أعلنت القيادة الوسطى للجيش الأمريكي أن سرباً من طائرات القتال من طراز إف-16 وصل إلى منطقة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي اشتد مع إطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأوضحت القيادة أن السرب جرى توجيهه إلى هناك لتعزيز الوجود الأمريكي وردع أي أعمال عدوانية، وفي هذا المقال سنتعرَّف المقاتلة الأشهر عالمياً إف-16.
تُعتبر مقاتلات إف-16، المعروفة أيضاً باسم "الصقر المقاتل"، طائرات صغيرة الحجم جرى تصنيعها بواسطة شركة جنرال داينامكس الأمريكية. مقاتلات إف-16 واحدة من أكثر المقاتلات شهرة وانتشاراً في العالم، وهي تستخدم حالياً من قِبل عديد من القوات الجوية حول العالم.
وتتميز مقاتلات إف-16 بقدرتها العالية على المناورة والهجوم في الجو وعلى الأرض، وتوفر أداءً ممتازاً بتكلفة منخفضة نسبياً للولايات المتحدة وحلفائها.
تطوير مقاتلات إف-16
تاريخ تطوير إف-16 يعود إلى السبعينيات، إذ جرى تصميمها بوصفها مقاتلة خفيفة ومرنة تتميز بقدرات عالية في الطيران الجوي والهجوم الأرضي لصالح سلاح الجو الأمريكي.
وجرى تصنيع مقاتلة إف-16 بموجب اتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأربع دول من حلف شمال الأطلسي، وهي بلجيكا والدنمارك وهولندا والنرويج. جرى تجميع هيكل الطائرة النهائي في هولندا وبلجيكا، وجرى تجميع مكوناتها من الدول الخمس.
وبدأت مقاتلات إف-16 في الخدمة في عام 1978. جرى تصميمها في الأساس للبيع لشركاء الولايات المتحدة، إذ تُعتبر طائرة متعددة الأغراض ومنخفضة التكلفة، وجرى استمرار تحسينها بشكل مستمر بواسطة شركة لوكهيد مارتن.
وجرى اختبار طراز "إف-16 إيه" بمقعد واحد لأول مرة في ديسمبر 1979، وجرى تسليم أول نسخة منها بعد شهر واحد إلى الجناح المقاتل التكتيكي 388 في قاعدة هيل الجوية بولاية يوتا. وفي 19 يونيو/حزيران 1984 جرى استخدامها رسمياً في أول رحلة لها.
تصميم مقاتلات إف-16 جرى عن طريق إدماج ميزات طائرتَي إف-15 وإف-111، مما أدى إلى توسيع الطائرة وتقليل حجمها وتكلفتها وتكاليف صيانتها، دون التأثير في قوتها.
وعلى مرّ السنين جرى تطوير إف-16 بإصدارات متقدمة تتضمن تحسينات في الأداء والإلكترونيات والأنظمة الأسلحة. كما أن هناك مقاتلات إف-16 جرى تطويرها خصيصاً لبعض الدول المستخدمة، مثل إف-16 الإسرائيلية المعروفة باسم سوفا، وإف-16 الهولندية المعروفة باسم فايبر.
المهام الرئيسية لمقاتلات إف-16
تُعتبر F-16 مقاتلة متعددة المهام، إذ يمكنها تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام العسكرية. يمكنها القيام بمهام الدفاع الجوي، وتأمين السيطرة الجوية، والهجوم الأرضي، ودعم القوات البرية، والاستطلاع الجوي، والتدريب العسكري. وبفضل قدراتها العالية في المناورة والأداء الجوي فإنها قادرة على التحليق في بيئات قتالية مكتظة وتوفير الدعم الجوي القريب للقوات البرية.
مواصفات فنية لمقاتلات إف-16
تتمتع مقاتلات إف-16 بعديد من المواصفات الفنية المميزة. يبلغ طولها نحو 15 متراً، وباعها الجناحيّ يصل إلى نحو 10 مترات. يمكنها التحليق لمدى يصل إلى 15 كيلومتراً والطيران لمسافة تصل إلى 3900 كيلومتر. تتجاوز سرعتها سرعة الصوت وتصل إلى 2420 كيلومتراً في الساعة.
ويمكن لمقاتلات إف-16 حمل مجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الجو-جو والصواريخ الجو-أرض والقنابل الذكية، إذ يمكنها حمل 6 صواريخ وتتميز بوزن خفيف وحجم صغير.
ويبلغ وزن مقاتلات إف-16 دون العتاد 9 أطنان، وعند تحميلها يصل إلى أكثر من 21 طناً. تحتوي على أنظمة تحديد مواقع عالمية محسنة ونظام ملاحة عالي الدقة. توفر أيضاً أجهزة حاسوبية توفر معلومات توجيه للطيارين.
من الجوانب البارزة لمقاتلة إف-16 أيضاً هو قدرتها على القتال الجوي القريب، دوغ فايت، إذ تُعتبر مقاتلة متفوقة في المناورة الهوائية وقدرتها على التعامل مع أهداف متحركة بسرعة عالية. جرى تزويد المقاتلة بنظام تحكم رقمي متقدم يساعد الطيار على تنفيذ المناورات الهوائية المعقدة بكفاءة ودقة عالية.
المميزات والقدرات التكتيكية لمقاتلة إف-16
تحديد الأهداف: تستطيع مقاتلات F-16 تحديد أهدافها في جميع الظروف الجوية وتتمتع بقدرة على اكتشاف الطائرات المحلقة على ارتفاعات منخفضة.
اكتشاف الأهداف: تُستخدم إف-16 في الهجمات المضادة والدعم الجوي قريب المدى، كما يمكن استخدامها في مهام المراقبة الجوية.
الأنظمة الدفاعية: تحتوي مقاتلات إف-16 على نظام تسليح متقدم ومنظومة إلكترونية للدفاع، مما يسمح لها بصدّ التهديدات الإلكترونية والتعامل مع المواقف القتالية المعقدة.
الرؤية والاستشعار: تتيح مقاتلات إف-16 مجال رؤية واسعاً خالياً من العوائق في جميع الاتجاهات، وتمتلك رادارات قوية توفر معلومات تفصيلية للطيارين حول المنطقة المستهدفة.
هجوم جوي وجو-أرض: تتميز إف-16 بقدرتها على مهاجمة الأهداف في الجو وعلى الأرض. يمكنها استخدام صواريخ جو-جو في القتال الجوي وصواريخ جو-أرض والقنابل لمهاجمة الأهداف على الأرض.
السلامة والاستدامة: صُممت مقاتلات إف-16 بآلية عمل تساهم في تفادي الاصطدام الأرضي وتقليل حوادث الطيران المميتة. كما تتميز بقدرتها على العمل لمدة تصل إلى 12 ألف ساعة (ما يعادل نحو 40 عاماً) دون الحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية.
العمليات التي شاركت بها مقاتلات إف-16
عملية درع الصحراء (1991):
شاركت مقاتلات إف-16 ضمن القوات الأمريكية في حرب الخليج الثانية، إذ جرى استخدامها في عملية درع الصحراء. وجرى تنفيذ آلاف الطلعات الجوية لتدمير وتعطيل البنية التحتية والقدرات العسكرية.
عملية قوات التحالف (1999):
استُخدمت مقاتلات إف-16 في عملية قوات التحالف التي نفذتها قوات التحالف الدولية بقيادة الناتو في كوسوفو. كان الهدف من العملية هو وقف التطهير العرقي وسحب القوات الصربية من المنطقة المتنازع عليها. قدمت مقاتلات إف-16 دعماً جوياً حاسماً للقوات التحالفية ودمّرت الأهداف العسكرية الحيوية.
الحرب في أفغانستان والعراق (2001-2021):
شاركت مقاتلات إف-16 في عديد من العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق بدءاً من عام 2001 حتى خروج القوات الأمريكية من أفغانستان في عام 2021. قامت المقاتلات بآلاف العمليات الجوية لدعم القوات البرية وتحقيق الهدف من عمليات "النسر النبيل".
عملية العزم الصلب (2021):
استُخدمت مقاتلات إف-16 ضمن القوات الجوية الأمريكية في عملية العزم الصلب التي نفذتها قوة المهام المشتركة في يوليو/تموز 2021. كان الهدف من العملية هو محاربة تنظيم داعش. نفّذت المقاتلات ضربات جوية دقيقة ودعمت القوات الأرضية.
عملية طوفان الأقصى (2023):
أعلنت القيادة الوسطى للجيش الأمريكي أن سرباً من طائرات القتال من طراز إف-16 وصل إلى منطقة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لتعزيز الوجود الأمريكي وردع أي أعمال عدوانية.
الدول التي تستخدم مقاتلات إف-16
تُعتبر مقاتلة إف-16 واحدة من أكثر الطائرات القتالية شيوعاً ونجاحاً في العالم، ويستخدمها عديد من الدول لتعزيز قدراتها الجوية وتحقيق أهدافها العسكرية. وفي ما يلي نستعرض بعض الدول التي تستخدم مقاتلات إف-16:
الولايات المتحدة الأمريكية:
تُعَدّ الولايات المتحدة المنتِج الأصلي وأكبر مستخدم لمقاتلة إف-16. تستخدم القوات الجوية الأمريكية (US Air Force) وسلاح الجو الاحتياطي (Air National Guard) وسلاح الجو الاحتياطي في القوات الجوية الأمريكية (Air Force Reserve Command) مقاتلات إف-16 لتأمين السيادة الجوية وتنفيذ مهام القوة الجوية.
إسرائيل:
تُعَدّ إسرائيل أحد أبرز المستخدمين لمقاتلة إف-16 في الشرق الأوسط. قدمت الولايات المتحدة مقاتلات إف-16 لإسرائيل باعتبارها جزءاً من برنامج المساعدة العسكرية. واستطاعت إسرائيل تشغيل وتطوير هذه المقاتلات وتحديثها وتعديلها لتلبية احتياجاتها الخاصة.
هولندا:
تُعتبر هولندا أحد المستخدمين الأصليين لمقاتلة إف-16 في أوروبا. كانت هولندا من بين الدول الأولى التي اعتمدت هذه المقاتلة في سبعينيات القرن الماضي، واستخدمتها القوات الجوية الملكية الهولندية (Royal Netherlands Air Force) لتحقيق التحديث التكنولوجي وتعزيز القدرات الجوية.
بلجيكا:
تستخدم بلجيكا مقاتلات إف-16 منذ عام 1979. جرى تعزيز قدرات سلاح الجو البلجيكي (Belgian Air Component) بواسطة هذه المقاتلات واستُخدمت في مهام الدفاع الجوي والاستطلاع والهجوم الجوي.
تركيا:
تمتلك تركيا أسطولاً كبيراً من مقاتلات إف-16 وتعتبرها جزءاً أساسياً من قدراتها الجوية. تستخدمها القوات الجوية التركية (Turkish Air Force) للدفاع الجوي والدعم الجوي والتدريب.
باكستان:
تُعَدّ باكستان أحد المستخدمين الرئيسيين لمقاتلات إف-16 في منطقة جنوب آسيا. جرى توفير هذه المقاتلات من الولايات المتحدة لتعزيز القدرات الجوية للقوات الجوية الباكستانية (Pakistan Air Force) في مجالات مثل الهجوم الجوي والدفاع الجوي والاستطلاع.
النرويج:
تستخدم القوات الجوية النرويجية (Royal Norwegian Air Force) مقاتلات إف-16 باعتبارها جزءاً من قدراتها الجوية. جرى تحديث هذه المقاتلات وتطويرها بشكل مستمرّ للتكيف مع المتطلبات العسكرية الحديثة.
اليونان:
تستخدم اليونان مقاتلات إف-16 لتعزيز قدراتها الجوية. وجرى توفير هذه المقاتلات من الولايات المتحدة، وجرى تطويرها لتلبية الاحتياجات اليونانية الخاصة.
الإمارات العربية المتحدة:
تستخدم دولة الإمارات العربية المتحدة مقاتلات إف-16 باعتبارها جزءاً من قدرات سلاح الجو الإماراتي. وجرى توفير هذه المقاتلات من الولايات المتحدة، واستُخدمت في الدفاع الجوي والهجوم الجوي والتدريب.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه القائمة ليست شاملة، فهناك مزيد من الدول التي تستخدم مقاتلات إف-16 حول العالم مثل البرازيل والدنمارك ومصر والفلبين وبولندا وكوريا الجنوبية وغيرها. وتُعتبر مقاتلة إف-16 خياراً مفضلاً بين الدول نظراً إلى قدراتها المتعددة وكفاءتها العالية في الأداء الجوي.