تابعنا
لم يمر يومان على قرار محكمة العدل الدولية الذي أمر إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في رفح، ونفذ الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشعة راح ضحايا لها، منذ مساء أمس الأحد، 45 شهيداً وعشرات الجرحى غالبيتهم أطفال ونساء.

ووفق ما أعلنه الدفاع المدني الفلسطيني، فإنه يواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى الجرحى بسبب الاستهداف المباشر لطواقم عمله.

ويقع المخيم الذي قصفه الاحتلال الإسرائيلي أمس شمال غربي رفح، في منطقة تل السلطان ويضم مئات الخيام التي يلوذ بها أكثر من 100 ألف فلسطيني نزحوا من مختلف مناطق القطاع.

تحدّ للقوانين الدولية

أشار المكتب الحكومي في غزة، في بيان له، إلى أن جيش الاحتلال كان قد حدد المخيم الذي قصفه برفح أمس "ضمن المناطق الآمنة ودعا النازحين للتوجه إليها".

وتابع أن جيش الاحتلال قصف مخيم النازحين بأكثر من 7 صواريخ وقنابل عملاقة تزن الواحدة منها أكثر من 2000 رطل من المتفجرات".

وكشف الدفاع المدني في غزة عن وقوع الكثير من حالات البتر والحروق الشديدة، والضحايا من النساء والأطفال إثر مجزرة المخيم.

وفي بيان لها قالت الرئاسة الفلسطينية: "إن ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي هذه المجزرة البشعة هو تحدّ لجميع قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قرار ​محكمة العدل الدولية​ الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح".

واعتبر البيان أن المواقف الأمريكية الداعمة للاحتلال، هي "السبب الرئيسي فيما نشاهده اليوم من مجازر بشعة، انتهكت خلالها سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميع المحرمات"، مطالباً بتدخل عاجل وفوري لوقف هذه الجرائم التي تستهدف ​الشعب الفلسطيني​.

وكانت محكمة العدل الدولية أقرت، الجمعة، ضرورة انسحاب إسرائيل من رفح ووقف أنشطتها العسكرية، والحفاظ على فتح معبر رفح لتسهيل إدخال المساعدات غزة"، وذلك بغالبية 13 قاضياً مقابل رفض اثنين.

وقبل تنفيذ المجزرة بساعات زعمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قلص قواته المتوغلة شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وسحب قوات لواء "غفعاتي" الموجودة هناك.

وادعت الصحيفة الإسرائيلية أنه بعد "إقرار محكمة العدل الدولية ضرورة فتح إسرائيل معبر رفح، قلص الجيش قواته في شرق المدينة".

إدانات عالمية

ورداً على مجزرة رفح، شدد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في اجتماع بالعاصمة البلجيكية بروكسل صباح اليوم، على ضرورة المطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية مؤكداً وجوب احترام المحكمة الجنائية وتركها تعمل دون تهديد.

بدوره علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على مجزرة رفح، عبر حسابه على منصة إكس، بقوله "يجب أن تتوقف هذه العمليات" داعياً إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي والوقف الفوري لإطلاق النار.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه النرويجي إسبن بارث إيدي، والأيرلندي ميشيل مارتن، في العاصمة البلجيكية بروكسل، صباح اليوم، طالب وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، نظراءه الأوروبيين برفع الصوت لدعم القانون الدولي بعد مجزرة الأمس.

وشدد على أن "قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة جميعَ الأطراف، وعلى إسرائيل وقف عملياتها في رفح" وأكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية، لافتاً إلى أن اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بالدولة الفلسطينية، سيكون غداً الثلاثاء بشكل رسمي.

ولتشكيل ضغط على إسبانيا أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم، أنه أمر بمنع القنصلية الإسبانية في القدس الشرقية المحتلة من تقديم خدماتها للسكان الفلسطينيين ومن ممارسة أي أنشطة دبلوماسية.

من جانبه، ندد وزير الخارجية الأيرلندي ميشيل مارتن بالاعتداء على مخيم اللاجئين في رفح، وشدد على ضرورة "الدفاع عن عمل واستقلالية محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية".

أما وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، فأكد في المؤتمر الصحفي نفسه أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية جزء من مسار يهدف إلى الوصول إلى سلام مستدام في الشرق الأوسط" مشدداً على أن "مواصلة إسرائيل الحرب في غزة هو انتهاك لقرار (العدل الدولية)، أعلى محكمة في العالم".

وكشف إيدي عن وجود "دول أوروبية أخرى تنظر في الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، آملاً أن تحذو حذوهم.

بدورها وعبر منصة إكس قالت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر إنها "أصيبت بالرعب" بقصف إسرائيل لمخيم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في رفح"، وأوضحت أن "قتل المدنيين والأطفال عشوائياً مخالف للقانون الدولي وينتهك قرار محكمة العدل الدولية بصورة خطيرة"

ودعا العضو في الكنيست الإسرائيلي عوفر كاسيف، في صفحته على منصة إكس إلى "تقديم مجرمي مجزرة رفح ومجرمي الإبادة الجماعية في غزة للعدالة".

"حكومة متعطشة للدماء"

أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المجزرة التي وقعت في رفح جنوبي قطاع غزة، قائلاً إنها تُظهر مرة أخرى "الوجه الدموي والغادر لدولة الإرهاب".

وتابع أردوغان في خطابه، اليوم الاثنين أن: "المجرمين مرتكبي الإبادة الجماعية قتلوا أكثر من 36 ألفاً من الأشقاء الفلسطينيين حتى الآن، وألقوا بكثافة الصواريخ والقنابل أمس على المدنيين في مخيم اللاجئين برفح التي ادعوا أنها آمنة".

