في الذكرى الـ569 لفتح مدينة إسطنبول، شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد 29 مايو/أيار، في حفل غرس أولى الشتلات في "حديقة الشعب" بمدينة إسطنبول، والتي تعد الكبرى في تركيا والخامسة على مستوى العالم.
وتبلغ مساحة الحديقة الواقعة على أرض مطار أتاتورك وسط مدينة إسطنبول، 5 ملايين و61 ألف متر مربع. فيما سيبلغ إجمالي عدد الأشجار والشتلات في الحديقة 145 ألفاً و300 شجرة وشتلة، وهو رقم مستلهم من عام فتح إسطنبول (1453).
ومن المقرر إزالة المرافق القديمة للمطار من مبانٍ ومخازن، أو ترميمها وتخصيصها للمعارض المحلية والدولية وتحويلها إلى مراكز علمية للشباب لتعليم البرمجة وتصميم الروبوتات. وبينما ستحتوي حديقة الشعب بإسطنبول على متاحف ومعارض ومسارح، سيحرص القائمون على تصميم حديقة الشعب، على جعلها ملاذاً آمناً لسكان المدينة في حال حدوث زلزال أو كوارث طبيعية.
حدائق الشعب التركية
في أواخر عام 2018، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته في حفل افتتاح حدائق الشعب في اسطنبول: "مشروع حدائقنا الوطنية هو أحدث نتاج لفهمنا للتنافس في الأعمال الجيدة وقد احتضنته أمتنا بحماس كبير. سنواصل العمل بلا كلل مع حدائقنا الوطنية وغرس الأشجار والأنشطة الأخرى حتى نجعل تركيا، وخاصة مدننا، أكثر خضرة ".
وأضاف قائلاً: "نأمل أن نحضر حديقة وطنية واحدة على الأقل لكل مدينة من مدننا. بهذه المشاريع وحدها، زدنا نصيب الفرد الواحد في إسطنبول من المساحات الخضراء بنسبة 10%. نأمل، عندما نفتح حديقتنا الوطنية في مطار أتاتورك، أن يكون هذا المعدل أعلى من ذلك بكثير".
وفي معرض الإعراب عن مضاعفة نصيب الفرد من المساحات الخضراء في المدينة خلال 16 عاماً، قال الرئيس أردوغان: "لقد حرصنا على زراعة عديد من الأشجار مقابل كل شجرة اقتلعت من أجل مشاريع مختلفة. في العام الماضي فقط (2017)، زُرعت 180 ألف شجرة جديدة في هذه المدينة (إسطنبول). كما عاملنا مدننا الـ81 بنفس الفهم وزدنا أصولنا الحراجية بمقدار 1.5 مليون هكتار".
الهدف 81 مليون متر مربع
صرح وزير البيئة والتخطيط الحضري مراد كوروم أنهم فخورون ومتحمسون وسعداء بتقديم حدائق الشعب التي تجمع المدن والأشخاص بالطبيعة. وأشار إلى أنهم مستمرون في العمل في 207 حدائق وطنية بقيمة استثمارية تقارب 14 مليار ليرة تركية في مساحة 45 مليون متر مربع في 72 محافظة.
فيما يقول الموقع الإلكتروني لحدائق الشعب، إن وزارة البيئة والتخطيط الحضري تهدف إلى إنشاء 81 مليون متر مربع من حدائق الشعب في عموم المحافظات التركية البالغ عددها 81 محافظة. ويشير الموقع إلى أنهم انتهوا من إنشاء 15 مليون متر مربع من حدائق الشعب، وأن قرابة 16مليون متر مربع آخرين قيد التشجير والبناء حالياً.
وفي العادة تخصص حدائق الشعب للتنزه، إذ لا تحوي بالعادة أي وسيلة تنقل أسرع من المشي، حرصاً على التنزه الآمن للأطفال والأمهات والمسنين. وللحفاظ على نمط وثقافة الحدائق التركية، تحتوي حدائق الشعب بالعادة على نبع ماء ووادٍ على طول الحديقة.
إحياء حدائق الماضي
في الأناضول، حيث شوهدت المستوطنات منذ العصر الحجري القديم (12000 قبل الميلاد)، بدأت السمات الطبيعية والظروف البيئية في التعبير عن نفسها من خلال ممارسات فناء الفضاء المفتوح. كما اعتبرت المعابد في الهواء الطلق في نفس الفترة مؤشراً على أن الطبيعة والمساحة المفتوحة مهمة لجميع أنواع الاستخدامات، وخاصة الأنشطة والطقوس الدينية.
خلال الفترة التي حكمت فيها الإمارة التركية الأولى في الأناضول، والتي تسمى العصر التركي المبكر، كانوا في تفاعل مستمر مع الطبيعة، وبالتالي استخدموا الطبيعة بشكل فعال في جميع الفصول. فيما كان نموذج "حديقة الجنة"، الذي يتميز بالمياه والفواكه والخضرة والبرودة والهدوء، حيث تحتوي مباني القصر الصيفي والشتوي التي جرى بناؤها خلال الفترة السلجوقية على عديد من الأفنية وترافقه حدائق الورود باعتبارها انعكاسات لحديقة الجنة.
وفي العصر العثماني، ظهرت مدن الأناضول التي تطورت حول القصور على شكل مدينة حدائق ولها نسيج أخضر كثيف. ففي هذه الفترة، بالإضافة إلى حدائق القصر والحدائق الخاصة والساحات، كان نظام أخضر يتكون من الساحات والحدائق الداخلية والخارجية ومناطق الترفيه والمروج وكروم العنب والبساتين والمقابر. ففي قصر طوبقابي، كمركز رمزي وإداري، تضمَن عديد من الساحات والأفنية والممرات والنوافير والأشجار. وبينما كانت حدائق للاستخدامات الخاصة التي تعود إلى السلطنة، مثل بستان التين وحديقة الفيل. وفي المكان المعروف اليوم باسم حديقة كُلهانة، كانت حدائق للخضر والفواكه. بالإضافة إلى وجود مبانٍ وحدائق بها عديد من الحيوانات البرية والطيور في هذه المنطقة.
وفي أواخر العهد العثماني، وخاصة مع التواصل الفعال مع المهندسين المعماريين والبستانيين الغربيين والأجانب المشاركين في بناء القصر وتصميمات الحدائق، تأثرت الحدائق بأنماط مثل الباروك والروكوكو والطراز الإمبراطوري.