وعن الوضع في غزة إجمالاً، أعلنت الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة القتلى إلى 1951 شخصاً في قطاع غزة والضفة الغربية، بينهم 614 طفل و370 سيدة، وإصابة 7696، جرّاء استمرار الغارات الإسرائيلية على القطاع والضفة لليوم الثامن./ صورة: AFP (AFP)
تابعنا

بعد مرور أسبوع من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد تنفيذ الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" السبت الماضي، يصمد عشرات الصحفيين تحت قصف الطائرات لنقل الصورة الحقيقية لانتهاكات جيش الاحتلال، ويقعون بين ناري المخاطرة بأرواحهم لتغطية الأحداث وحفاظهم على حياتهم من أجل ذويهم ولاستكمال عملهم.

وأعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف، الأربعاء 11 من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، أنّ "القصف قتل منذ السبت 8 صحفيين وأصاب أكثر من 20 آخرين، وألحق دماراً بعشرات المقار الإعلامية، ومنع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة".

كما نعت وكالة رويترز مساء الجمعة في بيان، أحد مصوريها الذي قُتل في أثناء أدائه عمله في جنوب لبنان، وأصيب 6 صحفيين من وكالة فرانس برس والجزيرة ورويترز.

استهداف منذ اليوم الأول

في أول أيام عملية طوفان الأقصى، قُتل ثلاثة صحفيين فلسطينيين بالرصاص في أثناء قيامهم بتغطية الأحداث، وهم: إبراهيم محمد لافي، مصور عين ميديا، الذي كان عند حاجز إيرز الواصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ومحمد جرغون مراسل شبكة سمارت ميديا.

كما استشهد محمد الصالحي مصور وكالة السلطة الرابعة في أثناء تغطيته للأحداث على الشريط الحدودي شرق البريج، وفي اليوم نفسه أُصيب إبراهيم قنن بشظايا قذيفة في أثناء عمله مع قناة الغد، وأيضاً انقطع التواصل مع المصورين نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد من قناة النجاح وعين ميديا.

وفي يوم الأحد 8 من أكتوبر/تشرين الأول، استشهد أسعد عبد الناصر شملخ وهو صحفي مستقل، قُتل وبعض أقاربه في غارة على منزله في الشيخ عجلين.

وقصفت طائرات الاحتلال في يوم الثلاثاء الماضي، برج حجي في شارع المؤسسات بمحافظة غزة، ما أدى إلى تدميره بالكامل، وفي أثناء تغطية قصف المبنى استشهد الصحفي سعيد الطويل وهو رئيس تحرير موقع الخامسة نيوز، والصحفي محمد رزق من سكان غزة، وأُصيب مصور شبكة خبر هشام النواجحة بجروح خطيرة، ونُقل للمستشفى ثم أُعلن استشهاده فيما بعد.

وفي اليوم نفسه قُتلت سلام خليل، وهي رئيسة لجنة الصحفيات بنقابة الصحفيين في غزة، هي وزوجها وأولادها في غارة على منزلها.

وأمس أعلنت وكالة رويترز في بيان إن عصام عبد الله مصور التلفزيون بوكالة الأنباء قُتل في أثناء نقله للأحداث في بث مباشر، وكانت الكاميرا موجهة إلى جانب أحد التلال عندما هز انفجار قوي الكاميرا وملأ الدخان الجو وسُمع صوت صرخات، وأصيب ثائر كاظم، وماهر عبد اللطيف من نفس الوكالة.

كما أصيبت كارمن جوخدار وإيلي براخيا من قناة الجزيرة في القصف نفسه، وأصيبت كريستين عاصي، ودلين كولينز من وكالة فرانس برس.

"لا أحد بخير"

"لا أحد بخير في غزة"، هكذا بدأ عطية درويش حديثه عن الوضع في قطاع غزة، ويقول درويش وهو صحفي مستقل، إنّ "الزملاء الثلاثة سعيد الطويل ومحمد رزق وهشام النواجحة استشهدوا في أثناء تغطيتهم لقصف برج حجي، فحين سمعوا بالقصف هرعوا لمتابعة الحدث وتصويره، وكانوا واقفين يحتمون بمبنى على الصف نفسه، ثم قصف الطيران المبنى الذي كانوا يحتمون به، وبالتأكيد الطيران كان يعرف بوجود مدنيين وصحفيين لأنه يقوم بكشف ما هو موجود على الأرض قبل أن يقصف المكان".

وعن وضع المراسلين بغزة، إذ يغطي درويش الانتهاكات الإسرائيلية، يبيّن في حديثه مع TRT عربي، بأنّ "الوضع صعب جداً للصحفيين، فنحن مشرّدون مثل السكان، وحين نخرج من بيوتنا يبدو الأمر وكأنّنا ننتقل إلى حياة ثانية، لا نوم ولا راحة ولا أكل بشكل طبيعي".

وأُخلي العديد من المكاتب الإعلامية من الصحفيين، بسبب التهديدات والخوف من استهدافهم، واستُهدفت أماكن كثيرة بالفعل، وفق درويش، مضيفاً أنّ "أغلب الصحفيين موجودون في المستشفيات والفنادق التي تقع تحت القصف".

