تقول هي الأخرى بأن: "الجبن والخداع والانحراف: ليست من ضمن معاييرنا للحكم. لأننا في العسكرية نقول الحقيقة كوننا نضع حياتنا على المحك. ولمواجهة كل هذا لنا كل الثقة في استجابة المؤسسة العسكرية لتطلعاتنا"، في إشارة خطيرة إلى إمكانية التحرك لتفويضها العسكر من أجل التدخل في حكم البلاد.

وأدانت وزيرة الجيوش الفرنسية هاتين العريضتين اللتين "تستحدمان خطاباً ومعجماً ودلالات تنتمي إلى اليمين المتطرف"، معتبرة "الأمر خطأ خطيراً"، ليس له من هدف سوى "تقسيم الأمة في وقت هي في حاجة ماسة إلى التكاتف في ما بينها".

TRT عربي