وأفادت وكالة تسنيم الإيرانية أن المروحية التي أقلت الرئيس الإيراني والوفد المرافق له هي من طراز "Bell 212" الأمريكية الصنع.
الطائرة المروحية من تصميم وإنتاج شركة " Bell Textron" الأمريكية، وتعدّ النظير المدني للمروحية " UH-1N Twin Huey" التي أنتجت في نهاية ستينيات القرن الماضي. وطُوّر هذا النوع من الطائرات استجابة للطلب الأمريكي الذي تصاعد خلال حرب فيتنام.
طُوّرت المروحية "بيل 212" عن سابقتها " بيل 205/204" وتميزت عنها بعدد من الخصائص أهما امتلاكها لمحركين بدلاً من محرك واحد، ما زاد من قدرتها على البقاء والثبات. وتصل الطاقة الاستيعابية للطائرة إلى 14 راكباً بالإضافة إلى الطيار.
وتعد المروحيات التي أنتجتها شركة "بيل" من أكثر المروحيات انتشاراً في العالم، فمنذ تأسيس الشركة وحتى العام 2017 سلمت الشركة ما يقرب من 5 آلاف مروحية للاستخدام المدني والعسكري، كما خدمت أو ما زالت في خدمة ما يقرب من 35 دولة حول العالم.
مروحيات "بيل" في إيران
اهتم الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي بتسليح الجيش الإيراني، وأولى سلاح الجو أهمية خاصة، وتحولت إيران في عهده إلى أكثر دول العالم شراءً للأسلحة وتحديداً الغربية منها.
وفي هذا الإطار اهتم بهلوي بالطائرات التي تنتجها شركة "بيل" واقتنى عديداً منها من خلال شركة أغوستا الإيطالية التي حازت تراخيص بناء وتصنيع هذا النوع من المروحيات. ودفع اقتناء عدد ضخم من المروحيات إيران إلى تأسيس الشركة الإيرانية لدعم وتجديد الطائرات "PNHA" التي أشرفت على عمليات صيانة الأسطول الإيراني من هذه المروحيات.
لم يتوقف طموح الشاه عند شراء المروحيات واقتنائها، وامتد إلى تصنيعها في إيران، ووضع نصب عينيه الشركة الأمريكية "Bell Textron" التي بدأت مروحياتها التدفق على طهران من عام 1973. وفي عام 1977 وصلت إيران مع الشركة الأمريكية إلى صفقة تغطي بموجبها إيران نصف تكاليف تطوير مروحية من طراز "214ST" على أن تصنعها الشركة في إيران من خلال أحد مصانعها التي أنشأتها على الأراضي الإيرانية.

اصطدم مشروع الشاه الطموح بالثورة الإيرانية عام 1979، وانهيار العلاقات الأمريكية الإيرانية، لكن البنية التحتية التي أقامتها شركة "بيل" استخدمتها السلطات الإيرانية لاحقاً في عملية صيانة وتطوير أسطولها من الطائرات المروحية وخاصة مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، والعقوبات الغربية على الصناعات العسكرية الإيرانية.
وفي التسعينيات، تعاونت شركة صناعات الطائرات الإيرانية ( HESA) مع شركة (PNHA) بعمليات هندسة عكسية لنماذج من مروحيات "بيل" لتلبية احتياجات إيران المدنية والعسكرية، ما وضعها أمام إشكاليات قانونية مع الشركة الأم التي رفعت على إيران دعاوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية.
ليس الأول من نوعه
بدأ إنتاج المروحية Bell-212 عام 1968، واستمرت عملية إنتاجها حتى عام 1998. خدمت المروحيات العسكرية منها في عدد من الحروب والمعارك أهمها حرب فيتنام وحرب فوكلاند وحرب تحرير الكويت وحرب العراق 2003. مدنياً استُخدمت المروحية في مجالات الإسعاف والإنقاذ والدفاع المدني.
عمل المروحية لسنين طويلة جعلها عرضة للحوادث الجوية، وخاصة عندما تترافق مع ظروف جوية سيئة وإهمال في متابعة عمليات الصيانة والتطوير.
ووفقاً لبيانات شبكة سلامة الطيران (ASN) التابعة لمؤسسة سلامة الطيران، وهي منظمة دولية غير ربحية، فقد تعرضت المروحية Bell-212 منذ عام 1972 وحتى اليوم لما يقرب من 432 حادثاً، أدت إلى 639 حالة وفاة. وفي عام 2023 وحده تعرضت خمس مروحيات من هذا الطراز لحوادث أدت إلى مقتل 6 أشخاص.
ووفقاً للبيانات ذاتها، فقد سقطت أربع مروحيات من هذا الطراز، الأولى كانت في شهر أغسطس/آب من عام 2014، بعد أن تحطمت مروحية تتبع للقوات البحرية الإيرانية، ولم تسفر عملية السقوط عن أي وفيات، والثانية كانت في فبراير/شباط 2015، أدى سقوط مروحية تتبع لوزارة الدفاع الإيرانية إلى مقتل 3 من ركابها، وفي شهر أبريل/نيسان 2018، قتل 4 أشخاص بعد تحطّم مروحية في مياه الخليج.
وجاء الحدث الأخير الذي سقطت فيه مروحية الرئيس الإيراني والوفد المرافق له لتضيف حادثة جديدة إلى سجل حوادث الطائرات المروحية في إيران.
ويعاني قطاع الطيران المدني في إيران من آثار العقوبات الغربية التي أدت إلى افتقاده القسم الأكبر من طائراته التي تعاني أزمات واضحة جعلت من الجزء الأكبر منها غير آمن، هذا الأمر دفع وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف إلى اتهام الولايات المتحدة بالمسؤولية عن مقتل الرئيس الإيراني لمنعها إدخال قطع الغيار وفرضها العقوبات على قطاع الطيران الإيراني.
ووفقاً لبيانات شبكة سلامة الطيران (ASN) فقد قتل في إيران منذ قيام الثورة الإسلامية 1979 وحتى عام 2023 ما يقرب من 1755 شخصاً، فيما يقدر خبير الطيران أليكس ماشتراس الرقم بـ2000 إيراني.
وشكل الاتفاق النووي الإيراني عام 2016، فرصة لإيران لتحديث أسطولها الجوي من الطائرات، فقامت بمجموعة كبيرة. من التعاقدات لشراء طائرات ركاب وشحن من شركات إيرباص وبوينغ وشركات أوروبية أخرى، لكن إلغاء ترمب للاتفاق عام 2018 أدى إلى إلغاء هذه الصفقات، ولم تنجح طهران إلا في الحصول على 3 طائرات إيرباص تسلمتها قبل الخروج من الاتفاق.
وتسعى طهران إلى تكوين بدائل متعددة للتحايل على العقوبات والوصول إلى الأسواق الدولية لشراء قطع الغيار، الأمر الذي يرفع من أسعارها ما ينعكس لاحقاً على القطاع نفسه وقدرته على المنافسة، كما أن عدم انتظام عمليات التوريد يربك الصناعة نفسها.