ما تفصح عن÷ روسيا علناً هو نفي أي صلة مباشرة بينها وبين السياسات والدعوات الانفصالية في صربيا، مشددة على أن هذا "شأن داخلي"، ومشجعة في الوقت نفسه على إنهاء الإشراف الغربي المفروض على البوسنة منذ نهاية الحرب عام 1995.
لا يخفي ذلك، مساعي روسيا المستمرة منذ سنوات طويلة، لإنهاء نفوذ حلف شمال الأطلسي (ناتو) في منطقة غرب البلقان، ومدّ نفوذها القديم عليها، وهو ما تحاول الوصول إليه عبر دعم غير مباشر لمساعي جمهورية صربسكا في الانفصال عن البوسنة.
وفي ظل التطورات الأخيرة، وافق برلمان "صربسكا" بداية الشهر الجاري، على سحب موظفيه من أهم ثلاث مؤسسات فيدرالية وهي الجيش والقضاء والضرائب تدريجياً، فيما يعد أول خطوات تحقيق المساعي الانفصالية التي يتزعمها الزعيم الانفصالي ميلوراد دوديك، تظهر أهمية الحديث عن دعم روسيا الخفي لما يحدث.
مليشيا "الشرف الصربي"
في عام 2018، فجّر موقع "زورنال" الإخباري في البوسنة مفاجأة، بكشفه لمليشيات عسكرية تأسست لدعم المساعي الانفصالية لصرب البوسنة، تدعى "الشرف الصربي-Serbian Honour"، دُربت بأيادٍ روسية.
فقد أشار التحقيق، إلى أن تلك المليشيات تلقت تدريباتها العسكرية في "مركز إنساني"، افتتحته روسيا عام 2012 بتمويل خاص منها في مدينة "نيش" الصربية.
وتُجند مليشيات "الشرف الصربي" أشخاصاً ينتمون إلى عالم الجريمة القاسي في البلاد، بهدف تشكيل وحدة موالية للزعيم الانفصالي دوديك، لدعمه بالتدخل المباشر، إذا سعت المعارضة لإعاقة تحرك السلطات، نحو الانفصال في وقت من الأوقات، وفق وثيقة سرية نشرتها الصحيفة المحلية.
وكشف التحقيق أن أحد قادة المليشيا، ويدعى بويان ستويكوفيتش، كان عسكرياً صربياً سابقاً، وقد تلقى تدريبه في موسكو، وحصل على ميدالية لتكريمه من جنرال روسي.
لا يخفي ستويكوفيتش ولاؤه المباشر لروسيا، فقد كتب تعليقاً على صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر حسابه الشخصي في إنستغرام: "يمكن أن يضحى المرء بحياته من أجل رئيس مثل هذا".
نفي روسي
التحقيق المنشور أكده حينها وزير الداخلية البوسني دراغان ميكتيتش، مشيراً إلى أن أجهزة المخابرات والأمن كانت على علم بوجود تلك المليشيا وأنشطتها منذ وقت طويل، قبل أن تعلن عن نفسها عبر عرض عسكري قامت بأدائه في مدينة بانيا لوكا، أكبر مدن البوسنة، في يناير/كانون الثاني 2018، وتحديداً في "ذكرى إقامة جمهورية صربسكا" الكيان الصربي داخل البوسنة.
من جانبها، نفت السلطات الصربية في "جمهورية صربسكا" أي أخبار متداولة تشير إلى وجود مليشيا "الشرف الصربي".
وقالت رئاسة "صربسكا" في بيان لاحق للتحقيق، إن ادعاء بعض وسائل الإعلام البوسنية بأن الرئيس دوديك يشكل وحدات شبه عسكرية بدعم من موسكو "أمر خطير للغاية ولا يستند على حقائق".
بدورها، نفت السفارة الروسية في البوسنة تلك الاتهامات، ووصفتها بأنها "هراء وافتراء".
وأكدت السفارة في بيانها، أن "التقارير التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام في البوسنة ليست سوى أكاذيب سخيفة وغبية لا تستحق الرد عليها".