كازاخستان توقف طلبها لـ"بريكس".. هل يؤثر صراع واشنطن وموسكو في دول الحياد؟ (Others)
تابعنا

تُظهِر هذه الخطوة المفاجئة مدى حرص القوى المتوسطة المحاصَرة بين القوى العالمية على التعامل مع تحديات السياسة الخارجية، إذ قال الخبير الاقتصادي الكازاخستاني سيرجي دومينين لـTRT World: "يبدو أن المحللين في أوروبا وأمريكا الشمالية مقتنعون بأن مجموعة بريكس تشكل ثقلاً موازناً خطيراً للتحالفات الغربية من "الجنوب العالمي".

تعلم كازاخستان أن الانضمام إلى "بريكس" قد يُجهِد علاقاتها مع الدول الغربية، الأمر الذي قد يؤثّر في الاستثمارات والشراكات الاقتصادية، على الرغم من حرص الصين وروسيا على توسيع المجموعة ودعوة دول جديدة للانضمام.

أما دول مثل كازاخستان وأذربيجان، فإن الانضمام إلى "بريكس" قد يُنظَر إليه على أنه ابتعاد عن الغرب، وهو ما يشكّل خطراً جيوسياسياً في وجود العولمة والصراعات الإقليمية التي تعمل على توسيع الفجوة بين الغرب ومحور روسيا والصين.

كازاخستان تضغط زر الوقف المؤقت

قرار كازاخستان وقف طلب الانضمام إلى مجموعة "بريكس" يعكس البراغماتية، ففي حين تتمتع الدولة الواقعة في آسيا الوسطى بعلاقات اقتصادية قوية مع كل من الصين وروسيا، فإن الانضمام إلى المجموعة قد يعرّض مكانتها كدول محايدة في الشؤون العالمية للخطر.

في العام الماضي ارتفعت تجارة كازاخستان مع الولايات المتحدة بنسبة 30%، لتصل إلى 4.1 مليار دولار، في حين نمت التجارة مع الاتحاد الأوروبي بنحو 6% لتصل إلى 45 مليار دولار في عام 2023. ورغم أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي المنفصلة ليست الشركاء التجاريين الرئيسيين لكازاخستان، فإن التوسع خارج روسيا والصين أمر حيوي لمرونتها الاقتصادية.

وبدلاً من انضمام كازاخستان إلى مجموعة "بريكس"، تضمن الدولة الآسيوية عضويتها في المنظمات الإقليمية مثل منظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي الأوراسي قدرتها على الاستمرار في التعاون مع الصين وروسيا ودول أعضاء أخرى بشأن القضايا الإقليمية دون الحاجة إلى الانضمام إلى المجموعة.

ويقول دومينين إن "كازاخستان لا تريد إثارة غضب أي شخص أو أن تصبح بيدقاً في لعبة محصلتها صفر بين القوى العظمى".

ولكن يبدو أن قرار الوقف المفاجئ في اللحظة الأخيرة أزعج روسيا، فقد حظرت روسيا الفواكه والعدس عن كازاخستان بعد يوم واحد فقط، بما يشير إلى أن موسكو تذكّر أستانا بنفوذها.

تركيا نحو "بريكس" مع الحفاظ على وجودها في الناتو

تَعدُّد تحالفات تركيا يجعل من "بريكس" خياراً محتمَلاً لها، وعلى الرغم من عضويتها في حلف شمال الأطلسي "ناتو" وتطلعاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لم تتردد تركيا في استكشاف الشراكات في الشرق.

وتسعى أنقرة إلى أن تصبح مركزاً رئيسياً لصادرات الغاز من روسيا وآسيا الوسطى، كما تجتذب إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية للاستفادة من الاتحاد الجمركي التركي مع الاتحاد الأوروبي بما يعزز وصولها إلى السوق.

في السياق نفسه قال الباحث في السياسة الخارجية في مركز أبحاث "SETA" في أنقرة بيلجيهان أوزتورك: "تأمل تركيا زيادة حجم التجارة مع الدول غير الغربية".

ففي قمة "بريكس" 2018 في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، اقترح أردوغان مازحاً إعادة تسمية المجموعة إلى "بريكست" لتشمل تركيا، وهو الاقتراح الذي قد يظهر مرة أخرى في القمة في قازان.

وإذا انضمت أنقرة إلى المجموعة، فستكون تركيا أول عضو فيها لديه عضوية في حلف الناتو، إذ ستوفر العضوية الوصول إلى بنك التنمية الجديد لبريكس، الذي لديه احتياطي طوارئ خاصّ به، وتوسيع العلاقات التجارية.

الانضمام إلى "بريكس" من شأنه أيضاً أن يسمح لتركيا بالتجارة بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي، مما يقلّل الاعتماد على العملة التي تقودها الولايات المتحدة.

مع ذلك فإن قيادة الصين للمجموعة تجعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حذرين، إذ يعتبران هذا مكسباً محتمَلاً لبكين.

وعلى الرغم من هذه الإيجابيات، فإن الانضمام إلى مجموعة "بريكس" ينطوي على مخاطر، إذ أوضح أوزتورك أنه "إذا طورت مجموعة بريكس آليات للتداول بالعملات الوطنية، فقد يعقّد ذلك علاقاتنا مع الولايات المتحدة. نحن لا ننظر إلى مجموعة بريكس بديلاً للتحالفات الغربية، بل وسيلة لتحقيق توازن أكبر".

وتتولى روسيا رئاسة الدورة الحالية للقمة التي انطلقت الثلاثاء وتستمر حتى 24 الشهر الجاري.

يُذكر أن "بريكس" تَكتُّل أُسس عام 2006، يضمّ الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا، قبل أن تنضمّ إليه مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات مطلع 2024.​​​​​​​

ويهدف "بريكس" ذات التوجه الاقتصادي إلى إعطاء الدول النامية "التي تقاوم هيمنة الدول الغربية"، مزيداً من التمثيل في القضايا الدولية، بحسب التكتل.

TRT عربي