في منطقة أوسكودار بإسطنبول، يصطفّ متطوعون من بلدان مختلفة خارج البلدية للمساعدة في جمع وتنظيم وتقديم المساعدات المادية للمناطق التي ضربها الزلزال.
ياسين عبد الله، مواطن أمريكي من كاليفورنيا، يقطن في تركيا منذ أكثر من عام، يتابع دورة إسلامية لتحفيظ القرآن.
في الأسبوع الماضي، عندما ضرب الزلزال الأجزاء الجنوبية الشرقية من تركيا في الساعات الأولى من صباح يوم 6 فبراير/شباط، استيقظ ياسين على وابل من الرسائل الهاتفية من أقاربه في الوطن للاطمئنان عليه.
وقال في حديثه مع TRTWorld: "كانوا متوترين وخائفين للغاية، وسألوا عما إذا كنتُ بخير"، متذكراً الساعات التي انتشرت فيها أنباء الزلزال بسرعة في جميع أنحاء العالم.
منذ ذلك الحين يتطوع عبد الله في الطابق السفلي لبلدية أوسكودار على الجانب الآسيوي لإسطنبول مع مئات المتطوعين الشباب. يجمعون معاً وينظمون ويعبّئون موادّ الإغاثة، مثل الأطعمة المعلبة والملابس والبطانيات والأحذية وما إلى ذلك، التي ستُسلَّم للمناطق المنكوبة.
قال عبد الله: "بمجرد أن أخبرني صديقي عن ذلك، جئنا إلى هنا ونحاول تقديم المساعدة بقدر استطاعتنا ولأطول فترة ممكنة".
مدين لتركيا
مثل عبد الله، يساعد عشرات المغتربين في منطقة أوسكودار مختلف وكالات الإغاثة والمنظمات غير الربحية، ويعملون لساعات طويلة من أجل تقديم المساعدة للمتضررين من الكارثة.
يقول: "أريد أن أذهب إلى أماكن أخرى يمكنني فيها المساعدة، وأريد التبرع بالدم أيضاً".
عند دخول ملعب كرة السلة التابع للبلدية، يمكنك رؤية أكوام من الصناديق الكرتونية والأكياس المحشوة بالمساعدات كلها جاهزة للنقل. يمكن رؤية مجموعة من نحو 20 متطوعاً يضعون موادّ صالحة للأكل وملابس في صناديق مرتبة حسب الفئات العمرية والجنس.
يقف المتطوعون في صفين متقابلَين ويشكّلون طابوراً طويلاً. إنهم يحملون الصناديق والحقائب ويمرّرونها على طول الخطّ كالموجة حتى يصل كل صندوق إلى مكانه داخل شاحنة النقل المتجهة إلى الجنوب.
منذ الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة على مقياس ريختر، ودمّر آلاف المباني في 10 مقاطعات في جنوب شرق تركيا وعديداً من المناطق في سوريا، تَوحَّد العالم بأسره تقريباً لمساعدة تركيا، ليس فقط في عمليات البحث والإنقاذ، بل أيضاً في مجال المساعدات المادية.
جاء التضامن من عشرات البلدان ومنظمات الإغاثة والأشخاص حول العالم: من رجل أعمال باكستاني مقيم في الولايات المتحدة تَبرَّع دون الكشف عن هويته بـ30 مليون دولار للبلاد، إلى الروهينغيا المضطهَدين الذين يرسلون "هدايا عيد الحب"، إلى المناطق التي مزقتها النزاعات مثل كشمير وفلسطين الذين يعانون بالفعل صعوباتهم المعيشية الخاصة، ويرسلون ما يستطيعون من موادّ الإغاثة.
يتطوع أحمد الماروق ووالده في منطقة أوسكودار منذ الأيام الأولى للكارثة. من سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة، انتقل الأب والابن إلى تركيا في عام 2022، مع أفراد أسرتهما السبعة.
يقول أحمد البالغ من العمر 16 عاماً: "لقد كنا هنا نتطوع منذ اليوم الأول. نحن مدينون لتركيا للسماح لنا بالعيش هنا كأجانب، ونحن دائماً هناك للمساعدة وخدمة المجتمع".
محاولة الحصول على أكبر قدر من التبرعات
يقول أحمد إنه وأفراد أسرته يمارسون الشعائر الإسلامية، لهذا انتقلوا إلى إسطنبول، وهي مدينة بها مسجد في كل زاوية وتزدهر فيها الثقافة الإسلامية بلا عائق.
يُذكر أن عدد قتلى الزلزال، الذي أُطلق عليه اسم "كارثة القرن" في البلاد، وصل إلى 38 ألفاً و44 شخصاً في حين بلغ عدد القتلى في سوريا 5814.
وُلد مصعب حيمور ونشأ في ولاية أريزونا، وكان مستيقظاً عندما ضرب الزلزالان المدمران البلاد في جنوبي تركيا. وكان أحد أصدقائه الذين يعيشون في المناطق المنكوبة اتصل به فور وقوع الكارثة.
يقول: "كان الأمر بمثابة صدمة في البداية، لم أشعر به في الحقيقة، كان من المحزن معرفة ما حدث، كنت قلقاً للغاية على أصدقائي".
يقول حيمور إنه كان يبحث عن طرق للذهاب إلى أماكن أصدقائه ومساعدتهم، لكنه أدرك أن الذهاب إلى هناك سيكون "عصيّاً ومستحيلاً" لأن الزلزال دمّر عديداً من شبكات الطرق.
حيمور يجيد اللغة التركية إذ يدرس ويعمل في تركيا منذ أربع سنوات. مثل مئات المتطوعين الآخرين، كان حيمور يساهم في جهود الإغاثة التي نُظّمت في مركز الإغاثة بأوسكودار.
قال حيمور لـTRTWorld: "من الجميل أن نرى الأطفال والأمهات وكبار السن يساعدون هنا. الجميع يحاول أن يفعل كل ما في وسعه".
"لي أصدقاء في الخليج، وعائلتي في أمريكا، ونحن نتواصل مع أكبر عدد ممكن من الناس للحصول على أكبر قدر ممكن من التبرعات. جمع بعض الإخوة تقريبا 20,000 دولار، والجميع يعمل ويساهم"