أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الأربعاء أن الاحتلال الإسرائيلي قتل 125 فلسطينياً خلال 5 أيام شمال القطاع (Others)
تابعنا

وفي رسالة بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين، نشرها موقع أكسيوس الأمريكي، أمس الثلاثاء، طالب وزير الدفاع لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، باتخاذ خطوات عاجلة لضمان حصول المدنيين الفلسطينيين على الغذاء وغيره من الضروريات، ملقين باللوم على تصرفات الحكومة الإسرائيلية وانعدام القانون في غزة "في الفترة الأخيرة".

وحذرت الولايات المتحدة من أنه في حالة عدم إحداث تغيير بشأن إدخال المساعدات، ستكون الإدارة ملزمة اتخاذ الخطوات المنصوص عليها في القوانين والسياسات التي تنص على عدم توفير الأسلحة والمساعدات العسكرية حال عدم تسهيل المساعدات الإنسانية في أثناء الحرب وحماية المدنيين.

وتتركز مطالب الرسالة على زيادة إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة مع بداية فصل الشتاء، بما في ذلك ضمان دخول ما لا يقل عن 350 شاحنة مساعدات يومياً، وتسهيل طريق إيصال المساعدات عبر الأردن، وإنهاء حصار شمال غزة، ووضع فترات توقف إنسانية لتمكين تسليم المساعدات، ورفع أوامر الإخلاء حين لا يوجد حاجة إليها.

في السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في إفادات صحفية، إنه "خلال الأشهر القليلة الماضية لم يكن مستوى المساعدات الإنسانية مستداماً بل انخفض بنسبة تزيد على 50% عن مستواه في ذروته"، مضيفاً أن إسرائيل منعت أو أعاقت ما يقرب من 90% من التحركات الإنسانية بين الشمال والجنوب الشهر الماضي.

هل الرسالة الأمريكية جادة؟

الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لإسرائيل، وفي حين أن رسالة أوستن وبلينكن، الموجهة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، لا تشير صراحةً إلى تعليق كامل للأسلحة، فإنها تمثل تحذيراً ضمنياً بأن الولايات المتحدة قد تقلص أو توقف هذه الشحنات إذا لم يُسهل الاحتلال وصول الغذاء والدواء وغيره من الضروريات لسكان غزة.

وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، عن سبب عدم قطع إدارة بايدن المساعدات عن إسرائيل على الفور، بالنظر إلى تحدي نتنياهو المتكرر للمخاوف بشأن الخسائر المدنية، قال إنه "من المناسب أن نمنحهم بعض الوقت للعمل على القضايا المختلفة وإيجاد طرق لرفع مستوى الشاحنات، ومستوى الغذاء والماء والأدوية، إلى مستويات مقبولة".

كما أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إلى أن الرسالة "لم تكن تهدف إلى التهديد"، قائلاً في إفادة صحفية: "كانت تهدف ببساطة إلى تكرار الشعور بالإلحاح الذي نشعر به والجدية التي نشعر بها بشأن الحاجة إلى زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية، هذا ما يمكنك فعله مع حلفائك".

من ناحية أخرى ظهرت أنباء رسالة بلينكن وأوستن بعد ساعات فقط من تأكيد البنتاغون وصول قوات ومعدات أمريكية إلى إسرائيل تشمل بطاريات متطورة مضادة للصواريخ من طراز "ثاد" لتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية إضافةً إلى 100 جندي أمريكي لتشغيل نظام الدفاع الصاروخي.

وسابقاً وجَّهت الولايات المتحدة دعوات متكررة للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة، ولكن نتنياهو تجاهلها في كثير من الأحيان، ومع ذلك لم تفرض إدارة بايدن قيود على مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية المرسلة إلى إسرائيل، حتى بعد عدم الاستجابة للتحذيرات السابقة بشأن سلوكها في الحرب.

وفي هذا الصدد يؤكد الباحث الفلسطيني والمتخصص في العلاقات الدولية محمود الرنتيسي، أن هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها الإدارة الأمريكية تحذيرات مماثلة لإسرائيل، ولم تنفّذ أياً منها وتراجعت "أمام ضغط من اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة".

ويرى الرنتيسي في حديثه مع TRT عربي أن هذه الرسالة نوع من التضليل التي تمارسها الإدارات الديمقراطية من خلال الادعاء بأنهم يسعون لوقف إطلاق النار وإنجاح المفاوضات وإدخال المساعدات، موضحاً أن واشنطن تحاول تبييض وجهها أمام المجتمع الدولي وأمام الناخب الأمريكي الغاضب من سلوك الإدارة التي غطت على الإبادة الجماعية ودعمتها.

