دبابات جيش الاحتلال تتوغل في شمال قطاع غزة / صورة: أرشيف Reuters (Reuters)
تابعنا

ونقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) عن نتنياهو قوله إن الخطة "منطقية". وكان اقترحها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي غيورا آيلاند، مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، ودعمها عشرات الضباط الكبار الحاليين والسابقين بجيش الاحتلال.

وذكرت شبكة CNN الأمريكية أن الخطة تتضمن إجبار جميع المدنيين الفلسطينيين على مغادرة شمال غزة، ومنع دخول أي مساعدات للسكان المتبقين وفرض حصار كامل على المنطقة، ولم تتطرق الخطة إلى ما إذا كان سيُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى هناك في المستقبل.

"خطة الجنرالات"

بعد ما يقرب من عام على الحرب، يبدو أن الاحتلال ينوي التوجه نحو مرحلة جديدة أكثر فظاعة، فالخطة التي أعلن نتنياهو أنه بصدد دراستها، تهدف إلى وضع شمال قطاع غزة بالكامل تحت السيطرة العسكرية المباشرة وتهجير ما يقرب من 500 ألف مدني -وفق تقديرات أممية- من شمال القطاع بما في ذلك مدينة غزة، لفرض الحصار على حركة حماس وإجبارها على إطلاق سراح الرهائن.

ونقلت شبكة CNN قول غيورا آيلاند الذي يتولى قيادة الاقتراح، في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت في وقت سابق من هذا الشهر: "سيحصل من يغادرون على الطعام والماء، وفي غضون أسبوع ستصبح منطقة شمال قطاع غزة بأكملها منطقة عسكرية، ولن تدخلها أي إمدادات"، زاعماً أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى استسلام 5000 من مقاتلي حماس أو الموت جوعاً، وفق ادعاءاته.

وتابع في الفيديو: "الواقع اليوم في غزة هو أن السنوار ليس متوتراً حقاً. الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو إبلاغ ما يقرب من 300,000 من السكان الذين بقوا في شمال قطاع غزة، المواطنين المقيمين، بما يلي: نحن لا نقترح عليكم مغادرة شمال قطاع غزة، نحن نأمركم بمغادرة شمال قطاع غزة".

ووفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل، زعم آيلاند في أثناء عرضه المقترح على اللجنة البرلمانية الأسبوع الماضي، أن الخطة من شأنها أن "تغيّر الواقع" على الأرض في غزة، مدعياً أن الحصار ليس تكتيكاً عسكرياً فعالاً فحسب، بل إنه "متوافق أيضاً مع القانون الدولي"، قائلاً: "ما يهم السنوار هو الأرض والكرامة، وبهذه المناورة، فإنك تسلب الأرض والكرامة"،

وقال آيلاند في حديث لشبكة ABC News، اليوم الاثنين، إنه قدم الخطة في الكنيست الأسبوع الماضي، ويعتقد وجود "دعم سياسي وعسكري واسع النطاق للخطة"، متابعاً أنه على الرغم من أنه لم يتحدث إلى نتنياهو شخصياً، لكنه تحدث إلى أشخاص مقربين من رئيس الوزراء، الذي "يعرف الخطة ويفكر في تبنّيها".

وفي رسالة حصلت عليها شبكة CNN، كتب 27 عضواً في الكنيست، ومن بينهم ثلاثة وزراء حاليين، إلى الحكومة يحثونها على تبني الخطة المذكورة، كما دافع منتدى القادة والمقاتلين الاحتياطيين، عنها "لإحداث تغيير فعلي في وضع الحرب"، مطالبين الحكومة بتنفيذ مقترح آلاند في شمال غزة بل وفي أجزاء أخرى من القطاع بعدها.

وأكد تقرير "لمجلة +972" مطالبة وزراء إسرائيليين وجنرالات وأكاديميين بمرحلة جديدة حاسمة في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وتحديداً في الشمال، ففي مقابلة إذاعية في 15 سبتمبر/أيلول الجاري، أوضح الباحث في جامعة تل أبيب، عوزي رابي قائلاً: "إجلاء جميع السكان المدنيين من الشمال، وكل من يبقى هناك سيُعتبر قتله قانونياً، إذ إنه إرهابي ويخضع لعملية تجويع أو إبادة".

ولا تعالج الخطة التي باتت تعرف في إسرائيل بخطة "الجنرالات" مسألة ما إذا كان بإمكان الفلسطينيين العودة إلى شمال غزة، وقال اللواء المتقاعد غيرشون هكوهين أحد مؤيديها لشبكة CNN "سيعتمد الأمر كله على ما سيحدث في المستقبل. لكن لا يوجد ما يشير في الخطة إلى أنهم لن يتمكنوا أبداً من العودة".

