يرى قادة ونشطاء الحركات الاستيطانية الإسرائيلية أن وجود المستوطنات في مكان ما يساهم في زيادة أمن دولة الاحتلال / صورة: AA (AA)
تابعنا

ناقش المؤتمر بشكل خاص عودة الاستيطان إلى قطاع غزة بعد تفكيكه عام 2005 بما عرف بخطة "فك الارتباط"، تزامن المؤتمر مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وعملية التهجير السكاني المنظم لسكان محافظتي غزة وشمال غزة.

وبعد المؤتمر وفي شهر مايو/أيار الماضي، نظمت مجموعات استيطانية مسيرة في غلاف غزة شارك فيها ما يقرب من 50 ألف شخص من ضمنهم أعضاء في الكنيست ووزراء في حكومة الاحتلال، المسيرة التي انتهت في بلدة سديروت طالب المشاركون فيها بعودة الاستيطان إلى قطاع غزة.

دانييلا فايس من المنظمين للمسيرة وأهم المنظرين لعودة الاستيطان إلى غزة، الذي ترى فيه مدخلاً لجلب الأمن إلى إسرائيل، وفي هذا الإطار قالت فايس خلال المسيرة إن الاستيطان وحده ما يجلب الأمن "هناك طريقة واحدة فقط: دخول اليهود وخروج العرب. بدون استيطان لا يوجد أمن".

فايس التي سبق أن فرضت عليها الحكومة الكندية عقوبات لأدوارها الاستيطانية والعنيفة ضد الفلسطينيين، تقود جهوداً للضغط على الحكومة الإسرائيلية لقبول خطط الاستيطان في قطاع غزة، وحول موقف رئيس الوزراء نتنياهو من حراكها قالت: "رئيس الوزراء لم يلغِ الاحتمال، ومن التجربة، عندما يوجد ضغط على الحكومة لسنوات عديدة، ينجحون في الإقناع".

ويرى قادة ونشطاء الحركات الاستيطانية الإسرائيلية أن وجود المستوطنات في مكان ما يساهم في زيادة سيطرة إسرائيل على ذلك المكان وحفظ أمنه، وعبّر قائد الكتيبة 82 في الجيش الإسرائيلي أوفبر كاسبي عن دعمه لهذا التوجه قائلاً "يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى التمسك بالأراضي (في غزة). وأعتقد أنه لو عادت المستوطنات هنا لانتصرنا".

وتابع: "الحل هو العودة، تماماً كما يوجد مستوطنات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، فيجب أن تكون هنا في غزة أيضاً، لا يوجد حل آخر".

وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي، قال عبر حسابه على منصة إكس إنه "وبّخ" الضابط بعد تصريحاته، والذي بدوره "تراجع عن كلامه وأعرب عن أسفه". فإن هذه الحادثة تشير إلى شكل النقاش داخل دولة الاحتلال والمستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

ونقل موقع "واللا" العبري عن أربعة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن وزير الدفاع يوآف غالانت قال لمسؤولين أمريكيين كبار الأسبوع الماضي إنه والجيش الإسرائيلي لن يسمحا بإقامة مواقع استيطانية أو مستوطنات في قطاع غزة.

هل يجلب الاستيطان الأمن؟

يشكك أستاذ البيانات والحاسوب في الجامعة العبرية درور فيتلسون في مقال له على صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في مقولة أن الاستيطان الإسرائيلي يحسن من الأمن، ويشير، اعتماداً على تقارير جهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك"، إلى أنه لا يمر يوم دون أن توجد عمليات فدائية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.

ويلفت فيتلسون الانتباه إلى أن تأثير المستوطنات على الأمن الإسرائيلي يكون بشكل عكسي فـ"الكفاءة العملياتية للجيش الإسرائيلي عندما يكون منشغلاً بالأمن الجاري للمستوطنات تتراجع"، ويضيف إلى أن السبب في انهيار الجيش الإسرائيلي يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) يرجع إلى "انتشار 30 كتيبة من الجيش الإسرائيلي على حساب حماية حدود قطاع غزة".

وفي دراسة أعدها الرائد المتقاعد من الاستخبارات الإسرائيلي والباحث في جامعة هارفارد أفيشاي بن ساسون-غورديس ونشرها مركز مولاد لتجديد الديمقراطية في إسرائيل، جاء أن "المستوطنات تعمل على إطالة خط الدفاع الذي يتعين على الجيش الإسرائيلي أن ينتشر على طوله".

ويترتب على هذا الانتشار، وفقاً للدراسة، أن الجيش الإسرائيلي سيكون مضطراً إلى حماية المستوطنات الإسرائيلية في قلب المناطق الفلسطينية ما يؤدي إلى تراجع قدرته على حماية المدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.

ويشير الرائد المتقاعد إلى أن القوات التي يجب على جيش الاحتلال الإسرائيلي الاحتفاظ بها في الضفة الغربية تصل إلى نصف القوة القتالية أو ثلثيها، في حين أن 80% منها يذهب لحماية المستوطنات والـ20% المتبقية إلى حماية حدود الـ67.

هل يصمد من فشل في 2005؟

وحتى عام 2005، كان الاحتلال الإسرائيلي يستوطن قطاع غزة، بـ17 مستوطنة ضمت ما يقرب من 8 آلاف مستوطن، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية تصاعدت هجمات المقاومة الفلسطينية عليها ما زاد من تكلفة حمايتها ووصل في نهاية الأمر إلى انسحاب الاحتلال منها.

واليوم وبعد سنوات من الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتطور المقاومة الفلسطينية عما كانت عليه خلال الانتفاضة الثانية، تظهر قدرة إسرائيل على تنفيذ أجندتها الاستيطانية محدودةً، فعلى خلاف النظرية التي يروج لها اليمين يشير الباحث في الشؤون الدفاعية عماد ناصر إلى أن عنصر الأمن هو من يجلب الاستيطان وليس العكس فـ"الفكرة العامة من الاستيطان هو الشعور بالأمن والأمان داخل المستوطنات والمقدرة على حمايتهم سواء كان في الضفة أو مستوطنات ما قبل الانسحاب من غزة".

ويضيف ناصر في حديث له مع TRT عربي أن "أحد العوامل التي أدت إلى الانسحاب من غزة عدم القدرة على التأمين بشكل كافٍ وتحقيق الأمن بشكل مستمر في المستوطنات داخل غزة".

ويلفت ناصر النظر إلى أن قدرات المقاومة الفلسطينية الحالية تصاعدت وأصبحت أكبر بخاصة مع امتلاكها الأسلحة القادرة على الإصابة من بعيد، كقذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى، وإن تعرضت للاستنزاف في الحرب الحالية إلا أن خبرات المقاومة في تصنيعها وإنتاجها ما زالت قائمة.

هذا الأمر بالمحصلة يؤدي، وفقاً لناصر، إلى صعوبة تأمين أي عملية استيطان سكاني في قطاع غزة، وفي حال وُجدت ستكون عرضة للخطر، ما يجعل من أي خطوات نحو الاستيطان غير منطقية.

TRT عربي