سر يعلمه الجميع.. تعرّف قصة امتلاك إسرائيل ترسانتها النووية / صورة: AFP (Jack Guez/AFP)
تابعنا

عقب تصريحات وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو التي دعا فيها إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، طالبت فلسطين الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ تدابير لـ"تحييد" تهديدات إسرائيلية باستخدام السلاح النووي ضد الفلسطينيين في القطاع.

وفي رسالة بعث بها إلى مدير عام "الطاقة الذرية" رافائيل ماريانو غروسي، اعتبر وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي أقوال إلياهو بأنها "متسقة تماماً مع الخطاب السائد في إسرائيل، وأنه يشكل اعترافاً رسمياً بامتلاك إسرائيل أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل".

وعن فرضية امتلاك إسرائيل للسلاح النووي ورفضها الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "إن إسرائيل تملك حالياً سلاحاً نووياً، ولكن لا تقر بذلك، لأنها تستغل الكذب جيداً". بينما قالت وزارة الخارجية الروسية إنّ تصريحات الوزير الإسرائيلي تثير عدداً من التساؤلات، أبرزها: "هل تمتلك إسرائيل أسلحة نووية؟" و"لو أن الأمر كذلك، فأين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمفتشون النوويون الدوليون؟".

أصل الحكاية

بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أطلق ثلاثة رجال المشروع النووي الإسرائيلي: الزعيم السياسي للبلاد، وكبير علمائه، ورئيسه التنفيذي. اعتقد بن غوريون أن العلماء الإسرائيليين يمكنهم تقديم الحل النهائي لمشكلة إسرائيل الأمنية. إرنست ديفيد بيرجمان، عالم كيمياء عضوية، علّم بن غوريون في المسائل النووية لسنوات عديدة. بينما استغل شمعون بيريز الفرصة الدولية لتحويل الحلم إلى حقيقة.

وجاءت نقطة التحول في أواخر الخمسينيات عندما دخلت إسرائيل في تحالف سري مع فرنسا. وقد وضع هذا التعاون الأساس للبرنامج النووي الإسرائيلي. وزودت فرنسا إسرائيل بالمساعدة التكنولوجية والخبرة اللازمة، في حين زودت إسرائيل في المقابل فرنسا بالمساعدات الزراعية والعسكرية.

وعليه، أصبح مركز الأبحاث النووية في النقب، المعروف باسم منشأة ديمونة، مركز المساعي النووية الإسرائيلية. بدأ البناء في أوائل الستينيات، وبحلول عام 1964، أصبحت المنشأة جاهزة للعمل، وأثارت السرية المحيطة بمفاعل ديمونة الشكوك حول طموحات إسرائيل النووية. وعلى الرغم من حفاظ المسؤولين الإسرائيليين على سياسة الغموض، فإن المجتمع الدولي طالما شكك في حقيقة منشأة ديمونة.

وباستخدام التكنولوجيا والمواد التي توفرها القوى الصديقة أو التي سرقتها شبكة سرية من العملاء، تمكنت إسرائيل من تجميع ترسانة نووية كاملة تحت الأرض ــ التي تقدر الآن بنحو 90 رأساً حربياً بحسب مركز الحد من التسلح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، كما اختبرت قنبلة نووية قبل ما يقرب من نصف قرن، مع الحد الأدنى من الغضب الدولي، أو حتى الكثير من الوعي العام بما كانت تفعله، وفقاً لما نقلته الغارديان.

سر مفضوح

بحسب الصحيفة البريطانية، ظلت إسرائيل تسرق الأسرار النووية وتصنع القنابل سراً منذ الخمسينيات. والحكومات الغربية، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة، تغض الطرف. ورغم أن إسرائيل لم تؤكد قط رسمياً امتلاكها للأسلحة النووية، فإن الغموض لم يمنع الدول الأخرى من الاعتراف بالواقع.

وعلى الرغم من حقيقة أن البرنامج النووي الإسرائيلي ظل سراً مكشوفاً منذ أن كشف عنه الفني الساخط مردخاي فعنونو عام 1986 عندما تحدث عن حقيقة مفاعل ديمونة لصحيفة صاندي تايمز، إلا أن الموقف الإسرائيلي الرسمي لم يؤكد أو ينفي وجوده أبداً.

وقبل عدة سنوات كذلك، ظهرت على السطح مجموعة نفيسة من الملاحظات المكتوبة بخط اليد باللغة العبرية، التي يبدو أنها كانت تحتوي على مقتطفات سرية من تاريخ إسرائيل النووي. وأعطى مصدر لم يكشف عنه المؤرخ الإسرائيلي آدم راز ــ مؤلف كتابين باللغة العبرية عن تاريخ إسرائيل النووي ــ مظروفاً مملوءاً بمذكرات وخطابات وبروتوكولات مكتوبة بخط اليد، وكلها تتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي في الستينيات والسبعينيات، وفقاً لما نقله مركز ويلسون.

"سر شمشون"

تشير سياسة الغموض، أو "خيار شمشون"، كما يُعرف بالعامية في إسرائيل، إلى الغموض المتعمّد الذي تمارسه إسرائيل فيما يتعلق بقدراتها النووية. ويشير هذا المصطلح، الذي سُمي على اسم الشخصية التوراتية شمشون، إلى أن إسرائيل ستستخدم أسلحتها النووية ملاذاً أخيراً إذا واجهت تهديداً وجودياً. ويسمح الغموض المتعمد لإسرائيل بردع الخصوم المحتملين من دون الاعتراف صراحة بترسانتها النووية.

وسبق لصحيفة ذا أتلانتك أن أشارت إلى سياسة عدم التأكيد علناً على ما وصفه أحد الباحثين ذات يوم بأنه أحد "أسوأ الأسرار المحفوظة" في العالم تعود إلى صفقة سياسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في أواخر الستينيات. وكانت النتيجة مساعدة إسرائيل في الحفاظ على وضع عسكري مميز في الشرق الأوسط.

يذكر أن إسرائيل ليست من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي الحقيقة التي أثارت مخاوف وتوجسات على مستوى العالم. وتدعو معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية، إلى نزع سلاح الدول المسلحة نووياً.

TRT عربي
الأكثر تداولاً