أعلنت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا عن إنشاء حلف عسكري لـ "حماية مصالحها" في المحيطين الهادي والهندي أمام النفوذ الصيني هناك. الحلف الذي عمِّد باسم "أوكوس" ، أثار امتعاضات عدَّة، على رأسها الصين التي قرأت فيه بداية "حرب باردة" جديدة.
وليست الصين وحدها من تفاجأت بالخبر، بل فرنسا التي كان يربطها بأستراليا عقد بناء غواصات حربية، سحب من تحت أقدامها البساط ليعوضه التحالف، مخلفاً غضباً عارماً. فيما يضع التحرك الثلاثي للدول المتحالفة العالم أمام حلقة جديدة من مسلسل التنافس مع الصين، حيث يلح السؤال حول أي معالم لهذه "الحرب الباردة الجديدة".
"حرب باردة" يعلنها "أوكوس"؟
حسب بيان نشره الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية، فإن "قادة المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا اتفقوا الأربعاء، على إطلاق شراكة دفاعية وأمنية تاريخية". شراكة دفاعية وأمنية جديدة لـ "حماية مصالحها" في المحيطين الهندي والهادي. فيما تأتي هذه الشراكة وسط تزايد المنافسة بين القوى العظمى مع الصين في منطقة المحيطين.
هذا وأطلقت الدول الثلاث على هذه الشراكة اسم "تحالف أوكوس AUKUS" وقالت إنها "ستعمل على تعزيز تطوير القدرات المشتركة ومشاركة التكنولوجيا، مما يضمن حماية موظفينا من أي أذى وتعزيز أهدافنا المشتركة".
في السياق نفسه أعلنت باريس ليل الأربعاء أنّ تراجع أستراليا عن صفقة أبرمتها في 2016 مع مجموعة "نافال غروب" الفرنسية للصناعات الدفاعية لشراء غواصات تقليدية هو "قرار مؤسف". فيما يرجع تراجع أستراليا لحصولها بالمقابل في إطار الشراكة التي أبرمتها لتوِّها مع الولايات المتحدة وبريطانيا على غواصات تعمل بالدفع النووي.
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان بأن: "هذا القرار مخالف لنصّ وروح التعاون الذي ساد بين فرنسا وأستراليا". مضيفة أنّ "الخيار الأمريكي الذي يؤدّي إلى إقصاء حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا من شراكة مزمنة مع أستراليا، في وقت نواجه فيه تحدّيات غير مسبوقة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، يشير إلى عدم ثبات لا يمكن لفرنسا إلا أن ترصده وتأسف له".
بالمقابل تدخل هذه الشراكة في إطار التحرك الغربي للحد من النفوذ الصيني في منطقة المحيطين. وبالتالي، ردت الصين على ذلك بالتعبير عن امتعاضها. وقالت السفارة الصينية في واشنطن إن على الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا "التخلّص من عقلية الحرب الباردة والتحيّز الآيديولوجي"، وذلك في معرض ردّها على الاتفاق الأمني الجديد بين الدول الثلاث. وقال المتحدث باسمها ليو بينجيو تعليقاً على الاتفاق الأمني، إن الدول الثلاث "يجب أن لا تشكّل تكتلات إقصائية تستهدف مصالح أطراف ثالثة أو تضر بها".
معالم "الحرب الباردة الجديدة"!
وأوردت صحيفة "The Global Times" الصينية، بأن أستراليا نصَّبت نفسها "خصماً" للصين. وحذَّرت الصحيفة المدعومة من الدولة، والتي غالباً ما تذهب إلى أبعد مما قد يرد عبر التصريحات الرسمية من تصعيد، معلنة أنه يمكن استهداف أستراليا كتحذير للآخرين إذا ما تصرفت "بجرأة" بالولاء للولايات المتحدة، أو بكونها "حازمة عسكرياً".
فيما أوردت الغارديان البريطانية، نقلاً عن خبير صيني في العلاقات الدولية، قال: "بأن حلف "أوكوس" أتى متزامناً مع أكبر انخفاض تعرفه مستويات الحوار بين بكين والدول الثلاثة". مضيفاً أنه إذا ما دخلت الغواصات الأسترالية إلى الخدمة في عرض مياه بحر الصين، فإن الرد الصيني سيكون منتظراً لكن "السؤال هو أي رد سيكون وقت ذاك".
ومنذ السباق الرئاسي الأمريكي، حيث أخذت الصين حيزاً مهما في برنامج ومناقشات جو بايدن، ولغة التصعيد متبادلة بين العاصمتين، واشنطن وبيكين. وصولاً إلى اتهام الرئيس الأمريكي الصين بإخفاء معلومات حيوية حول منشأ فيروس كورونا لتعطل التحقيقات الدولية في هذا الصدد.
هذا وأبقى الرئيس بايدن على الرسوم الاقتصادية التي فرضها ترمب لعرقلة دخول المنتجات الصينية إلى الأراضي الأمريكية. كما يعتزم الرئيس الأمريكي عقد قمَّة بحضور قادة كل من الهند اليابان وأستراليا لتدارس النفوذ الصيني وتباحث سبل الحد منه.