بدأ الناشط المقدسي محمد الكرد دفاعه عن منزله وقضيته منذ سن صغيرة جداً، فما يتعرض له هو وعائلته وجيرانه في حي الشيخ جراح من تهجير قسري وطرد على أيدي المستوطنين، يعود إلى زمن قديم جداً.
ففي مارس/آذار عام 2013، وبينما كان عمره لا يتجاوز 14 عاماً، كتب محمد الكرد رسالة مفتوحة إلى رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، باراك أوباما.
نشرت الرسالة صحيفة "الغارديان" البريطانية بعنوان "عزيزي الرئيس أوباما.. أتمنى ألا تسكت"، وفيها ذكر الكرد ما تعرّض له وعائلته في القدس المحتلة على أيدي المستوطنين الإسرائيليين.
وقال الكرد في رسالته: "أنا أعيش في حي الشيخ جراح، ومنذ ما يقرب من أربع سنوات، قام مستوطنون إسرائيليون بطردي أنا وعائلتي خارج جزء من منزلنا، مدعومين بقرارات أصدرتها محكمة إسرائيلية".
وتابع الكرد: "ما حدث جعل الحياة لا تطاق بالنسبة لي ولعشرات الآلاف من الفلسطينيين، فالمستوطنون يستهدفون إحكام السيطرة اليهودية على القدس بأكملها، باستخدام العنف ضد الفلسطينيين".
ووصف الكرد التغيرات التي مرّ بها حي الشيخ جراح تدريجياً "لم أعد أشعر وكأنه حي فلسطيني، فكل اللافتات أصبحت مكتوبة باللغة العبرية، وكذلك الموسيقى التي تسمعها في الأنحاء".
وأوضح أن عائلته أصبحت تتقاسم منزلها قسراً مع مستوطنين إسرائيليين، وقد سبب ذلك خسارات مادية ونفسية كبيرة، وتوتراً وعنفاً ينتجه الاحتكاك اليومي بينهما.
وقال الكرد: "أطفال في مثل عمري وأصغر من ذلك بكثير، يتعرضون لاعتقال واستجواب وضرب ممنهج من الشرطة الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن هذا كله بالإضافة إلى الاعتداء العنيف المستمر من قبل المستوطنين انتزع منه الأمان وأشعره بالتهديد حتى داخل منزله.
وخاطب الرئيس أوباما مباشرة في رسالته قائلاً: "لديك القوة لتغيير ذلك، أبسط ما يمكنك القيام به أن تتحدث عما نمرّ به، ولا تتصرف وكأنك لا تعرف ما نعيشه هنا، فأنا متأكد أنك تعرف جيداً".
وطالبه بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياساتها، مشيراً إلى أنها تستخدم المساعدات الأمريكية العسكرية في قمع الفلسطينيين العزل والاعتداء عليهم في المظاهرات.
وتابع: "آمل أن تتوقفوا عن تقديم مساعدات عسكرية تدعم الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، الذي يستخدمها ضد شعبي الفلسطيني".
وختم الكرد رسالته قائلاً: "نريد استعادة أراضينا كلها، ما يحدث هنا هو ظلم واضح، وإذا كان بوسعي تحقيق أمنية واحدة فستكون استعادة حقوق الجميع، بدايةً من كرة صغيرة سرقوها من صبي يلعب في الشارع، إلى مزرعة كبيرة سرقوها من أحد الجدود".
وأمس الأحد، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن محمد الكرد وشقيقته منى، بعد ساعات من احتجازهما والتحقيق معهما لساعات في أحد المراكز الأمنية بالقدس المحتلة.
ولعب الكرد وشقيقته دوراً مهماً في نقل طبيعة ما يحدث بحي الشيخ جراح إلى العالم، خلال الأحداث الأخيرة التي اندلعت في القدس ومحيطها وامتدت إلى الأراضي الفلسطينية كافة.
وعائلة الكرد من ضمن 12 عائلة في حي "الشيخ جراح" صدرت بحقها أحكام تقضي بتهجير أفرادها من منازلهم لصالح مستوطنين.
وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات "وحشية" إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة.
وامتدّ التصعيد إلى الضفة الغربية المحتلة والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة، استمرت 11 يوماً، وانتهت بوقف لإطلاق النار، فجر 21 مايو/أيار الماضي.