تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأحد إلى مطار "أسن بوغا" الدولي في العاصمة التركية أنقرة، في زيارة رسمية لتركيا تستمر 3 أيام بين 15 و17 مايو/أيار الجاري. وتُعَدّ هذه الزيارة الأولى من الرئيس الجزائري لتركيا منذ تولّيه الحكم نهاية عام 2019.
ووفقاً لبيان سابق لدائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، سيُستقبل تبون في احتفال رسمي يقام في المجمع الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة اليوم الاثنين. ومن المقرر أن يرأس أردوغان وتبون الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين. فيما سيرأس تبون إلى جانب فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي، في إسطنبول الثلاثاء، منتدى الأعمال والاستثمار التركي الجزائري.
وسيقيم الرئيس أردوغان مع الرئيس الضيف جميع جوانب العلاقات بين البلدين، حيث ستُعقد الدورة الأولى لمجلس التعاون التركي-الجزائري رفيع المستوى، الذي أُنشئَ خلال زيارة أردوغان للجزائر في يناير/كانون الثاني 2020، بمشاركة الوزراء المعنيين. وستناقش الاجتماعات جوانب العلاقات الثنائية كافة، وستُقيَّم أيضاً الخطوات الواجب اتخاذها لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين.
تناغُم سياسي
منذ وصوله إلى سُدَّة الحكم في الجزائر، تَبنَّى الرئيس عبد المجيد تبون مواقف سياسية تتناغم مع التوجهات التركية في كثير من الملفات، التي يتربع على رأسها الملفّ الليبي المهمّ لتركيا طوال الفترة الماضية.
وإلى جانب دعم القضية الفلسطينية التي تُعتبر من من أبرز نقاط الالتقاء بين البلدين، يَجمع البلدين أيضاً الخلافُ مع فرنسا في كثير من الملفات، لا سيما معارضتهما العمليات العسكرية الفرنسية في بلدان القارة الإفريقية، بالإضافة إلى رغبة تركيا والجزائر في تعزيز حضورهما السياسي والاقتصادي في القارة الإفريقية على مبدأ الربح المشترك.
وخلال الاجتماعات الممتدة لثلاثة أيام، سيناقش البلدان التطورات الدولية والإقليمية، إذ من المفترض تبادُل وجهات النظر حول الوضع الأخير في شرق البحر المتوسط، بخاصة ليبيا، كما سيُطلِع الرئيس أردوغان نظيره الجزائري على الجهود الدبلوماسية التركية لإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية المستمرة منذ نحو 3 أشهُر.
تعاوُن اقتصادي متنامٍ
في وقت سابق أشار الرئيس الجزائري في مقابلة مع صحيفة لوبوان الفرنسية إلى أن العلاقات مع تركيا "تُعتبر علاقة ممتازة"، وأضاف: "بلا شروط سياسية استثمر الأتراك 5 مليارات دولار في الجزائر"، وتابع: "أولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة، فليأتوا إلى الجزائر ويستثمروا أيضاً".
ومن شأن هذا التقارب المتعاظم أن يؤثّر أيجابياً في تشجيع الاستثمارات المتبادلة بين البلدين منذ توقيع معاهدة التعاون المشترك قبل 15 عاماً، التي فتحت الطريق أمام الاستثمارات التركية في الجزائر وبلوغها نحو 5 مليارات دولار، مما جعل تركيا أهمّ بلد مستثمر في الجزائر. في حين تتركز الاستثمارات الجزائرية بتركيا في مجال الطاقة، وهو قطاع شديد الأهمية لأنقرة.
ووسط أزمة الطاقة التي خيّمت على العالم بأسره منذ اندلاع الحرب الأوكرانية أواخر فبراير/شباط الماضي، تسعى تركيا للاستفادة من التقارب السياسي والاقتصادي مع الجزائر لتعزيز حصّتها من الغاز الجزائري على حساب الغاز القادم من روسيا وإيران. ومؤخراً بدأت تركيا استيراد الغاز من الجزائر بكمية تبلغ 5.4 مليار متر مكعب سنوياً.
الهدف 5 مليارات دولار
تُعتبر الجزائر من أكبر الشركاء التجاريين لتركيا في القارة الإفريقية، إذ يتراوح حجم التبادل التجاري بين البلدين بين 3.5 و4 مليارات دولار سنوياً.
وبينما يسعى البلدان لتأكيد بيئة استثمار مستقرة ووضع خريطة طريق لرفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار على المدى القصير، وصل حجم التبادل فعلياً عام 2020 إلى 4 مليارات دولار، بما يعني اقتراب البلدين بالفعل من تحقيق الهدف المنشود.
كما سيتخلل الاجتماعات المكثفة مناقشاتٌ عملية لزيادة فرص التعاون الجديدة في مجال الطاقة، بخاصة الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى الخطوات المشتركة في مشاريع صناعة النقل والدفاع، المتوقع أن يعلن عنها الرئيسان أردوغان وتبون في مؤتمر صحفي مشترك.
وإلى جانب العلاقات الاقتصادية والسياسية، تشهد العلاقات الثقافية أيضاً اهتماماً كبيراً في الآونة الأخيرة، إذ أعلن البلدان من قبل فتح مركز ثقافي جزائري بتركيا وآخر تركي بالجزائر، ودُشّن مركز لتعليم اللغة التركية في الجزائر، وعُقدت اتفاقيات تبادل الطلبة بين البلدين.