ويشير الصحفي الفلسطيني إلى أنّه قُصف الأربعاء فندق على شاطئ بحر فيه سائحون أجانب وإعلاميون، وانقطعت الكهرباء والمياه، كما قُصفت شركة الاتصالات ما أدى لانقطاع الاتصالات والإنترنت، لافتاً إلى أنّ هناك صعوبة في التنقل، كما أنّ بعض الأماكن لا يمكنهم الوصول إليها لتغطيتها؛ بسبب كثافة القصف من دون تحذير مسبق.

قصف متواصل

وعن الوضع في غزة إجمالاً، أعلنت الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة القتلى إلى 1951 شخصاً في قطاع غزة والضفة الغربية، بينهم 614 طفل و370 سيدة، وإصابة 7696، جرّاء استمرار الغارات الإسرائيلية على القطاع والضفة لليوم الثامن.

بينما ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين خلال المواجهات إلى ما يزيد على 1300، وأكثر من ثلاثة آلاف مصاب، وفق القناة (12) العبرية.

وأبلغت إسرائيل الأمم المتحدة فجر الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول، ضرورة إخلاء شمال قطاع غزة خلال 24 ساعة، ما اعتبرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية "إشارةً إلى عملية برية إسرائيلية وشيكة في القطاع".

بدورها، قالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز الخميس، إنّ "جزءاً كبيراً من سكان قطاع غزة يتعرضون للإبادة، إذ لا تزال المدينة المحاصرة تواجه ضربات وقصفاً إسرائيلياً مكثفاً".

وأكد جيش الاحتلال أنّه قصف 450 هدفاً في حي الفرقان شمالي قطاع غزة يوم الأربعاء، وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان له، أنّه حتى صباح الأربعاء، أُطلق ثلاثة آلاف صاروخ من غزة على إسرائيل، وحدثت اشتباكات مع 18 فلسطينياً في غلاف غزة وعسقلان، مؤكداً نيته في زيادة الهجمات.

وعلى مدار الأيام السابقة، دمرت عمليات القصف أكثر من 1000 وحدة سكنية، بينما لحقت أضرار بالغة بـ560 وحدة جعلتها غير صالحة للسكن، حسبما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) نقلاً عن مصادر فلسطينية، كما لجأ قرابة 175 ألفاً من أولئك النازحين إلى 88 مدرسة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

ولجأ أكثر من 14.5 ألف آخرين إلى 12 مدرسة حكومية، بينما يُعتقد أنّ نحو 74 ألفاً يقيمون مع أقارب وجيران أو لجؤوا إلى كنائس ومرافق أخرى.

وأكدت سلطة الطاقة في قطاع غزة توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، بسبب نفاد الوقود في اليوم الخامس من التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية.

وقال رئيس سلطة الطاقة جلال إسماعيل في بيان: "توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة الساعة 2.00 ظهراً (11.00 ت غ)؛ بسبب نفاد الوقود". ويُذكر أنّ إسماعيل كان قد حذر في بيان سابق من ذلك.

وسبق أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الاثنين الماضي، بأنّه أمر بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة مع دخول التصعيد مع حركة حماس يومه الثالث.

شيرين أبو عاقلة كانت حاضرة

مع بداية عملية "طوفان الأقصى"، أعاد كثيرون تداول منشور للشهيدة الفلسطينية ومراسلة شبكة الجزيرة السابقة شيرين أبو عاقلة بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول 2021، تقول فيه: "بدها نفس طويل.. خلي المعنويات عالية"، إشارةً إلى الصبر في مواجهة الاحتلال.

وبعد ستة أشهر من جملتها الشهيرة، استشهدت شيرين في أثناء تغطيتها لأحداث العدوان على مخيم جنين، وتداول كثيرون هذا المنشور وترحموا على أبو عاقلة وعلى من قضوا من صحفيين وسكان في قطاع غزة.

وفي يناير/كانون الثاني من العام الحالي، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية إنّها وثقت 310 انتهاكات إسرائيلية بحق الصحفيين خلال عام 2022، أبرزها قتل جيش الاحتلال شيرين أبو عاقلة جرّاء إطلاق النار عليها بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابتها برصاصة متفجرة في الرأس في أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين، وأيضاً قتل الصحفية غفران وراسنة عند مدخل مخيم العروب شمال الخليل بالرصاص الحي بشكل مباشر مطلع يونيو/حزيران 2022.

وفي مايو/أيار الماضي، أصدر خبراء أمميون في ذكرى وفاة أبو عاقلة بياناً أكدوا فيه أنّ مقتلها "يُجسد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يواجهها الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 55 عاماً".

وأضاف البيان، بأنّ "سلامة الصحفيين، ولا سيّما في حالات الصراع والاحتلال، أمر بالغ الأهمية لدعم المساءلة والشفافية".

ولفت الخبراء الأمميون إلى أنّ "القتل المتعمد لصحفية في مثل هذه الحالات يُرقى إلى الإعدام خارج نطاق القضاء، وهو انتهاك صارخ للحق في الحياة، والقتل العمد بموجب اتفاقية جنيف الرابعة".

TRT عربي