من جهته يعتقد المختص بالشؤون الإسرائيلية وأستاذ العلوم السياسية مأمون أبو عامر، أنه لن يكون هناك منع للأسلحة الأمريكية لإسرائيل، مستدلاً على ذلك برد جون كيربي أن الرسالة "تهدف ببساطة إلى تكرار الشعور بالإلحاح وتذكير إسرائيل بالتزاماتها".

وأشار في حديثه لـTRT عربي إلى أن تلك الرسالة التحذيرية لإسرائيل نابعة من القانون الأمريكي والوثائق الموقَّعة التي توجب على الدول التي لها علاقات مع إسرائيل أن لا تكون شريكاً في حصار مدنيين، وإدخال المواد والمساعدات الإنسانية التي ترسلها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أو الجهات المختصة.

وتابع: "وبالتالي هم يذكّرون بهذه الوثيقة الموقَّعة خشية أن تستخدمها منظمات إنسانية أمريكية ضدهم لرفع قضايا في محاكم الأمريكية خصوصاً في ظل الأجواء الانتخابية"، كي لا تحرج الإدارة الأمريكية نفسها أمام المجتمع وأمام الجهات القانونية.

هل يؤثر التحذير الأمريكي في فك حصار شمال غزة؟

حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لم يدخل أي طعام إلى شمال غزة منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول، مما يزيد من خطر المجاعة وسط الحصار الإسرائيلي، كما فرَّ السكان الذين نزحوا عدة مرات من أجزاء من شمال غزة مرة أخرى في الأسبوع الماضي وسط هجوم إسرائيلي متجدد في المنطقة.

والأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن المستشفيات الثلاثة التي لا تزال تعمل في شمال غزة تواجه "نقصاً حاداً في الوقود والأدوية والدم، في حين تتضاءل الإمدادات الغذائية".

وأضاف دوجاريك أن السلطات الإسرائيلية سهَّلت محاولة واحدة فقط من بين 54 محاولة للأمم المتحدة لتوصيل المساعدات إلى شمال غزة خلال الشهر الجاري، ورفضت 85% من الطلبات، فيما أعاقت أو ألغت الباقي "لأسباب لوجيستية أو أمنية".

وفي هذا الصدد يقول محمود الرنتيسي إن الولايات المتحدة هي الطرف الأقوى في معادلة التأثير في دولة الاحتلال، "ولذلك إذا كان هناك تهديد وتحذير جدي من الولايات المتحدة بحظر أو قطع مساعدات عسكرية في حال لم يسمح بدخول المساعدات الإنسانية لشمال غزة، فهذا قد يساعد في الضغط على على دولة الاحتلال، لكن لسنا متأكدين من حقيقة أنه يوقف الحرب لأن الاحتلال ماضٍ في هذه المعركة".

واستطرد: "أما فيما يتعلق بقطاع غزة وداخل حدود فلسطين فقدرة واشنطن على إحداث الضغط حتى هذه اللحظة ليست كبيرة، ورأينا أنهم لم يضغطوا بشكل حقيقي على الاحتلال خلال سنة كاملة من المجازر والإبادة والتهجير والتجويع".

بدوره يقول مأمون أبو عامر، إن "إمهال الاحتلال شهراً هو رسالة واضحة أن إسرائيل مسموح لها بالاستمرار في عملياتها، فالناس مضى عليهم أسبوعان منذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول محاصَرين ولم يدخل لهم أي شيء، وبالأساس كان هناك قبلها تقليص للمساعدات إلى النصف".

وتابع: «لكن الإدارة الأمريكية لا تريد أن تُحرج نفسها وتظهر أنها توافق على التجويع وإبادة المدنيين في هذه المرحلة، وكما واكبت الحال في كل الخطط التي صارت عليها إسرائيل مثلما حدث في رفح بعد رفضها في البداية وقالت إنها ستتخذ إجراءات ثم دخل نتنياهو رفح، واليوم التالي خرج الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، وقال إنه من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها... ستواكبه أيضاً هذه المرة".

ومنذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعاني قطاع غزة المحاصر نقصاً في المساعدات الإنسانية اللازمة، فيما تدعم الولايات المتحدة إسرائيل المتهمة بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في محكمة العدل الدولية.

ووفق تقرير صادر عن مشروع تكاليف الحرب بجامعة براون، أنفقت الولايات المتحدة 17.9 مليار دولار على الأقل على المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة، مقابل ملياري دولار فقط لغزة.

وتُظهر البيانات أن الولايات المتحدة تبرّعت لإسرائيل بمبلغ قدره 297 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين بين عامي 1946 و2023، في إطار مساعدات اقتصادية وعسكرية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً