المنظومة التي طورتها شركة أسيلسان التركية بإمكانيات محلية، تعتبر نظاماً دفاعياً فعالاً ضد الطائرات المسيّرة والصواريخ الجوالة، وهي قادر على اعتراض وتدمير الأهداف الجوية بدقة عالية، وأثبتت المنظمة قدراتها في عدد من الميادين القتالية وفي بيئات عمل مختلفة.
وبدأت عملية تطوير المنظومة في شهر مايو/أيار 2016، وتسلم الجيش التركي أولى المنظومات التي أنتجتها الشركة بعد دخولها مرحلة الإنتاج الواسع في شهر مارس/آذار 2019، وتستمر الشركة في تطوير وإنتاج المنظومة مع تصاعد الطلب المحلي والعالمي عليها.
الدفاع الجوي والمسيرات
كشفت ميادين المعارك في أوكرانيا وغزة وجنوب لبنان عن عيوب جوهرية تعتري منظومات الدفاع الجوي التقيلدية في التصدي للطائرات المسيّرة بأحجامها المختلفة، ما جعل من منظومات الدفاع الجوي نفسها أهدافاً سهلة ومكشوفة أمام المسيّرات المختلفة.
وخلال الاشتباكات ما بين حزب الله وإسرائيل، فشلت منظومة القبة الحديدية في أكثر من مناسبة في التعامل مع المسيّرات التي أطلقها حزب الله، وكذلك الأمر مع منظومة بانستير الروسية في أوكرانيا، إذ نجحت مسيّرات منخفضة الحجم بتحييد هذه المنظومات الضخمة والمعقدة.
ويرجع الكاتب والباحث في الشؤون الدفاعية نور الدين جيلان ذلك إلى عدة عوامل أولها "أن أنظمة الدفاع الجوي مبرمجة بشكل مسبق للتعامل مع أنوع محددة من التهديدات مثل الطائرات المقاتلة وغيرها، وعندما لا يكون الهدف من هذا النوع لا تعرّفه منظومات الدفاع الجوي تهديداً".
ويضيف الباحث التركي في حديثه مع TRT عربي "الطائرات المسيّرة الصغيرة تكون أحياناً غير مرئية على الرادار بسبب صغر حجمها وانخفاض مستوى التقنية المستخدم فيها، ما يصعّب على أنظمة الدفاع الجوي اكتشافها واستهدافها".
أما السبب الآخر الذي يصعّب مهمة الاعتراض فهو التكلفة المرتفعة التي تتكبدها منظومات الدفاع الجوي التقليدية خلال اعتراض الاهداف الصغيرة ما يجعل عملية الاعتراض وفقاً لجيلان "غير مجدية اقتصادياً".
منظومة "كوركوت" كحل
شاركت وزارة الدفاع التركية على منصة إكس في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز الحالي، فيديو يظهر تمركز منظومة "كوركوت" في إحدى قواعدها العسكرية في منظومة عمليات "المخلب-القفل" شمالي العراق بعد أن بدأ تنظيم PKK الإرهابي استخدام المسيّرات في عملياته الإرهابية.
ويرجع الكاتب في TRT HABER سيرتاش أكسان استخدام التنظيم لهذه الأساليب إلى النجاحات التي حققها الجيش التركي في المنطقة، ما دفع التنظيم الإرهابي إلى اللجوء إلى الطائرات المسيّرة كتعويض عن عجزه عن الانتشار في المناطق التي طهرها الجيش التركي من الإرهابيين.
ويشير الباحث في الشؤون الأمنية توران أوغوز في حديثه مع TRT HABER إلى أن عناصر تنظيم PKK الإرهابي استفادوا من تعاونهم مع عناصر تنظيم داعش الارهابي الذي استخدم هذا النوع من التكتيكات في عملياته الإرهابية في سوريا والعراق.
ولمواجهة هذا النمط الجديد من التهديدات الإرهابية تستخدم القوات التركية منظومات متعددة أهمها منظومة كروكوت، وحول أهمية هذه المنظومة وقدرتها على مواجهة التهديدات الإرهابية يشير الباحث نور الدين جيلان إلى أنها "تحتوي على مدفعين يمكنهما إطلاق أكثر من ألف طلقة في الدقيقة. هذه الطلقات لديها خاصية التفجر عند الاقتراب من الهدف، ما يخلق منطقة شظايا واسعة تزيد احتمالية إصابة الهدف."
ويكمل جيلان "نظام كوركوت يتميز بكفاءة عالية في تغطية مساحة كبيرة من الجو بالشظايا، ما يجعله فعالاً ضد الطائرات الصغيرة والكاميكازي، خلال مناورات "إفيس 2024"، أثبت النظام فاعليته في إسقاط الأهداف الجوية".
وتعتمد المنظمة في عملها على مدرعتين جرى تطويرهما بواسطة شركة FNNS، الأولى تحمل مدفعين رشاشين من عيار 35 ملم، والثانية تحمل راداراً لتتبع الأهداف ومن الممكن لمدرعة الرادار أن تخدم على المدرعتين المسلحتين. وجود النظام على عربات مدرعة يساهم في زيادة مرونة حركته وإمكانية نشره في أي مكان وفي زمن قصير.
وتستخدم مدافع المنظومة ذخائر متفحرة من عيار 35 ملم التي طورت بالتعاون ما بين شركة أسيلسان ومعهد توبيتاك وشركة الصناعات الميكانيكة والكيميائية التركية. ووقعت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017 عقداً مع هذه الشركات لتزويد الجيش التركي بهذا النوع من الذخائر، وفي يوليو/تموز 2019 تسلم الدفعة الأولى منها.
نظام متعدد الطبقات
تعد منظومة "كوركوت" الحلقة الصغرى في منظومات الدفاع الجوي التركية التي تعمل وفقاً لمبدأ نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات، والذي يتكون من منظومات دفاع جوي متعددة، كل واحدة منها مخصصة للتعامل مع تهديدات على مدى معين، وتتكامل هذه المنظومات فيما بينها لتنسيق عملية اعتراض أي خطر.
وعلى مدار السنوات الماضية اهتمت تركيا بتطوير منظومات محلية قادرة على تلبية احتياجاتها الدفاعية، فمنظومة "كوركوت" تتعامل مع الأهداف على ارتفاعات منخفضة، وكذلك الأمر مع منظومة سنغور. أما منظومة +HISAR A فهي مخصصة للأهداف على مستوى 15 كلم.
وتتعامل منظومة +HİSAR O مع الأهداف على المدى المتوسط الذي يصل إلى 25 كلم، فيما المنظومة سيبار لوك 1 فهي مخصصة للأهداف طويلة المدى على ارتفاعات من 30- 150 كلم.
وإلى جوار منظومة "كوركوت"، طورت الصناعات الدفاعية عدداً من الأنظمة للتعامل مع خطر الطائرات بدون طيار، أهمها نظاما إخطار وشاهين، وطورت شركة أسيلسان نظام شاهين الذي يتكون من رادار، ونظام كهربائي بصري، وقاذفة قنابل أوتوماتيكية عيار 40 ملم.
كما طورت الشركة نظام "إخطار" ويتكون النظام من مجموعة من الكاميرات، ورادار، لاستكشاف وتحديد التهديدات المحتلمة، وأنظمة تشويش إلكترونية للتعامل معها، بالإضافة إلى أنظمة قيادة وتحكم. وحقق هذا النظام نجاحاً محلياً ودولياً، وتستخدمه رئاسة الجمهورية وعدد من المؤسسات التركية في تأمين منشآتها، كما صدرته تركيا إلى جمهورية شمال قبرص التركية وقرغيزيا والنيجر وأنغولا.
ويعد نظام "İHASAVAR" من الأنظمة الفردية المضادة للطائرات بدون طيار الصغيرة التي يمكن للفرد حملها واستخدامها. النظام الذي طورته شركة أسيلسان يعمل على تشويش ترددات التحكم عن بُعد، وترددات ملاحة وبيانات التتبع للطائرات بدون طيار ما يؤدي في النهاية إلى تحييدها.