يستمر الهجوم الذي تشنه قوات المقاومة الفلسطينية، منذ فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول، على عدة مستوطنات في ما يعرف "غلاف غزة"، ليومه الثالث. وتشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن المقاومين لا يزالون يسيطرون على سبعة مواقع داخل إسرائيل، في وقت يجد فيه الجيش صعوبة في فرض سيطرته على تلك المواقع.
وقالت هيئة الإذاعة والتليفزيون الإسرائيلية، الاثنين، إنّ عدد القتلى الإسرائيليين جرّاء الهجوم المفاجئ الذي أطلقته حركة حماس، بلغ حتى الآن 800 قتيل. وذكرت وزارة الصحة الإسرائيلية أن عدد الجرحى الذين نُقلوا إلى المستشفيات وصل إلى 2400 شخص، مشيرة إلى أن حالة 22 منهم حرجة للغاية و345 حالة أخرى خطيرة للغاية.
في حين لا تقتصر تبعات عملية "طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي اعتمدته المقاومة لهجومها، على الخسائر البشرية والإخفاقات الميدانية لجيش الاحتلال. بل تعدت ذلك، لتوجه ضربة موجعة للاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما تؤكده عدة مؤشرات، بداية من انهيار بورصة تل أبيب.
ضربة موجعة للاقتصاد الإسرائيلي
وتسببت "طوفان الأقصى" بهبوط حاد في بورصة تل أبيب، إذ أغلقت أبوابها يوم الأحد على انخفاض بلغ مقداره 8%. وبحسب بيانات البورصة الإسرائيلية، التي نشرتها وكالة الأناضول، سجل مؤشر البنوك تراجعاً كبيراً بلغ 8.7%، والإنشاءات بنسبة 9.52%، والتأمين 9.38% والاستثمار 9.2% والطاقة 9.22%. وخسرت الأسهم الإسرائيلية ما قدر بـ20 مليار دولار من قيمتها السوقية.
كما تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي في التعاملات الصباحية ليوم الاثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بالغاً أدنى مستوياته خلال ثماني السنوات الأخيرة. في وقت يسارع فيه المستثمرون لبيع العملة الإسرائيلية مع تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة. وأعلن "بنك إسرائيل" في بيان بيعه ما يصل لـ30 مليار دولار للأسواق، من أجل تدارك تقلبات الشيكل.
ويترتب عن تخفيض التصنيف الائتماني الزيادة في تقييم مخاطر سداد الديون، وبالتالي زيادة في تكلفة الاقتراض والفوائد على الديون. كما تتراجع الثقة في الجهة المقترضة، وهو ما يتسبب في تقلبات في الأسواق المالية، وقد يعيق حصولها على تمويلات جديدة، ويضر اقتصادها بشكل عام.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أوقفت إنتاج الغاز الطبيعي في المنصة البحرية "تمار"، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، حسب ما أعلنت شركة "شيفرون" العاملة بالحقل. ويقع حقل "تمار" البحري على بعد 24 كيلومتراً غرب عسقلان، شمال قطاع غزة، ويبلغ إنتاجه بين 7.1 إلى 8.5 مليون متر مكعب يومياً.
وبعد أن نجحت المقاومة في التشويش على أنظمة المراقبة والرادارات الإسرائيلية، كما فشلت المعدات التكنولوجية للاستخبارات في رصد واستباق الهجوم، يتوقع محللون أن يضر هذا بسمعة صناعة التكنولوجيات الدقيقة الإسرائيلية، وبالتالي انخفاض أسهمها ونقص الاستثمار في شركتها. وهو ما قد يؤثر في الاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام، إذ تساهم هذه الصناعات بـ18.1% في الناتج الخام للبلاد.
وبشكل عام، "سيكون تأثير الحرب الجارية في غزة أكبر في الأسواق الإسرائيلية مقارنة بجميع العمليات العسكرية السابقة"، يقول أوري جرينفيلد ، كبير الاستراتيجيين في بيت الاستثمار في مستوطنة بساجوت. وأضاف أنه "في حالة انتشار القتال، فمن المرجح أن يتضرر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب انخفاض الاستهلاك الخاص والاستثمارات الخاصة والعامة".
آثار في الاقتصاد العالمي
ولا يؤثر هجوم "طوفان الأقصى" في الاقتصاد الإسرائيلي فحسب، بل يتخطى ذلك إلى التأثير في الاقتصاد العالمي. وأحست أسواق الشرق الأوسط هذه التأثيرات، بحسب ما نشرت وكالة بلومبيرغ.
وتأثرت الأسواق العالمية للنفط بالأحداث، مع تصاعد المخاوف من تعطيل الحرب للإنتاج النفطي في الشرق الأوسط. وسجلت أسعار النفط قفزة بنسبة 4%، في تداولات يوم الاثنين.
وحسب كانيكا باسريشا، الخبيرة الاقتصادية في بنك إنجلترا، فإن أحد أبزر تأثيرات الهجوم في الاقتصاد العالمي، "ستكون من خلال أسعار النفط التي ارتفعت بالفعل بالقرب من مستوى 90 دولاراً". وأضافت بأن "المزيد من تصعيد الصراع تجاه دول الشرق الأوسط الأخرى، التي تعد منتجة رئيسية للنفط، يشكل تهديداً أكبر، ويحتاج إلى مراقبة وثيقة للغاية نظراً لأن الاقتصاد العالمي يواجه حالياً سيناريو أسعار فائدة أعلى لفترة أطول".
من ناحية أخرى، وعدا الأسواق المالية والنفط، قد يستغرق تأثير الحرب الجارية في الاقتصاد العالمي بعض الوقت ليحصل الشعور به، وفق ما أكده أجوستين كارستينز، المدير العام لبنك التسويات الدولية، في عرض تقديمي أمام الجمعية الوطنية لاقتصادات الأعمال.