قصف النظام السوري للأحياء المدنية في سوريا. (AA)
تابعنا

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية الأربعاء تقريراً صحفياً يحوي مقطعاً مصوراً مسرباً، يظهر فيه الضابط أمجد يوسف، أحد ضباط الفرع 227 من المخابرات العسكرية السورية التابعة لنظام الأسد، وهو يقود مذبحة لقتل وحرق المدنيين العزّل.

ويشير التقرير إلى أن المجزرة وقعت في حي "التضامن" بالعاصمة السورية دمشق في أبريل/نيسان 2013، على بعد عدة أميال من مقرّ بشار الأسد، وأن 41 رجلاً على الأقل لقوا مصرعهم في تلك المقبرة الجماعية، ثم سكب الضباط الوقود على رفاتهم، وأشعلوا النيران وهو يتضاحكون.

وبينما وصفت "الغارديان" الواقعة بـ"جريمة حرب خفية" جرى التستر عليها لسنوات، اختتمت تقريرها بالإشارة إلى تصريحات رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، باولو بينيرو، التي قال فيها في مارس/آذار الماضي "إن أكثر من 100 ألف شخص لا يزالون في عداد المفقودين أو المختفين قسراً".

عقد من الإجرام بحق المدنيين

دخلت الأحداث في سوريا منذ انطلاق الثورة عامها الـ 12 في مارس/آذار الماضي مخلفة وراءها إرثاً ثقيلاً من المآسي الإنسانية، وقدراً هائلاً من الخراب والدمار، لجأ خلالها نظام بشار الأسد إلى خيار الحسم العسكري الذي حصد أرواح مئات آلاف المدنيين، وحوّل أكثر من نصف الشعب السوري إلى نازحين ولاجئين، إضافة إلى مآسي القتل والدمار والاعتقال.

كما يواجه الأسد ونظامه، المدعوم من روسيا وإيران، اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية في انتهاك للقانون الدولي مع استعادته السيطرة على البلاد.

وفي حفل إحياء الذكرى الـ 11 للثورة السورية تحدث رائد الفضاء السوري المعارض محمد فارس مستذكراً الضحايا والدمار، قائلاً: "كانت تضحيات الشعب السوري مشرفة، دفع ثمنها الشعب السوري دماء زكية لمليون شهيد ونصف مليون معتقل ودُمرت المدن السورية وهُجر 10 ملايين سوري في الشتات و5 ملايين في الداخل السوري".

فيما أشار رئيس اللجنة المستقلة من أجل العدالة الدولية والمحاسبة ستيفن راب، إلى إن منظمته تملك أكثر من 900 ألف وثيقة حكومية هُربت، فيها أدلة تفضح ممارسات النظام السوري والانتهاكات التي ارتكبها خلال السنوات العشر الماضية.

كلام بلا افعال

نهاية مارس/آذار 2021، نشر وزراء خارجية 18 دولة أوروبية مقالاً مشتركاً على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية، قالوا فيه: "إن دولنا ملتزمة ضمان عدم إفلات مجرمي الحرب ومرتكبي التعذيب (في سوريا) من العقاب، ولن تغلب جرائمهم رغبة الشعب السوري في الكرامة والعدالة".

وتعهد الوزراء بالتزام ضمان عدم إفلات النظام السوري رفقة تنظيم داعش الإرهابي من العقاب، وذلك على خلفية اتهامهما بارتكاب اعتداءات بالأسلحة الكيماوية وعمليات خطف وإخفاء.

كما طالبوا في بيانهم بـ"تسليط الضوء الكامل على 10 سنوات من الأعمال الوحشية". وأضافوا: "نواصل دعوتنا إلى السماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في الجرائم التي يشتبه في ارتكابها في سوريا ومحاكمة الجناة". خصوصاً وأن الرئيس بشار الأسد، المدعوم من روسيا، يواجه اتهامات باستخدام أسلحة كيماوية بشكل ينتهك القانون الدولي في إطار محاولاته لاستعادة السيطرة على البلاد.

هل توجّه أوكرانيا البوصلة نحو سوريا؟

بصرف النظر عن الدين والعرق وأماكن العيش فإن حماية المدنيين وملاحقة مجرمي الحرب هي أولوية الأمم المتحدة والدول الكبرى ومجلس الأمن المخول ببذل كل الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحسب أدبياته.

لكن روسيا التي واجهت ومازالت تواجه عقوبات غربية صارمة، كان آخرها تعليق عضوية موسكو في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تُركت وحليفها الأسد بكامل حريتهم لممارسة الجرائم والانتهاكات ضد الشعب السوري طوال عقد كامل. الأمر الذي يثير عديداً من التساؤلات حول الأطر الحقيقية التي تحدد قوانين واتفاقيات حماية المدنيين أثناء الحروب.

بعد فشل الأمم المتحدة في معاقبة الأسد ونظامه على جرائم الحرب، ووسط التعاطف الدولي، والغربي تحديداً، مع أوكرانيا في حربها المحتدمة ضد الهجوم الروسي، من شأن التقرير الذي نشرته "الغارديان" البريطانية أن يمنح السوريين فرصة ذهبية لدفع ملف قضيتهم نحو الواجهة عالمياً، فضلاً عن زيادة الضغط على ازدواجية المعايير التي يطبقها الغرب فيما يخص جرائم الحرب واستهداف حياة المدنيين.

TRT عربي