اجتمع مئات من المتظاهرين في الجناح الشمالي لمبنى الكونغرس، حيث ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كلمته، مرددين هتافات مناهضة لنتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن/ صورة: AA (AA)
تابعنا

ورغم أن العدوان الإسرائيلي أسفر عن أكثر من 129 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، ادعى نتنياهو أن الحرب في غزة لم ينتج عنها إلا "أقل نسبة من عدد القتلى المدنيين في التاريخ"، زاعماً أن إسرائيل توخت الحذر وأخرجت المدنيين من طريق الأذى خلال عملياتها".

وبينما شاهد العالم أجمع المجازر التي ارتُكبت في رفح قال نتنياهو في خطابه: “هل تعلمون في أي مكان كان هذا الرقم هو الأقل؟ في رفح، مضيفاً: "سألت القائد هناك: كم مدنياً قتلتم؟ أجاب: فعلياً لم نقتل أي مدني، باستثناء حادثة واحدة وكانت نتيجة شظايا قنبلة أصابت مستودع سلاح لحماس، ودون قصد قتلت 12 شخصاً".

وإثر الهجوم البري على رفح أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في 13 مايو/أيار، أن مئات آلاف الفلسطينيين فروا من المدينة، وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده لوكالة الأناضول، إن "الاحتلال الإسرائيلي قتل خلال العدوان على رفح أكثر من 620 فلسطينياً على الأقلّ، بينهم أطفال ونساء ومدنيون".

هجوم على القانون الدولي وإنكار المجاعة في غزة

ووسط ما يعيشه أهل غزة من دمار هائل في البنى التحتية ونقص في الغذاء، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي المدعي العامّ للجنائية الدولية كريم خان، مدعياً أنه "اتهم إسرائيل بلا دليل بتجويع سكان غزة، وهذا هراء".

وبشأن المجاعة في غزة، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في 7 يونيو/حزيران، إن 9 من كل 10 أطفال يعانون نقصاً خطيراً في الغذاء، وأن سوء التغذية يزيد الخطر على الحياة في القطاع. وأفادت في تقرير بأن "الوضع في غزة يُظهِر أن الأسر غير قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالها، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأطفال".

من ناحية أخرى، هاجم نتنياهو المتظاهرين المناهضين لإسرائيل حول العالم، وقال: "على المتظاهرين الذين يدعمون حماس أن يخجلوا"، وتابع: "أدين المتظاهرين في الولايات المتحدة الأمريكية ضد إسرائيل"، زاعماً أن "المتظاهرين أمام الكونغرس أصبحوا لعبة في أيدي إيران التي تمول الاحتجاج ضد إسرائيل". وبشأن مستقبل غزة بعد الحرب قال نتنياهو: "سنقاتل حتى ندمر قدرات حماس العسكرية وننهي حكمها في غزة".

"نتنياهو ليس فقط مجرم حرب بل أيضاً كاذب"

وأمام الكونغرس طالب نتنياهو واشنطن بمده بمزيد من السلاح لمواصلة حربه على غزة قائلاً: "من أجل أن تنتصر قوى التحضر، فعلى الولايات المتحدة وإسرائيل أن تقفا جنباً إلى جنب"، مضيفاً: "أريد أن أشكر بايدن على نصف قرن من الدعم لإسرائيل". وختم كلمته أمام الكونغرس بقوله: "ستظل إسرائيل الحليف الذي لا يمكن للولايات المتحدة الاستغناء عنه".

ولم يَلقَ خطاب نتنياهو دعماً واسعاً بين الديمقراطيين الأمريكيين، ووفق موقع أكسيوس الأمريكي، فإن نحو نصف أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الديمقراطيين غابوا عن جلسة نتنياهو، إذ بلغ عدد الديمقراطيين المقاطعين لخطاب نتنياهو 96 عضواً. فيما رجحت رشيدة طليب، النائبة من أصل فلسطيني، حضور الجلسة بالكوفية الفلسطينية، وفي أثناء حديث نتنياهو رفعت لافتة كُتب عليها "مجرم حرب" و"مجرم إبادة".