السيطرة المدنية بجانب الضغط العسكري بدلاً من الصفقة

قالت مجموعة الجنرالات العسكريين الإسرائيليين المتقاعدين، الذين قدمو الخطة رسمياً إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي والبرلمان، إن الهدف هو استخدام تكتيكات الحصار لتجويع مقاتلي حماس وإجبارهم على إطلاق سراح الإسرائيلين المحتجزين في القطاع.

ولاقت الخطة رواجاً بين أعضاء حزب نتنياهو، إذ رحب عضو الكنيست عن حزب الليكود أميت هاليفي بخطة آيلاند، قائلاً إنها تمثل "الاتجاه الصحيح" للسياسة الإسرائيلية في غزة، وتابع لتايمز أوف إسرائيل: "من أجل هزيمة حماس، يتعين علينا السيطرة على الأرض والسكان. لا توجد طريقة أخرى لتحقيق النصر". معتبراً أنه "ما لم يجرِ القضاء على سيطرة حماس المدنية، فإنها ستكون قادرة على الاستمرار في تجنيد مقاتلين جدد".

وأضاف أن هذا النهج هو "الفرصة الوحيدة للتوصل إلى صفقة بشأن الرهائن لأنه سيضع ضغوطاً إضافية على السنوار ليأتي إلى طاولة المفاوضات ويقدم التنازلات.. فإذا كان لديه طعام يكفيه لسنوات وكان الضغط الدولي على إسرائيل، فلماذا يحتاج إلى عقد صفقة؟".

بدوره انتقد آيلاند أيضاً سلوك إسرائيل في الحرب في غزة، إذ صرح لصحيفة تايمز أوف إسرائيل الأسبوع الماضي، أنه "طالما احتفظت حماس بالسيطرة على توزيع الغذاء والوقود، فسوف تكون قادرة على تجديد خزائنها وتجنيد مقاتلين جدد".

وقال: "لا يمكن الفوز في حرب في ظل هذا الوضع في غزة. والشعار القائل بأن "الضغط العسكري وحده سيجلب النصر" ليس له أي أساس على الإطلاق. إن حروب القرن الحادي والعشرين تستند إلى شيء آخر. والمعيار الأكثر أهمية هو السكان، وأولئك الذين يستطيعون السيطرة على السكان هم الذين يفوزون بالحرب".

من جهته قال نتنياهو أمام الكنيست، إن "السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية أمر أساسي لتحقيق النصر في غزة، وإن الجهود الرامية إلى تجنيد القبائل المحلية باءت بالفشل"، وعليه "فإن فرض نظام عسكري لإدارة الشؤون في المنطقة قد يكون ضرورياً في الوقت الحالي".

حصار فوق حصار

تواجه إسرائيل انتقادات على الصعيد الدولي بسبب الأزمة الإنسانية التي نجمت عن حربها المستمرة منذ قرابة عام على قطاع غزة، ما أدى إلى نزوح معظم سكان القطاع، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مليون شخص، أي نصف عدد السكان تقريباً، يعيشون حالياً في منطقة مخصصة للأغراض الإنسانية لا تشكل سوى أقل من 15% من مساحة القطاع وتفتقر إلى البنية الأساسية والخدمات.

ويشهد شمال قطاع غزة شبه مجاعة وحصار غير معلن، إذ تقول الأمم المتحدة إنه يصعب إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة على وجه الخصوص، حيث يعيش ما بين 300 و500 ألف شخص وفقاً للتقديرات.

وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى إن فريقاً تابعاً له تمكن بالكاد الأسبوع الماضي من الوصول إلى شمال غزة لأول مرة منذ شهر كامل، وحذر المكتب من أن الوصول إلى الشمال محدود للغاية بالنسبة إلى عمال الإغاثة من الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

وفي آخر تحديث أصدره المكتب في 17 سبتمبر/أيلول، أوضح أنه كان يقود بعثة تقييم مشتركة بين الوكالات إلى مدينة غزة، وأن الفريق لم يتمكن من الوصول إلى الشمال إلا بعد أن أُجبر على الانتظار لأكثر من خمس ساعات قبل نقطة التفتيش الإسرائيلية على الطريق الساحلي وعندها.

وأضاف أنه خلال النصف الأول من هذا الشهر، من بين ما يقرب من 50 مهمة تقودها سبع وكالات مختلفة تابعة للأمم المتحدة والتي نسقها بالكامل مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسبقاً، "لم يتمكن سوى ربعها من العبور إلى الشمال عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية على طول وادي غزة".

وأوضح المكتب الأممي أنه حتى عندما تمكنت هذه البعثات من العبور، فإنها غالباً ما واجهت عقبات على طول الطريق، إذ أوقفت بعض القوافل تحت تهديد السلاح، أو إطلاق النار عليها، أو إجبارها على الانتظار لساعات وسط منطقة حرب، مشيراً إلى أن هذه الحوادث شكّلت مخاطر غير مقبولة على سلامة موظفي الأمم المتحدة ومنعت تلك البعثات من إكمال عملها الإنساني.

TRT عربي - وكالات