مع افتتاح متحف الحضارات الإسلامية في جامع تشامليجا الكبير بمدينة إسطنبول، أصبحت أكثر من 800 قطعة أثرية إسلامية تمتدّ إلى 12 قرناً معروضة بمكان واحد بطريقة عصرية بديعة تسحر ألباب الزائرين.
متحف متميز يمتدّ على مساحة مغلقة تبلغ 10 آلاف متر مربع، ويتكون من 15 قسماً على طابقين، استُخدمت فيها أحدث التقنيات البصرية والسمعية، ورُتّبت بها الآثار بما يليق بالإسلام وحضاراته من القرن السابع إلى التاسع عشر ميلاديّاً.
في رمضان الماضي افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتحف في مسجد تشامليجا الكبير بالضفة الآسيوية من إسطنبول، حيث أفاد عند الافتتاح بأن "المتحف الجديد يعكس تاريخ إسطنبول، وهيكلها الجغرافي والثقافي، ويليق بهذه المدينة كثيراً".
ولفت إلى أن "زوار المتحف سيدركون أن العلم والحكمة هما المؤسس الحقيقي للحضارات، والآثار التي ستُعرَض في المتحف تمثّل تراكم آلاف السنين للحضارة الإسلامية، وأن 650 قطعة أُحضِرَت من متاحف عدة بإسطنبول".
الآثار الإسلامية في مكان واحد
المتحف يضمّ أغراضاً قيمة من مقتنيات النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى النسخ الأولى من القرآن، ومن نماذج لفن النسيج التركي إلى قطع معمارية وزخرفية، ومن فن الخط إلى عينات الخزف.
ويضمّ صفحات من أقدم نسخ القرآن الأولى المكتوبة في زمن الخليفة أبو بكر، ولاحقاً تحولت إلى المصحف في زمن الخليفة عثمان بن عفان، مكتوبة بلا نقاط، أضيفت إليها النقاط لاحقاً، وهي في قسم واحد.
كما توجد مصاحف قرآنية قديمة يمتدّ عمرها إلى قرون، معروضة مع شروح مكتوبة باللغتين التركية والإنجليزية، وآثار متعلقة بالكعبة المشرفة من ستائر قديمة للباب ومحافظ للحجز الأسود.
وأيضاً في أقسام منها لوحات ترسم الكعبة المشرَّفة خلال الفترة العثمانية، إضافة إلى أسلحة إسلامية متنوعة استخدمتها الجيوش العثمانية، وسهام وسيوف، فضلاً عن العملات الإسلامية القديمة.
المتحف يضمّ الملابس القديمة وملابس السلاطين والتحف واللوحات المعلقة، وأواني زمزم القديمة، وكثيراً من المقتنيات المتميزة التي يمتدّ عمرها إلى قرون، فضلاً عن مذكرات السلطان محمد الفاتح لفترة طفولته.
رحلة في الإسلام
المعرض منذ دخوله يقود الزائر في رحلة عبر الإسلام من خلال أقسامه المتنوعة المعروضة بطريقة عصرية وبمؤثرات بصرية وبطريقة تحاكي الزائرين من حيث الاتساع وتوفر المقاعد للمشاهدة والتمتع بالمعروضات.
ويتألف المتحف من أقسام متنوعة، منها قسم السعودية الذي يحكي قصة ولادة الإسلام، ويحوي مكاناً مخصصاً لجلوس الزائرين وشاشة كبيرة بمؤثرات بصرية وسمعية مناسبة تحكي قصة ظهور الإسلام وانتشاره.
وفي قسم آخر أُنشئَت القبة البانورامية، وهي شاشة تُعرَض فيها قباب أبرز المساجد التركية القديمة ومعلومات عنها، فضلاً عن الأذان بمختلف المقامات، ويستطيع أي زائر أن يجلس ويستمتع بالمشاهدة.
أما قسم "أبو الحياة"، وهو رحلة الماء وفق الرؤية الإسلامية، فهو قسم فيه مؤثرات بصرية تملأ المكان من أعلى إلى الأرض عبر عرض لمرحلة المياه من تفجُّرها من الصخر وعبور ها الأرض وانتقالها إلى السماء في عرض مذهل ومثير، مرافقاً لكل مرحلة الآيات القرآنية التي تناولت المياه.
اهتمام سياحي
المعرض المتميز يلقى اهتماماً كبيراً من الزائرين والسائحين القادمين إلى المنطقة، منهم زائرون أتراك وسياح أجانب، يتدفقون إلى المنطقة التي تضمّ إلى جانب المتحف جامع تشامليجا الكبير وبرج تشامليجا المطلّ على مدينة إسطنبول.
المنطقة تحولت إلى نقطة جذب كبير، بخاصة مع افتتاح المنشآت المتعددة، إذ تُعتبر محطة للزائرين، وتزور قوافل السياح المعرض للاستمتاع بالمقتنيات الأثرية التي تثير وتسحر ألباب الزائرين.
وتوافرت بنية تحتية مناسبة للزائرين والسياح، إضافة إلى الاستمتاع بقراءة المعلومات عن الآثار بالاستماع إليها، فضلاً عن الأقسام المتنوعة التي تعكس وصول الحضارة الإسلامية إلى الحياة المعاصرة ومواكبتها.
بذلك يتحول متحف الحضارات الإسلامية الذي يستقبل زواره مجاناً إلى نقطة جذب واهتمام سياحي كبير، ومحطة لكل عاشق للإنسانية بزيارتها، من المسلمين ومن غيرهم، للاستمتاع بالحضارة الإسلامية العريقة.