وهاجم السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، نتنياهو بعد خطابه مساء الأربعاء، وقال السيناتور في تدوينة على منصة إكس إن "نتنياهو ليس فقط مجرم حرب، بل أيضاً كاذب"، متابعاً بأن "كل المنظمات الإنسانية تؤكد أن عشرات آلاف الأطفال يواجهون المجاعة لأن حكومته المتطرفة تمنع المساعدات". وتابع: "الإسرائيليون لا يريدون نتنياهو في منصبه، لذلك جاء إلى الكونغرس لشنّ حملة انتخابية".

كما كتبت النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، التي كانت رئيسة مجلس النواب في الولاية السابقة على حسابها في منصة إكس: "الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس هو الأسوأ على الإطلاق"، وكانت بيلوسي غابت عن حضور كلمة نتنياهو.

وقالت عضو مجلس النواب الديمقراطي سومر لي التي قاطعت نتنياهو، إن "الجيش الإسرائيلي دمر معظم غزة بأسلحة قدمتها الولايات المتحدة". وأضافت: "قُتل أكثر من 39 ألف فلسطيني معظمهم نساء وأطفال، وما زالوا يُقتلون كل يوم. وماذا نفعل؟ نرحّب بأذرع مفتوحة في الكونغرس، بنتنياهو المسؤول عن كل هذا".

كما انتقدت الصحافة الأمريكية خطاب نتنياهو، إذ قالت وكالة أسوشيتد برس إن "نتنياهو الذي تزايدت الانتقادات ضده داخل إسرائيل يهدف إلى تصوير نفسه كرجل دولة تحترمه الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أنه "أصبح من الصعب على نتنياهو تحقيق هذا الهدف في نظر الأمريكيين، مع تزايد الخلاف حول الهجمات الإسرائيلية على غزة".

بدورها أشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن تفاخر نتنياهو بالسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة يتناقض مع تصريحات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية حول الموضوع.

من جهتها علقت شبكة "CNN" على أن نتنياهو "قلّل من شأن" دور إسرائيل في الهجمات المستمرة في غزة، لافتة إلى أنه خصّص معظم خطابه لانتقاد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول وإيران وآراء محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل.

ردّ فعل المعارضة الإسرائيلية على الخطاب

وانتقدت أحزاب المعارضة الإسرائيلية عدم حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن أي صفقة محتملة مع حركة حماس لتبادل الأسرى في قطاع غزة، إذ قال زعيم المعارضة يائير لابيد: "عار أن يتحدث نتنياهو ساعة دون أن يقول جملة واحدة: ستُعقَد صفقة لإعادة المختطَفين".

ونشر جلعاد كاريف، عضو الكنيست عن حزب "العمل" اليساري في تدوينة على منصة إكس: "فشلت قدرة نتنياهو الخطابية والتصفيق في إخفاء عدم كفاءة رئيس الوزراء في إخراج دولة إسرائيل من أخطر أزمة في تاريخها". وأردف: "نتنياهو لم يقل شيئاً جوهرياً واحداً عن صفقة المختطفين، ولم يلتزم عملية سياسية، وكعادته لم يتحمل أي مسؤولية عن فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول". وختم بقوله: "مواطنو إسرائيل، الذين فقدوا ثقتهم بنتنياهو منذ فترة طويلة، تَلقَّوا تذكيراً آخر هذا المساء بضرورة الإطاحة بنتنياهو وحكومته الفاشلة في أسرع وقت ممكن".

وقال عضو الكنيست نور شيري من حزب "هناك مستقبل" برئاسة لابيد، على منصة إكس: "إليكم الأرقام الأكثر أهمية لشعب إسرائيل: 10 أشهر من القتال، 119 مختطَفاً ومختطَفة، 1500 قتيل، 100 ألف نازح، صفر مرات قال فيها (الصفقة الآن)، دولة ممزقة وسط حرب وجودية فيما يقضي رئيس وزرائها إجازة في الولايات المتحدة".