وأكد الرئيس أردوغان أن تركيا ستبذل كل ما في وسعها "لمحاسبة هؤلاء القتلة الهمجيين الذين ليس لديهم أي ذرة إنسانية".

بدوره قال فخر الدين ألطون رئيس دائرة الاتصالات التركية على حسابه في منصة إكس، عقب مجزرة رفح: "الحكومة الإسرائيلية متعطشة إلى حد لا يرتوي لدماء ودموع الأبرياء"، مشيراً إلى أن هجمات إسرائيل على الجائعين والمشردين والعزل تشكل إهانة مباشرة للوعي الجمعي للإنسانية.

وأشار إلى أن الاستخفاف بالحياة البشرية متأصل في نفسية الحكومة الإسرائيلية وهو أمر مخزٍ وفظيع ومثير للاشمئزاز.

ولفت ألطون إلى أنه لم يكن بوسع إسرائيل أن تواصل احتلالها، دون مساعدة القوى التي تظاهرت بالتوسط في السلام لسنوات عديدة، داعياً دول العالم إلى الاتحاد "ضد هذا العنف الهمجي" وبناء دولة فلسطينية بأسرع وقت، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم.

بيانات عربية

أدانت جمهورية مصر العربية، قصف القوات الإسرائيلية المتعمد لخيام النازحين في مدينة رفح الفلسطينية بأشد العبارات، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، واعتبرت ما حدث إمعاناً في مواصلة استهداف المدنيين العُزل، مطالبة إسرائيل بالامتثال للتزاماتها القانونية وتنفيذ التدابير الصادرة عن محكمة العدل الدولية بشأن الوقف الفوري للعمليات العسكرية.

وقالت قطر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، إنها تدين "بأشد العبارات القصف الإسرائيلي الذي استهدف مخيماً للنازحين في رفح بقطاع غزة" واعتبرت القصف "انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية، ومن شأنه أن يضاعف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر".

بدورها استنكرت وزارة الخارجية السعودية استهداف إسرائيل خيام النازحين بالقرب من مخازن الأونروا في رفح، مطالبةً "المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري لوقف المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي".

فيما اعتبرت الكويت في بيان لوزارة الخارجية العدوان الإسرائيلي على خيام النازحين في رفح "جرائم حرب وإبادة غير مسبوقة وصارخة".

كما نددت وزارة خارجية سلطنة عمان بهذه الأفعال الشنيعة قائلة إنها "تستوجب تدخلاً دولياً رادعاً بما في ذلك فرض المجتمع الدولي عقوبات على إسرائيل".

بدوره أدان الأردن بشدة استمرار إسرائيل بإرتكاب جرائم الحرب البشعة في غزة، واعتبرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان لها أن ما حصل "تحدّ صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية وانتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

من ناحيته دعا أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان عبر حسابه على منصة إكس، إلى ضم جريمة رفح إلى المحاكم الدولية حتى يتعزز لدى هيئاتها ملف الأدلة ضد إسرائيل.

واستنكر البرلمان العربي في بيان عبر صفحته على فيسبوك "المجزرة البشعة التي نفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في مخيمات النازحين برفح"، مؤكداً أن الاحتلال تجاوز كل القوانين والأعراف والقرارات الدولية والشرعية.

كذلك أدانت منظمة التعاون الإسلامي في بيان نشر على منصة إكس، القصف الإسرائيلي لنازحين في رفح واعتبرته "مجزرة بشعة" تستدعي تحركاً دولياً.

دعوات لفرض عقوبات

قالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، اليوم الاثنين: "إن قصف إسرائيل لمخيم نازحين في مدينة رفح تحدّ صارخ للقانون والنظام الدوليين"، داعيةً لفرض عقوبات على إسرائيل من أجل إنهاء الإبادة الجماعية؟.

بدوره أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن ارتكاب العدو الصهيوني مجزرة قتل جماعي لنازحين فلسطينيين في رفح، إمعان في رفض وتجاهل قرار محكمة العدل الدولية بضرورة وقف الهجوم العسكري على المدينة.

ونبه إلى أن إسرائيل لم تتأخر بالمجاهرة في رفض قرار المحكمة من خلال تكثيف القصف والقتل والتدمير فور انتهاء الجلسة وما بعدها.

وفي السياق نفسه، اعتبرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" في بيان لها، أن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة رفح و تعمّد استهداف المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم، واستمرار منع دخول الاحتياجات والمساعدات، "إمعان في استخدام سلاح التجويع والعقوبات الجماعية"، مؤكدةً أن ما يحدث هو "ازدراء ورفض لقرارات محكمة العدل الدولية وكذلك الأمم المتحدة".

صمت أمريكي

في المقابل لم تتحرك الولايات المتحدة والتزمت الصمت حيال المجزرة كما حدث في قرار محكمة العدل يوم الجمعة، في تناقض صارخ من موقفها حين دعت المحكمة روسيا لتعليق عملياتها العسكرية فوراً في أوكرانيا، إذ قالت حينها إن "المحكمة تلعب دوراً حيوياً في التسوية السياسية، بموجب ميثاق الأمم المتحدة".

وليست لدى المحكمة، التابعة للأمم المتحدة، آلية لفرض أوامرها، ذلك أن قراراتها بحاجة إلى التصويت عليها في مجلس الأمن الدولي، التي تملك به الولايات المتحدة حق استخدام الفيتو.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً