تابعنا
تتوالى تحذيرات وكالات الأرصاد الجوية بشأن موجات الحرارة العالية التي تضرب عدة مناطق حول العالم، وعلى وجه الخصوص حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تتسبب بمخاطر تهدد صحة الإنسان، على رأسها الإجهاد الحراري، الذي قد تصل تبعاته إلى وفاة المصاب به.

ويُعرف الإجهاد الحراري طبياً، بأنّه حالة تحدث عند تَعرُّض الجسم للحرارة الزائدة عندما يصاحبها ارتفاع في درجات الرطوبة وممارسة نشاط بدني شاقّ، وهو واحد من الأمراض الثلاثة المتعلقة بالحرارة.

ويعد أسوأ من التقلصات الحرارية، وأقلّ خطراً من التعرض لضربة الشمس التي قد تؤدِّي إلى الوفاة، كما تشمل أعراضه التعرق بغزارة وتسارع نبضات القلب. ويمكن للإجهاد الحراري أن يحدث دون التعرض مباشرة للشمس، وهو ما يؤكده استشاري الحميات والأمراض المُعدية الدكتور سمير عنتر، في حديث سابق له مع TRT عربي.

ما أسباب الإجهاد الحراري؟ وما تأثيراته في الصحة؟

ويفرق الدكتور عنترة بين ضربة الشمس والإجهاد الحراري، وهما خطران يتزامنان مع موجات الحر، بأن الإجهاد الحراري يحدث للإنسان في مكان مغلق أو مظلَّل لكنه يتعرّض لانبعاث حراري شديد ومتواصل في هذا المكان، بسبب ظروف عمله، مثل العمال في المناجم ومصانع الحديد وسائقي الشاحنات الكبيرة والعاملين في المطاعم، حيث يواجه هؤلاء حرارة كبيرة منبعثة من أفران أو آلات إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة في الخارج.

من جانبها، تؤكد انتصار حدية، أخصائية أمراض الكلى والأستاذة في كلية الطب بجامعة محمد الأول بالمغرب، في تصريحات لـTRT عربي، أن "التعرض للحرارة قد يؤدي إلى أعراض كالدوخة والصداع والعطش، لكن هذه تأثيرات في العادة لا تشكل خطورة على الشخص السليم، شريطة أن يبرد جسمه في غضون 30 إلى 45 دقيقة".

وحسب حدية، في حال الإجهاد الحراري تتنوع هذه الأعراض إلى "التعرق المفرط والإرهاق الشديد، سرعة نبض القلب وضعفه، انخفاض ضغط الدم عن الوقوف، الإغماء والغثيان، التقيؤ والصداع، والتقلصات العضلية إضافة إلى جفاف الجسم".

مشيرة إلى أنه الخطورة تكمن "في التعرض للحرارة المفرطة، وبخاصة عندما تتعدى حرارة الجسم عتبة 40.5 درجة مئوية. وهو ما يعتبر حالة طبية طارئة، قد تؤدي إلى تلف الأعضاء على المدى المتوسط والطويل والوفاة".

ولتفادي هذه المخاطر، ينصح الدكتور حسام السالمي، وهو طبيب عام في المغرب، بزيادة شرب الماء والسوائل لتجنب جفاف الجسم، بالإضافة إلى زيادة الاستحمام أو تبريد الجسم بالماء، وتناول عصائر الفاكهة والسوائل من أجل تزويد الجسم بالأملاح المعدنية، التي يفقدها بسبب التعرق.

وشدد السالمي، على أنه مع تزايد موجات الحر في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري امتلاك كل شخص حقيبة إسعافات أولية تشمل عبوات لأملاح الإماهة الفموية، مقياس حرارة، زجاجات ماء، قطع قماش يمكن تبليلها لتبريد جسم المصاب، مروحة محمولة أو بخاخ ماء يعمل بالبطاريات، أو غيرها من الوسائل الناجعة في علاج أعراض الإجهاد الحراري.

توالي التحذيرات من موجات الحرارة

وفي ظل التغير المناخي وانعكاساته على الطقس، أصبح خطر الإصابة بالإجهاد الحراري أكبر في السنوات الأخيرة، مع تزايد موجات الحر التي تضرب عدة مناطق العالم.

وتعرف موجة الحر على أنها حدوث ارتفاع غير عادي في درجات الحرارة لفترة طويلة، وغالباً ما تكون مصحوبة بارتفاع في مستوى الرطوبة. وحسب المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، أصبحت هذه ظاهرة موجات الحر أبرز أشكال أحوال الطقس المتطرفة التي تتسبب فيها التغيرات المناخية.

وفي أحدث التحذيرات من حدوث هذه الظاهرة، دقت سلطات عدد من دول الضفة الشمالية للمتوسط ناقوس الخطر، بشأن احتمال حدوث ارتفاع غير عادي في درجات الحرارة في عدد من أقاليمها، قد تتعدى 40 درجة مئوية، ويتوقع أن تصل إلى 42 درجة مئوية

وأطلقت السلطات الإيطالية يوم الثلاثاء الماضي، تحذيراً شديداً من موجة الحر في 12 مدينة، بما فيها مدن كبرى مثل روما وفلورنسا، شهدت ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة.

في إسبانيا، تسببت موجة الحر في نشوب عدة حرائق في الغابات، ما أدى إلى إجلاء آلاف من السكان. وكانت أقاليم كتالونيا وأراغون من بين المناطق الأكثر تضرراً، حيث تعمل فرق الإطفاء ليلاً ونهاراً للسيطرة على النيران.

بالمقابل، اضطرت السلطات اليونانية إلى إغلاق بعض المواقع السياحية الشهيرة، بما في ذلك الأكروبوليس في أثينا، بسبب الحرارة الشديدة، وجرى تفعيل خطط الطوارئ لتوفير المياه الباردة والملاجئ المكيفة للسياح والسكان المحليين.

وفي هذا السياق، قالت وهيبة لفَرح، خبيرة الطقس والمناخ في وكالة الأرصاد الجوية الفرنسية، في حديث إلى TRT عربي، إن "حوض البحر الأبيض المتوسط ​اليوم من أكثر المناطق في العالم تضرراً من الاحتباس الحراري". وبالإضافة إلى هذا، تورد الخبيرة: "يجب أن نعلم أيضاً أن حوض البحر المتوسط ​​يسخن بنسبة 20% أكثر مقارنة ببقية البحار والمحيطات في العالم".

وأوضحت الفرح بأنه "في الصيف السابق بين شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب، جرى تسجيل درجات حرارة أعلى بمقدار 4 إلى 5 درجات عن المعدل الطبيعي. أي ما يعني في علم المناخ، المعدل الذي يُحسب على مدى 30 عاماً".

وتأتي موجة الحرارة هذه في ظل تحذيرات منظمات بيئية وعلماء المناخ من تزايد الظواهر المناخية المتطرفة نتيجة التغير المناخي، وتطالب هذه المنظمات باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحسين استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية لحماية كوكبنا.

TRT عربي