"جلسة العار"

وفي بيان ردّت من خلاله على خطاب نتنياهو، قالت حركة حماس إنه "كان الأولى اعتقال نتنياهو مجرمَ حرب وتسليمه لمحكمة الجنايات الدولية بدلاً من إعطائه فرصة لتلميع وجهه أمام العالم"، مبيّنة أنه حاول "اللعب على وتر دغدغة العواطف وقلب الحقائق وترويج روايات کاذبة حول السابع من أكتوبر/تشرين الأول".

وشدّدَت على أن "خطاب نتنياهو يعكس عمق أزمته العسكرية والأمنية والدولية، إذ حاول التغطية عليها علناً بفلسفة الهزائم التي تكبدها جيشه في غزة"، معتبرة حديثه "عن جهود مكثفة لإعادة الرهائن محض كذب وتضليل للرأي العام الإسرائيلي والأمريكي والعالمي، إذ أفشل كل الجهود الرامية إلى اإنهاء الحرب وإبرام صفقة". واعتبر القيادي بحركة حماس عزت الرشق، أن خطاب المجرم نتنياهو حفلة أكاذيب واستخفاف بعقول العالم".

بدوره قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يتمثل بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. وأضاف في حديثه لوكالة رويترز: "الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية هو فقط من يقرر من يحكمه"، وذلك رداً على قول نتنياهو في الخطاب: "يجب أن تكون لغزة إدارة مدنية يديرها فلسطينيون لا يسعون لتدمير إسرائيل".

من ناحيته وصف الأمين العام لحزب المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، خطاب نتنياهو أمام الكونغرس بـ"جلسة العار"، وأنه "حافل بالأكاذيب". وتابع البرغوثي في بيانه: "الحضارة التي يدّعيها نتنياهو ليست حضارة بل انحطاط قتل 48 ألف فلسطيني في غزة، وانحطاط قتل 17 ألف طفل، وبتر أيدي وأرجل 1200 طفل فلسطيني، ورحّل مليونَي فلسطيني بعد هدم بيوتهم".

مسؤولون أتراك ينددون بالخطاب

قال جودت يلماز نائب الرئيس التركي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء، إن "الترحيب الذي لقيه مسؤول مُتهم بارتكاب جرائم إبادة في غزة أمام محكمة العدل الدولية في الكونغرس الأمريكي يُعَدّ مصدر قلق كبير من حيث القيم الإنسانية والقانون الدولي ومستقبل الديمقراطية"، وأكد أن تركيا "ستواصل الوقوف إلى جانب القانون الإنساني والشعب الفلسطيني المظلوم والدفاع عن العدالة والسلام للجميع".

من جهته قال رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، إن "المجتمع الذي صفق واقفاً لقاتل يُحاكَم أمام المحاكم الدولية، وداس على جميع مكاسب الإنسانية باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة، سيبقى محفوراً في ذاكرة البشرية شريكاً في هذه المجزرة، عار عليكم!".

بدوره قال وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا: "لن ينسى التاريخ الظالمين ومَن صفّق للظالمين الذين قتلوا الأطفال. ما حدث اليوم مشهد مُخزٍ للإنسانية، سنواصل الوقوف إلى جانب المضطهدين والأبرياء من إخواننا الفلسطينيين".

من ناحيته قال مدير دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون عبر حسابه على منصة للتواصل الاجتماعي: "من المخزي ببساطة أن يُسمح لنتنياهو بالدعاية من منصة الكونغرس الأمريكي وإهانة المتظاهرين الأمريكيين المسالمين". وأضاف: "تُرسل واشنطن من خلال استضافة سياسي مسؤول عن جرائم حرب، رسالة إلى العالم مفادها أنها لا تهتم أبداً بحياة المدنيين الأبرياء"، وبيّن أن خطاب نتنياهو لم يكن مليئاً بالأكاذيب الفاضحة فحسب، بل ومليئاً بالكراهية تجاه الفلسطينيين.

TRT عربي - وكالات